ما سرّ ثقوب المريخ التي حيرت العلماء؟ | علوم
منذ عقود عدة حظيت الثقوب الموجودة على سطح المريخ باهتمام كبير من العلماء، ليس فقط لأنها توفر بيانات ممتازة عن جيولوجيا الكوكب الأحمر، ولكن كذلك لأنها ربما تكون يوما ما أفضل مكان يمكن لرواد الفضاء السكن فيه.
ولا تزال هذه النوعية من الثقوب إلى الآن غير مفهومة كليا، لكنّ العلماء يعتقدون أنها لا تختلف كثيرا عن نفس نوعية الثقوب على الأرض أو القمر، والتي تتكون على هيئة أنابيب أو أنفاق كانت الحمم البركانية تتدفق فيها قبل مليارات الأعوام، ثم نضبت البراكين تاركة تلك الأنفاق خلفها.
وربما تكون هذه الثقوب مداخل لكهوف تحت سطح الأرض، ومن الممكن أنها تكونت نتيجة نشاط بركاني أو عمليات جيولوجية أخرى أو اصطدام النيازك بالمريخ، أو ربما تكون مجرد بقايا انهيار أرضي بسبب ضعف البنية الصخرية في بعض مناطق سطح الكوكب.
ثقوب عجيبة
والتقطت الأقمار الصناعية (مثل المركبة المدارية لاستطلاع المريخ التي انطلقت في 2005) صورا عالية الدقة لبعض هذه الثقوب، وأوضحت الكثير عن تركيبها الداخلي، وبشكل خاص أعطت كاميرا هايرايز على متن المركبة العلماء فرصة لدراسة الفوهات المريخية حديثة التكوين بتفاصيل غير مسبوقة.
ووجد العلماء واحدا من أشهر الثقوب التي رصدتها كاميرا هايرايز في “بافونيس مونس”، وهو بركان درعي كبير يقع في مِنطقة ثارسيس على كوكب المريخ.
ويبلغ عرض هذا الثقب نحو 35 مترا، في حين تشير زاوية الظل الساقط داخله إلى أن عمقه يبلغ نحو 20 مترا. وبحسب وكالة الفضاء الأميركية “ناسا”، يظل سبب وجود حفرة دائرية أكبر تحيط بهذه الحفرة موضوعا للتكهنات.
ثقب آخر نال اهتمام العلماء، فمنذ عقدين تقريبا وُجد هذا الثقب في بركان “أرسيا مونس” -وهو واحد من ثلاثة براكين خاملة في مِنطقة ثارسيس كذلك- بقطر 100 متر، ويمثل هذا الثقب أعجوبة مريخية أخرى نظرًا لأنه يفتقر إلى حافة مرتفعة، وبالتالي استبعد العلماء أن يكون بسبب تصادم نيزكي، وربما كان نفقا جرت فيه البراكين قديما، أو أنه نتج عن انهيار صخري طبيعي.
وفي المنطقة نفسها رصد باحثون من جامعة أريزونا الأميركية ثقبا شبيها يعكس نشاطا تكتونيا أو بركانيا حديثا نسبيا يبلغ عرضه بضعة أمتار فقط، والتقطت صوره كذلك من المركبة المدارية لاستطلاع المريخ، ويعتقد فريق جامعة أريزونا أن حفرة كهذه يمكن يوما ما أن تمثل ملجأ لرواد الفضاء.
ملاجئ الفضاء
تمتلك هذه الثقوب أهمية خاصة بالنسبة للعلماء الذين يدرسون إمكانية سفر البشر إلى المريخ مستقبلا، لأن كهوفها الداخلية محمية نسبيا من مناخ المريخ القاسي، فمتوسط درجة الحرارة على هذا الكوكب هي في حدود -53 درجة مئوية، مع غلاف جوي غير قابل للحياة.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للأنفاق أن تحمي جسد رواد الفضاء بشكل أكبر من الأشعة الكونية وأشعة الشمس الضارة التي تخترق غلاف المريخ الخفيف بسهولة، ولذا يقترح فريق من الباحثين أن تصبح أهدافا رئيسية للمركبات الفضائية والروبوتات مستقبلا.
كما أن العلماء في هذا النطاق يريدون تحقيق فهم أفضل لتوزيع الجليد (وربما المياه) تحت سطح المريخ، وهي موارد ربما يمكن أن تتوفر داخل تلك الثقوب، ويعد أمرا ضروريا للتخطيط للوجود البشري المستدام على المريخ في المستقبل المتوسط إلى البعيد.
ويأتي ذلك في سياق صعوبة سفر الموارد للمريخ، ويكفيك أن تعرف أن نقل قالب طوب واحد فقط إلى هناك يكلف بالتقنيات الحالية أكثر من مليوني دولار، ولذا يفضل أن يستغل العلماء كل الموارد المتاحة على سطح الكوكب الأحمر.