مهلة و3 خيارات أمام العراقيين لتسليم أسلحتهم للسلطات الأمنية | سياسة
بغداد- لطالما تعالت الأصوات في العراق للمطالبة بحصر السلاح بيد الدولة، ولطالما سعت الأجهزة الأمنية إلى جمع السلاح المنفلت، قبل أن تبوء مساعيها بالفشل.
لكن وزارة الداخلية العراقية وضعت هذه المرة شروطا قاسية، ومنحت المواطنين مهلة حتى نهاية العام الجاري لتسجيل أو تسليم السلاح الذي بحوزتهم.
وحددت وزارة الداخلية 3 خيارات أمام مالكي السلاح في العراق تتمثل بتسجيل السلاح الخفيف، وبيع المتوسط إلى الدولة، وتسليم الثقيل، مشيرة إلى أن من يضبط لديه سلاح ثقيل بعد انتهاء الفترة المحددة سيتعرض للحكم بالسجن المؤبد.
وتشمل الأسلحة الخفيفة المسدسات بأنواعها وكذلك البنادق من نوع كلاشنكوف وما يوازيها، في حين تشمل الأسلحة المتوسطة الرشاشات من أنواع “بي كيه سي”، و”آر بي كيه” وما هو في حجمها والقنابل اليدوية، وتشمل الثقيلة مدافع الهاون والقاذفات من نوع “آر بي جي” والتي تطلق عادة عن بعد لمسافات محدودة.
وبحسب المتحدث باسم لجنة تنظيم وحصر السلاح بيد الدولة في الوزارة العميد زياد القيسي، فإن هناك عقوبات قاسية لمن يحتفظ بالسلاح الثقيل ويرفض تسليمه للداخلية، محذرا من أن إلقاء القبض على من يمتلك هذا النوع من السلاح سيعرض نفسه إلى الإحالة القضائية وفق المواد القانونية، والتي قد تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد.
وأشار القيسي -في بيان- إلى أن الوزارة باشرت بإنشاء “بنك معلومات” عن الأسلحة، وبعدها بدأت عملية تسجيل الأسلحة الخفيفة بالنسبة للمواطنين.
ثم أطلقت الوزارة -بحسب المتحدث- مرحلة شراء الأسلحة المتوسطة من المواطنين وتشمل رشاشات “بي كيه سي” و”آر بي كيه” بأسعار حددت من قبل الوزارة ما بين 3 إلى 5 ملايين دينار عراقي (ألفان إلى 3500 دولار)، كما تم تخصيص مليار دينار عراقي (750 ألف دولار) لكل قيادة شرطة في 15 محافظة باستثناء إقليم كردستان.
وتم تخصيص لجان لتخمين الأسلحة وفحصها بحسب القيسي، مشيرا إلى أن هذه المرحلة تنتهي بنهاية العام الحالي، داعيا المواطنين ممن يمتلكون السلاح الخفيف من البندقية أو بندقية صيد أو مسدس إلى تسجيله عن طريق منصة أور (تطبيق إلكتروني).
تعاون الأهالي
وعن طبيعة تعاون المواطنين في هذا الشأن، يقول أبو سارة -وهو رجل خمسيني يسكن أحد أحياء بغداد الشرقية- أن لديه بندقيتين روسيتي الصنع من نوع كلاشنكوف سبق أن اشتراهما من السوق السوداء بهدف الحماية الشخصية ما دام يشعر هو وعائلته بوجود خطر محيط بسبب النزاعات العشائرية ووجود عصابات الجريمة المنظمة.
ويؤكد أبو سارة -للجزيرة نت- أنه لا يمانع بيع إحدى البندقيتين للدولة والاحتفاظ بالأخرى، على أن يتم ترخيصها من قبل وزارة الداخلية، والهدف هو الدفاع عن النفس في حال التعرض للخطر.
بدوره، يقول أبو منتظر -وهو شاب ثلاثيني يسكن إحدى مناطق جنوبي العراق- للجزيرة نت إن أغلب العشائر لديها أسلحة متوسطة مثل الرشاشات والقاذفات وحتى القنابل اليدوية والهاونات تستخدمها عند اندلاع النزاعات العشائرية بسبب الخلافات على قطع الأرض في المناطق الريفية أو بسبب مشاكل اجتماعية أخرى.
ويضيف أبو منتظر أن هناك من يرغب في بيع الفائض من تلك الأسلحة أو المستهلك منها إلى الدولة، ومنهم من باع فعلا، لذلك فإن الأمر يحتاج إلى حملة حقيقية من قبل الدولة يقابلها تعاون من قبل الأهالي أو مالكي تلك الأسلحة.
مليارات الدنانير
وخصصت وزارة الداخلية مراكز لشراء السلاح من المواطنين في عموم البلاد بواقع 697 مركزا تديرها لجان متخصصة لحصر وتنظيم السلاح بيد الدولة، بحسب المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد مقداد الموسوي.
ويقول الموسوي للجزيرة نت إن الوزارة أصدرت رخص حيازة السلاح في عدد من المحافظات، وإن حجم الأموال المرصودة من الحكومة تصل إلى مليار دينار (750 ألف دولار) لكل محافظة كدفعة أولى، أما العاصمة فقد خُصص لها مليارا دينار.
ولفت إلى أن وزارته ستتعامل مع الأسلحة التي لم يتم شراؤها على أنها أسلحة خارجة على القانون في حال انتهاء المدة المحددة، وستكون هنالك إجراءات قانونية وعمليات تفتيش وأوامر قضائية لحصر هذا السلاح وتنظيمه والسيطرة عليه.
ولم يحدد الموسوي عدد قطع السلاح التي بحوزة الجماعات المسلحة أو العشائر أو المواطنين العاديين، لكن خبيرا أمنيا أكد أن قطع السلاح -سواء كان خفيفا أو متوسطا أو ثقيلا- تقدر بنحو 10 ملايين قطعة متنوعة المصادر، بين مسروقة من الدولة على مدى السنوات الماضية وبين ما دخل منها البلاد عبر التهريب.
ويقول الخبير الأمني صفاء الأعسم للجزيرة نت إن القرار الذي اتخذته الحكومة مهم واحترازي من خلال حملات التفتيش وتفعيل الجهد الاستخباري، خاصة أن السلاح الذي لم يسلم يعتبر صادرا من جهات مجهولة، وأي سلاح متوسط أو ثقيل لا يمكن أن يباع لمواطن عادي فهو إما مسروق من الدولة -خاصة بعد فوضى عام 2003- أو مهرّب بشكل غير رسمي.
وأوضح أن السلاح متوفر في الشارع بشكل كبير جدا على مستوى المليشيات والعشائر الكبيرة، لذلك لا بد من الحد من انتشار السلاح والإساءة إلى أمن الدولة.
تحدٍ كبير
وعن حجم السلاح المنفلت في البلاد، يبين الأعسم أنه ليس هناك إحصاء رسمي بهذا الشأن، لكن في كل بيت عراقي توجد قطعة سلاح واحدة على الأقل.
ويعد السلاح المنفلت في العراق من أكبر التحديات التي تواجه الحكومات المتعاقبة، لما له من تأثيرات على الأمن المجتمعي وعلى الاقتصاد الوطني والاستثمار.
وسبق لرئيس الحكومة محمد شياع السوداني أن أورد في منهاجه الوزاري فقرة تخص السيطرة على السلاح المنفلت وحصره بيد الدولة، وهي الفقرة ذاتها التي وردت في جميع البرامج الحكومية لرؤساء الحكومات السابقة، لكنها لم تجد طريقها للتنفيذ، خاصة أن تجارة السلاح تزدهر بشكل عام في جميع المحافظات، وكذلك في العاصمة بغداد حيث تتركز هذه التجارة في أطراف مدينة الصدر، فيما يعرف محليا بسوق مريدي.