المعتدي يتحوّل إلى ضحية.. قصة الشاب المقدسي سنان بركات | سياسة
القدس المحتلة- تحت تأثير التخدير يرقد الشاب سنان بركات أبو الفيلات، في قسم العناية المكثفة بمستشفى “شعاري تسيديك” الإسرائيلي غربي القدس، بعدما وُصِفت إصابته بالخطيرة نتيجة إطلاق الرصاص الحي تجاهه ووالده، بينما كانا يغلقان حانوتهما في سوق البازار بالبلدة القديمة من المدينة.
الجزيرة نت تابعت قصة سنان واستمعت لرواية شقيقه أنس، وهو أحد شهود العيان على الحادثة. وقال إنه كان مع شقيقه ووالده يستعدون لإغلاق الحانوت في نهاية يوم عملهم وبدؤوا بإدخال البضائع، ففوجئوا بهجوم مجموعة من المستوطنين عليهم وضربهم وشتمهم.
وبمجرد توافد جيران عائلة أبو الفيلات من التجار، استنفر المستوطنون وهيأ أحدهم سلاحه وأطلق النار في الهواء، وقام آخر بإطلاق النار مباشرة تجاه ذراع سنان ببندقية (إم 16)، وباغته الثالث برصاصة في ساقه، ثم اعتدوا على كافة المتواجدين بالضرب.
اعتقال الضحية
وبمجرد وصول الشرطة الإسرائيلية، نُقل سنان إلى المستشفى وتحول -في غمضة عين- إلى معتقل ومُنعت عائلته من رؤيته والتواجد معه، وبعد 20 ساعة تمكّن محاموه من انتزاع قرار بالإفراج عنه.
ووفقا لشقيقه أنس، فإن “الأطباء قالوا إن وضع سنان مستقر بعد خضوعه لعملية جراحية استمرت 6 ساعات، وإنه سيخضع لعمليتين جراحيتين إضافيتين في ساقه وذراعه”.
وبينما يؤكد أنس -الذي اعتُقل لساعات وأفرج عنه بشرط الإبعاد عن البلدة القديمة- أن الهجوم والإصابات نُفذت على أيدي مستوطنين، سارعت شرطة الاحتلال بعد وقوع الحادث الأربعاء إلى اعتبار أن ما حدث شجار نشب بين المقدسيين “و4 شبان كانوا يسيرون في الشارع مسلحين”، وهم جندي نظامي وجنديان من قوات الاحتياط ورابع مدني، إلا أن مقاطع فيديو انتشرت أظهرت أن جميع المستوطنين يرتدون زيّا مدنيا، ولا أحد منهم كان على رأس عمله كجندي.
وتؤكد وقائع الحادثة أن المستوطنين سواء كانوا على رأس خدمتهم العسكرية أم خارجها فهم يتعاملون مع المقدسيين بسياسة اليد الخفيفة على الزناد، كما تتعامل بموجبها شرطة وجيش الاحتلال على مدار الساعة أيضا.
قانونُ تسليحِ المستوطنينَ.. هلْ يصبُّ بن غفير الزيتَ على النارِ؟ pic.twitter.com/FQ3xBk5P4x
— Aljazeera.net • الجزيرة نت (@AJArabicnet) February 4, 2023
نتاج حملة تسليح
وكان وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير أطلق نهاية العام الماضي حملة لتسليح الإسرائيليين، من بينهم المستوطنون في الضفة الغربية، بداعي توفير الحماية من الهجمات الفلسطينية.
وحسب تقارير إعلامية سابقة تقدم 250 ألف إسرائيلي بطلبات للحصول على رخص حمل السلاح بعد عملية طوفان الأقصى وفق أرقام ما تُسمى “لجنة الأمن الوطني”، في حين تزايد الإقبال على مراكز التدريب على استخدام السلاح، وحصل الآلاف من الإسرائيليين على سلاح لأول مرة.
وفي تعقيبه على الحادثة التي أُحيل على إثرها 4 مقدسيين إلى المستشفيات وأُطلق بالمقابل سراح المعتدين، قال مدير مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية زياد الحموري إن تسليح المستوطنين بشكل جنوني، وإطلاق يدهم للضغط على أسلحتهم باستهتار هو إحدى أدوات حسم الديمغرافيا في القدس لصالح اليهود.
ويوضح الحموري “يمكننا القول الآن إن الديمغرافيا يُراد حسمها في المدينة بقوة السلاح، لأن المليشيات التي شكلها الوزير إيتمار بن غفير وعملت بكل وحشية في الضفة الغربية يُخشى أنها بدأت تنشط الآن في القدس، وهذه العشوائية في التسليح وتسهيل القتل ستُضاف إلى عوامل أخرى تهدف لتفريغ المدينة من الفلسطينيين”.
وتطرق الحموري إلى أن الضوء الأخضر والحماية للشرطي والجندي والمستوطن يوفرها الوزير المتطرف بن غفير، الذي ذهب إلى أبعد من ذلك، عندما أعلن عن منح مكافآت لأفراد شرطة بعد قتلهم فلسطينيين.
جنود إسرائيليون بزي مدني يطلقون النار على التاجر المقدسي بسام بركات ونجله سنان، في البلدة القديمة بالقدس المحتلة، حيث أصيب بسام ونجله واثنان آخران بجراح متوسطة.
وكانت قوات الاحتلال أفرجت عن التاجر بسام بعد اعتقاله ليوم كامل وهو مصاب، بشرط الحبس المنزلي وشروط مقيدة أخرى، وفق بيان… pic.twitter.com/J8I88NMFTu
— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) June 13, 2024
عبء إضافي
وجاءت حادثة إطلاق الرصاص الأخيرة على يد المستوطنين في البلدة القديمة لتثقل كاهل التجار، وتزيد قتامة الوضع الاقتصادي للأسواق في الأيام التي كان ينتظر فيها التجار انتعاشا طفيفا قُبيل حلول عيد الأضحى.
عن هذه الجزئية يقول الحموري “الوضع داخل القدس العتيقة خطير وحساس، وهذه الحادثة ستؤثر حاليا ومستقبلا على الحركة الشرائية، خاصة أن الكثير من المقدسيين يتجنبون الوصول إلى الأسواق الواقعة داخل سور القدس التاريخي منذ 7 أكتوبر (بدء العدوان على غزة) خوفا من الاعتداءات والتنكيل”.
وختم الحموري حديثه للجزيرة نت، بالقول إن تجفيف أسواق القدس ودبّ الرعب في قلوب أهلها بات سياسة إسرائيلية متبعة منذ سنوات قبيل حلول الأعياد والمناسبات الدينية، خاصة في شهر رمضان بهدف إرهاق التجار، ودفعهم للهجرة طوعا من أسواق البلدة القديمة بالتحديد، التي تضم 1372 حانوتا.