نعمت شفيق.. حاولت إخماد اعتصام في جامعتها فأشعلت جامعات العالم | الموسوعة
نعمت شفيق أكاديمية أميركية بريطانية مصرية الأصل، ولدت عام 1962، وحصلت على الدكتوراه عام 1989. تدرجت في مناصب عديدة، وأصبحت رئيسة جامعة كولومبيا سنة 2023، فكانت أول امرأة تتقلد هذا المنصب.
ثار حولها جدل كبير نتيجة استدعائها الشرطة لفض اعتصام أقيم داخل الجامعة لتأييد الفلسطينيين، والمطالبة بسحب استثمارات الجامعة في شركات مؤيدة لإسرائيل، وأدى هذا القرار إلى اعتقال أكثر من 100 طالب، وانتقال الاحتجاجات والاعتقالات إلى جامعات أخرى.
المولد والنشأة
ولدت نعمت شفيق في محافظة الإسكندرية المصرية في الخامس من فبراير/شباط 1962، وعرفت باسم “مينوش” واشتهرت به.
انتقلت مع أسرتها عام 1966 حينما كانت في الرابعة من عمرها للعيش والحياة في الولايات المتحدة، وذلك بعدما تعرضت ممتلكات أسرتها للتأميم في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، بحسب ما ورد في موقع جامعة كولومبيا على الإنترنت.
استقر المقام بأسرتها أولا في سافانا بولاية جورجيا، وخلال طفولتها، عاصرت أحداثا واضطرابات اجتماعية وسياسية كبيرة بأميركا، على رأسها حرب فيتنام، وظهور حركة الحقوق المدنية.
اضطرت مع أسرتها إلى تغيير مكان إقامتها أكثر من مرة، بسبب محاولات السلطات الأميركية تحقيق ما أسمته بـ”التوازن بين الطلاب السود والبيض في الفصول الدراسية”، بحسب ما ورد في مقال لنيكولاس أوين في مجلة التمويل والتنمية التابعة لصندوق النقد الدولي. وساهمت هذه التطورات والتغييرات التي عاشتها في تشكيل اهتماماتها وتوجيهها نحو السياسات العامة والعلاقات الدولية.
وجهت في خطاب تنصيبها رئيسة لجامعة كولومبيا شكرا كبيرا لوالديها، وقالت إنها مدينة لوالدتها بالكثير لدعمها الدائم لها، إذ كانت تأخذها إلى المكتبات المحلية المختلفة في طفولتها لإشباع شغفها بالقراءة والتعلم.
بينما قالت عن والدها إنه “سيد المهام الصعبة”، وإنه كان يحفزها، ويقول لها دائما “يمكنهم أن يسلبوا منكِ كل شيء باستثناء تعليمك”.
قضت نعمت شفيق جانبا كبيرا من حياتها المهنية بين لندن وواشنطن، وتزوجت عام 2002 في واشنطن من عالم الأحياء الجزيئية رافائيل جوفين، وأنجبت منه طفلين توأم، إضافة إلى رعايتها 3 أبناء آخرين لزوجها.
تتحدث نعمت الإنجليزية والعربية، وتحمل الجنسية المصرية إلى جانب البريطانية والأميركية.
الدراسة والتكوين العلمي
التحقت نعمت بعدد من المدارس في فلوريدا وجورجيا وكارولينا الشمالية، وتخرجت بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف من جامعة ماساتشوستس-أمهيرست بتخصص بكالوريوس في الاقتصاد والسياسة عام 1983.
أكملت الدراسات العليا في بريطانيا، فحصلت على درجة الماجستير من كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية عام 1986، ثم الدكتوراه في الاقتصاد من كلية سانت أنتوني بجامعة أكسفورد عام 1989.
التجربة العملية والمهنية
بدأت نعمت شفيق حياتها المهنية بعد حصولها على الشهادة الجامعية، فعملت في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في مصر والسنغال، وشغلت فيها عدة مناصب لمدة 3 سنوات من عام 1983 إلى 1986.
انتقلت بعدها إلى جامعة أكسفورد وهناك عملت محاضرة ثم باحثة منذ عام 1987 وحتى 1991، وبالتوازي مع عملها باحثة عملت في البنك الدولي في واشنطن منذ 1989 وحتى 2004، تدرجت خلالها في عدة مناصب، إلى أن أصبحت نائب رئيس البنية التحتية.
شغلت منصب المدير العام للبرامج القطرية في إدارة التنمية الدولية في المملكة المتحدة منذ عام 2004 إلى 2008، ثم أصبحت الأمين الدائم للإدارة ذاتها منذ عام 2008 إلى 2011.
انتقلت بعدها إلى صندوق النقد الدولي لتشغل منصب نائب المدير العام منذ 2011 وحتى 2014.
شغلت منصب نائب محافظ بنك إنجلترا المركزي لمدة 3 سنوات، من 2014 إلى 2017، وجاء ذلك تزامنا مع تصويت بريطانيا عام 2016 لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، وتولت وقتها الإشراف على ميزانية عمومية حجمها 605 مليارات دولار، بحسب أرقام الموقع الإلكتروني لجامعة كولومبيا.
في عام 2017، عادت شفيق إلى الأوساط الأكاديمية رئيسة لكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، وفي 18 يناير/كانون الثاني 2023، اختيرت لرئاسة جامعة كولمبيا، وأصبحت أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ الجامعة.
إضافة إلى ما سبق، كانت أستاذة جامعية مساعدة، وأستاذة زائرة في عدة جامعات دولية. كما شغلت عدة مناصب أخرى منها:
- نائب رئيس أمناء المتحف البريطاني.
- عضو مجلس إدارة المجلس الإشرافي لشركة سيمنز، ومؤسسة بيل وميليندا غيتس، ومجلس معهد الدراسات المالية.
- عُيّنت نظيرا في مجلس اللوردات البريطاني عام 2020.
- زميلة فخرية في الأكاديمية البريطانية، كلية سانت أنتوني في جامعة أوكسفورد، وزميلة أكاديمية العلوم الاجتماعية، بحسب الموقع الإلكتروني لجامعة كولومبيا.
كتب ومؤلفات
ألفت نعمت شفيق عددا من الكتب منها:
- النمو الاقتصادي والسلسلة الزمنية للجودة البيئية والأدلة عبر البلاد.
- ما يدين به بعضنا لبعض: عقد اجتماعي جديد.
- إضافة إلى مجموعة من الأبحاث العلمية الأكاديمية والأوراق البحثية والمقالات العلمية وغيرها.
القضية الفلسطينية
تعرضت نعمت شفيق لانتقادات كبيرة، بسبب موقفها المناهض لموقف النشطاء داخل الجامعة والرافضين للعدوان الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 واستمر عدة شهور.
وبان موقفها على نحو صريح حين أصدرت قرارا غير مسبوق باستدعاء الشرطة لفض اعتصام طلابي مناصر لفلسطين في باحة الجامعة، وتفريق جموع من الطلاب والناشطين المؤيدين لفلسطين داخل حرم جامعة كولومبيا، وإزالة خيام أقامها الطلاب المحتجون في الحديقة الرئيسية بالجامعة، وذلك في منتصف أبريل/نيسان 2024.
وكان الطلاب قد اعتصموا في ساحة الجامعة الرئيسة للضغط على إدارة الجامعة لسحب استثماراتها المالية من الشركات والمؤسسات الداعمة لإسرائيل والمستفيدة من إجراءات الفصل العنصري التي يمارسها الاحتلال بحق الفلسطينيين.
وتزامن الاعتصام مع استجواب نعمت شفيق أمام مجلس النواب الأميركي نتيجة ما قال عنه المجلس إنه “توثيق حالات تؤكد وجود بيئة معادية للسامية في الجامعة”، وذلك بالاعتماد على أدلة مثل المنشورات التي وزعت وتنادي بالتحرر من الاحتلال، أو التي تشير إلى الإبادة الجماعية.
وفي جلسة الاستماع التي استمرت 4 ساعات أكدت شفيق في كلمتها سعي الجامعة للسماح لجميع الطلاب بحرية التعبير والنقاش وتوفير بيئة آمنة للجميع، واعتبرت أن “التوازن بين السماح بحق الاحتجاج للطلبة والحفاظ على الطلاب اليهود من المضايقات هو التحدي الرئيسي الذي واجهته جامعة كولومبيا وعدد من الجامعات الأخرى” وفق تعبيرها.
وأدانت نعمت في الاستجواب البروفسور الجامعي يوسف مسعد، لأنه وصف عملية طوفان الأقصى -التي شنتها المقاومة الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023- بأنها “عمل رائع”، وأوضحت أن “مسعد لم يعد رئيسا للجنة المراجعة الأكاديمية في الجامعة”.
فيما أكدت أن الجامعة ستنهي خدمات أستاذ نتيجة تعبيره عن دعم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأكدت أن “كل من سيصرح بشيء معاد للسامية” خلال فترة رئاستها للجامعة سيعاقب.
وفي اليوم التالي لخضوع نعمت شفيق لجلسة الاستجواب في مجلس النواب، اتصلت بشرطة نيويوك وطلبت تدخلها لتفريق مخيم الاعتصام الذي وصفته بأنه “غير مرخص”.
ودافعت عن موقفها واصفة خطوة تدخل الشرطة بأنها “استثنائية”، إذ عدتها “وسيلة لدعم حق حرية التعبير” بعد أن رفض المتظاهرون فض الاعتصام، وأشارت إلى “انتهاك المتظاهرين عددا كبيرا من القواعد والسياسات في الجامعة”، ووصفت سلوكهم بأنه “يعطل الحياة الجامعية وينشئ بيئة ترهب عددا من الطلاب وتضايقهم”.
وفي 24 أبريل/نيسان 2024 دعا رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون نعمت شفيق إلى الاستقالة إذا لم تستطع السيطرة على الوضع بسرعة.
وقد أقرت شفيق بأن استدعاءها للشرطة من أجل فض الاعتصام فاقم المشكلة، وذلك خلال اجتماع مجلس حكماء الجامعة، وفق ما نقلته صحيفة نيويورك تايمز.
وفي 26 أبريل/نيسان 2024 اجتمع مجلس جامعة كولومبيا لدراسة قرار “توجيه اللوم لرئيسة الجامعة وعزلها”، وصدر القرار النهائي بتوصيف الوضع في الجامعة من دون ذكر اسم المديرة أو لومها.
وفي يوم 29 أبريل/نيسان 2024 أعلنت شفيق انتهاء المفاوضات مع الطلبة، ووجهت رسالة إلى ممثليهم أوضحت فيها أن استثمارات الجامعة ضمن شركات داعمة لإسرائيل لن تُسحب.
ودعت إلى إنهاء الاعتصام، ووصفت المخيم بأنه “يشكل بيئة طاردة للطلاب وأعضاء هيئة التدريس اليهود”، وحددت مهلة لإنهاء الاحتجاج، إلا أن الطلاب رفضوا ذلك، فبدأت الجامعة بتطبيق قرارات الفصل. وردا على قرارات الإدارة تصاعدت الاعتصامات في الجامعة في اليوم التالي، وسيطر المعتصمون على مبنيين فيها.
الجوائز والأوسمة
- حصلت على لقب سيدة العام في بريطانيا عام 2006.
- في عام 2009 أطلق عليها لقب “امرأة العام حسب جائزة جي جي 2” في الحفل السنوي لتوزيع جوائز جي جي 2 للقيادة والتنوع الذي تجريه وسائل إعلام آسيوية ومجموعات تسويق.
- كرمتها الملكة إليزابيث الثانية لإسهاماتها المتعددة ومنحتها وسام الإمبراطورية البريطانية عام 2015.
- اختارتها مجلة “فوربس” الأميركية ضمن قائمة النساء الأكثر نفوذا في العالم عام 2017.
- حصلت على عدد من شهادات الدكتوراه الفخرية من عدد من الجامعات.
- اختيرت ضمن قائمة “100 امرأة رائدة في الصناعة المالية الأوروبية” عام 2018.
- اختارتها مجلة “نيو أفريكان” ضمن قائمة “100 امرأة أفريقية الأكثر تأثيرا” عام 2021.