جنوب أفريقيا تقترع.. كيف تقدم الأحزاب الرئيسية نفسها للناخبين؟ | سياسة
يتوجه نحو 42.3 مليون ناخب جنوب أفريقي إلى صناديق الاقتراع في 29 مايو/أيار المقبل لاختيار أعضاء البرلمان البالغ عددهم 400 عضو، الذين بدورهم سيصوتون لاختيار رئيس جديد للبلاد لولاية مدتها 5 سنوات.
وتوصف هذه الانتخابات بأنها التحدي الأكبر لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي منذ انهيار نظام الفصل العنصري في تسعينيات القرن الماضي.
وقد يكون من المبكر استقراء كيف سيتشكل المشهد السياسي في البلاد بعد الانتخابات، لكن بعض مراكز الإحصاء بدأت تقديم قراءات أولية له.
ووصف مركز إيبسوس للأبحاث واستطلاعات الرأي الانتخابات المرتقبة بـ”انتخابات عام 2024 تعكس المشاعر التي عاشتها الأمة في 27 أبريل/نيسان 1994″ في إشارة إلى أول انتخابات شهدتها جنوب أفريقيا بعد نهاية الفصل العنصري.
وبحسب اللجنة المستقلة للانتخابات، يخوض السباق قرابة 380 حزبا لانتخاب الجمعية العامة (البرلمان) والبرلمانات الإقليمية، وتقدمت الأحزاب الأربعة الرئيسية ببرامجها الانتخابية على أمل كسب ثقة الناخبين.
حزب المؤتمر الوطني
يستند حزب المؤتمر الوطني على إرثه الممتد منذ مقاومة نظام الفصل العنصري، ومتسلحا بمنجزاته التي حققها منذ سقوط حكومة بريتوريا، واضعا في الاعتبار التحديات التي يواجهها.
وقدم الحزب برنامجا انتخابيا وصف بالطموح، يبني على ما سبق من منجزات، وفق أولويات أساسية حددها برنامج الحزب الانتخابي، وتتمثل في الاقتصاد ومكافحة البطالة وتحسين الخدمات الأساسية ومستويات المعيشة.
وبحسب البرنامج الانتخابي، فإنه “لا يمكن لأي مجتمع أن يزدهر دون الاستثمار في مواطنيه، ولهذا يتعهد المؤتمر الوطني بالاستمرار بتحويل المجتمع نحو الأفضل عبر أولويات رئيسية من بينها التعليم والصحة والعلوم والتكنولوجيا”.
وإحدى أولويات البرنامج الانتخابي كذلك تحويل اقتصاد البلاد والاستثمار في التكنولوجيا، ويقول الحزب إنه سيعمل على توسيع برامج تنمية المهارات في قطاعات ناشئة في البلاد، كالذكاء الاصطناعي، الذي سيدمج أيضا في قطاعات حياتية كالرعاية الصحية.
ويعد الحزب بتوفير 2.5 مليون وظيفة جديدة في ظل معدلات بطالة تصل لنحو 30%، وسيعمل على زيادة الإنفاق والاستثمار في الطاقة المتجددة والسياحة البيئية والتجارة الإلكترونية والتكنولوجيا الزراعية.
كما تعهد الحزب بتعزيز المساءلة ومحاربة الفساد، عبر التدقيق الصارم باستخدام الذكاء الاصطناعي، وترسيخ العدالة والمحاسبة وتفعيل إجراءات المحاكم.
ويخاطب الحزب الفئات الشابة بالتركيز على التقنيات الحديثة والإدماج في مفاصل البلاد الرئيسية، بإدخال التقنيات على مجالات الإنتاج الحديثة “كالتحول إلى لاعب عالمي في مجال إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية” وتعزيز إنتاج الهيدروجين الأخضر.
ويدخل الحزب الانتخابات في وقت تشير الإحصاءات لتراجع نسبة تأييده إلى نحو 40% مقارنة بفترات سابقة، حسب مؤسسة إيبسوس للإحصاءات، وهو أكبر تراجع للحزب الحاكم منذ عام 94، إذ إن انخفاض النسبة عن 50% قد تضطر الحزب للدخول في تحالفات حزبية لضمان الأغلبية تتيح له البقاء في الحكم وانتخاب مرشحه لسدة الرئاسة.
على الرغم من استبعاد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي جاكوب زوما كرئيس للحزب في عام 2018 واختيار سيريل رامافوزا الذي قاد الحزب في انتخابات عام 2019، فإن الانقسامات الداخلية ما زالت قائمة، ورغم ذلك سيكون رامافوزا مرشح الحزب مرة أخرى في انتخابات عام 2024.
التحالف الديمقراطي
يعد التحالف الديمقراطي، ثاني أكبر الأحزاب في جنوب أفريقيا، وهو “الحزب المفضل للأقلية الأوروبية في البلاد “بقيادة جون ستين هاوزن، ويركز برنامج الحزب الانتخابي الذي يحمل تحت شعار “إنقاذ جنوب أفريقيا” على التحديات التي تعيشها البلاد، مع انتقاد خصمه حزب المؤتمر الوطني.
ويضع التحالف مكافحة البطالة على رأس أولوياته مع وعد بإيجاد مليوني فرصة عمل جديدة، عبر تحديث الاقتصاد، وإدماج التكنولوجيا “التي فشل حزب المؤتمر في تحقيقها” بحسب ما ورد في البرنامج الانتخابي للتحالف.
ويعد التحالف بخدمات مستدامة لمواجهة انقطاع التيار الكهربائي وإمدادات المياه، وتحسين المستوى المعيشي لنحو 6 ملايين مواطن يعيشون عند عتبة الفقر، كما يعد بحلول لما سماها إخفاقات الحزب الحاكم.
وأعلن التحالف أنه سيعمل، في حال وصوله للسلطة، على إنهاء المحسوبيات والتعيينات الوظيفية القائمة على أساس الولاء الحزبي بإدخال معايير الجدارة والكفاءة إلى آليات التوظيف في القطاع العام، ويقدم التحالف أيضا وعودا برعاية صحية أكثر شمولا.
ويعد بتحسين نظام العدالة الجنائية عبر استخدام التقنيات الحديثة لمنع وقوع الجرائم، ومكافحتها والتحقيق فيها مع تمكين الشرطة بزيادة أفرادها وتجهيزاتها.
كما تضم قائمة أولويات التحالف بناء القدرة التصنيعية المحلية عبر تقنيات الطاقة المتجددة التي تشهد توجها عالميا. وبحسب استطلاع معهد إيبسوس، وصلت نسبة تأييد “التحالف الديمقراطي” لنحو 21.9% أي بارتفاع نقطة وأربعة أعشار في المئة مقارنة باستبيان أجري في مارس/آذار الماضي.
“مقاتلو الحرية الاقتصادية”
يعتبر هذا الحزب ثالث أكبر الأحزاب بجنوب أفريقيا يتبنى إيديولوجيا يسارية بقيادة الزعيم السابق لرابطة شباب حزب المؤتمر الوطني الأفريقي جوليوس ماليما، ويركز برنامجه الانتخابي على استرداد الأراضي وتأميمها وإعادتها للسكان الأصليين وتأميم المناجم وقطاعات اقتصادية أخرى، دون الإضرار باقتصاد الدولة، من بينها البنوك. كما يعد بسياسة تعزز قدرات الدولة والحكومة دون مساعدات خارجية.
ويطرح برنامجه الانتخابي مجانية التعليم والرعاية الصحية والسكن والمرافق الصحية، وتوفير ملايين الوظائف لاستيعاب السكان الأصليين بشكل خاص، عبر تنمية قطاع الصناعات المحلية، كجزء من خطة أوسع للانتقال “من مرحلة المصالحة إلى مرحلة العدالة” لما بعد نظام الفصل العنصري.
ويطرح البرنامج الانتخابي تطويع التقنيات الحديثة في مكافحة الجريمة وتحديث مرافق الإنتاج.
“رمح الأمة”
حزب جديد بخطة قديمة، مدعوم من الرئيس السابق جاكوب زوما، ويكاد يكون برنامجه الانتخابي في بعض جوانبه نسخة مما يقدمه حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، حيث تركزت أولويات الحزب على العدالة الاجتماعية وحماية مقدرات البلاد، ومكافحة البطالة.
ويعد الحزب بإعادة توزيع الأراضي ومنع الشركات الأجنبية من استغلال موارد البلاد الطبيعية مع الاستفادة القصوى من الثروات لتحسين مستوى المعيشة، كما يعد بتوفير 5 ملايين فرصة عمل خلال 5 سنوات في قطاعات التعدين وإعادة التصنيع والزراعة والسياحة والبنية التحتية.
بحسب استبيان إيبسوس، يحظى الحزب الجديد بأصوات قرابة 11.5% من أصوات الناخبين مقارنة مع استبيان في أكتوبر/تشرين الأول الماضي أظهر احتمالية نيله نحو 19.6% من الأصوات.