وصفت بعملية “تطهير”.. استمرار الاعتقالات بوزارة الدفاع الروسية | سياسة
مراسلو الجزيرة نت
موسكو– أمر القضاء العسكري في روسيا، اليوم الخميس، باعتقال رئيس دائرة الاتصالات في الجيش الفريق فاديم شامارين، الذي يشغل كذلك منصب نائب رئيس هيئة الأركان العامة الروسية، حيث نص القرار الصادر عن المحكمة باعتقاله لمدة شهرين على ذمة التحقيق، بتهمة تلقي رشاوى بمبالغ كبيرة.
وينص البند السادس من المادة 290 في القانون الجنائي الروسي على أن أقصى عقوبة على جرائم تقاضي رشوة بحجم ضخم جدا (أي لا تقل عن 11 ألف دولار) تصل إلى السجن 15 سنة.
مفارقة الاعتقالات
يبلغ شامارين من العمر 52 عاما، وعين رئيسا لمديرية الاتصالات الرئيسية للقوات المسلحة الروسية، ونائبا لرئيس الأركان العامة عام 2021، وقبل ذلك، خدم في المنطقة العسكرية الشرقية، حيث شغل منصب رئيس الاتصالات ونائب رئيس الأركان، وهو حاصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الثانية.
ومن اللافت أن تعيين شامارين في منصبه الكبير جاء بعد اعتقال سلفه خليل أرسلانوف في قضية احتيال وفساد متعلقة بتوريد معدات للقوات المسلحة عام 2020، وتلقي رشوات بقيمة إجمالية تبلغ نحو مليار دولار في أثناء تنفيذ عقد حكومي لصيانة وإصلاح معدات عسكرية خاصة، في قضية ما زالت التحقيقات فيها متواصلة حتى اليوم.
وخلال الشهر الماضي، تم اعتقال عديد من المسؤولين العسكريين رفيعي المستوى في روسيا، من بينهم نائب وزير الدفاع تيمور إيفانوف، ورئيس قسم شؤون الموظفين في الإدارة العسكرية يوري كوزنتسوف، والقائد السابق للجيش الـ58 للمنطقة العسكرية الجنوبية إيفان بوبوف.
في هذا السياق، كان المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أكد -في تعليق له على الاعتقالات في وزارة الدفاع- أن روسيا تحارب الفساد بشكل منهجي، وهي عملية متواصلة وليست حملة.
دواعي الحرب
يشار إلى أن الرئيس فلاديمير بوتين أعلن بعد تنصيبه لولاية رئيس جديدة أن تعيين وزير الدفاع الجديد أندريه بيلوسوف، الذي شغل سابقا منصبي النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير التنمية الاقتصادية، يرجع في جزء كبير منه إلى ارتفاع الإنفاق الدفاعي، مشيرا إلى أن بيلوسوف “يفهم جيدا ما يجب القيام به حتى يتناسب اقتصاد وزارة الدفاع مع الاقتصاد العام للبلاد”.
وبرأي الكاتب في الشؤون العسكرية والأمنية فيتالي ماركوف، فإن اعتقال شامارين، والذي أصبح الرابع ضمن سلسلة اعتقالات لكبار القادة العسكريين، لن يكون الأخير وأن حملة ما وصفها بـ”التطهيرات” ستستمر.
وفي حديث للجزيرة نت، ذكّر ماركوف بتصريحات سابقة للرئيس بوتين أكد فيها أن الحرب ضد الفساد ستشن، بغض النظر عن المنصب والرتبة.
وتابع بأن ما يحصل الآن هو أن وزير الدفاع الجديد بيلوسوف باشر منذ اليوم الأول لعمله الجديد مراجعة الوزارة التي عُهدت إليه، والتي تعد اليوم الوزارة الأهم في البلاد، إذ تتطلب أن يكون كل شيء فيها واضحا وشفافا.
ووفق ماركوف، فإن وزير الدفاع يتعامل بنظرية أنه “يمكنك ارتكاب الأخطاء، لكن لا يمكنك الكذب”، بمعنى أن التورط بالفساد في مرحلة الحرب والعقوبات باتت خطوطا حمراء بالنسبة للدولة أكثر من أي وقت مضى.
كما لفت إلى عامل السرعة في عمليات اعتقال المتورطين، مرجحا أنها جاءت بعد تحريات “عاجلة ودقيقة” سبقت تعيين وزير الدفاع الجديد، إذ إنه في نفس اليوم الذي عين فيه لهذا المنصب تم اعتقال رئيس دائرة شؤون الموظفين بوزارة الدفاع الروسية الفريق يوري كوزنتسوف.
“عملية التطهير”
من جانبه، يشير المحلل السياسي مارات بشيروف إلى أن الأخبار المتعلقة بالاعتقالات في وزارة الدفاع لا تثير الدهشة الآن، بل أصبح السؤال حول مسألة عدد الأشخاص الذين ستكتسحهم “المكنسة الجديدة” في الوزارة، حسب تعبيره.
وفي الوقت الذي يستبعد فيه وجود خلفية لجهة التخلص من الأشخاص “غير المناسبين” تحت شعار الفساد، يوضح أن شامارين -على سبيل المثال- أُوقف على خلفية كثير من الشكاوى التي رفعت ضده حول الاحتيالات وتلفيق التقارير التي لا تتطابق مع الواقع، علاوة على إصدار قرارات تنظيمية دون أسس منطقية لها، مما أدى للإضرار بتنظيم الاتصالات في القوات المسلحة، وغيرها من “الفضائح”.
وحسب رأي المحلل نفسه، فإن الحديث عن وجود أبعاد أخرى لعملية “التطهير” الجارية حاليا في وزارة الدفاع ينبع من الربط بين إقالة وزير الدفاع السابق سيرغي شويغو وكون الاعتقالات التي تبعت ذلك شملت شخصيات رفيعة المستوى، تصنف بأنها ترتبط مع الوزير السابق بعلاقات جيدة، في حين أن نشاط الأجهزة الأمنية على خط عملية متابعة المتورطين بقضايا فساد يشير إلى عملية تدقيق واسعة النطاق تجريها “غرف الحسابات” في أقسام الوزارة كافة.
ويختم بأن ما يجري حاليا هو بناء نموذج جديد تماما لإدارة المؤسسات العسكرية، يتضمن إمداد القوات وتزويدها بالمعدات العسكرية والذخيرة، وهو ما يعني أن عمليه “التطهير” باتت أمرا لا مفر منه.