الحراك الطلابي بأميركا لمساندة غزة.. كيف بدأ؟ وما الجامعات التي شاركت فيه؟ | الموسوعة
سلسلة اعتصامات واحتجاجات طلابية بدأت من جامعة كولومبيا يوم 17 أبريل/نيسان 2024، دعا فيها الطلبة إلى وقف الحرب الإسرائيلية على غزة ووقف تعاون إدارة جامعاتهم مع جامعات إسرائيلية وسحب استثماراتها من الشركات الداعمة للاحتلال، والسماح لهم بحرية التعبير.
ومع تدخل قوات الشرطة واعتقال عشرات الطلاب، اتسعت رقعة المظاهرات ووصلت إلى أكثر من 70 جامعة أميركية، منها هارفارد وييل ومعهد ماساشوستس للتكنولوجيا، وامتدت إلى خارج أميركا ووصلت إلى جامعات في فرنسا وبريطانيا وألمانيا.
بدايات الحراك
بدأ الحراك الطلابي في جامعة كولومبيا يوم 17 أبريل/نيسان 2024، حيث نظم تحالف طلابي يضم أكثر من 120 منظمة طلابية وأعضاء هيئة التدريس اعتصاما، ونصبوا خيامهم في حديقة الجامعة المحاطة بالسياج وقالوا إنهم أقاموها في احترام كامل للقانون بحيث لا يتهمهم المسؤولون بتعطيل الفصول الدراسية.
وقد تزامن الاعتصام يومها مع جلسة رئيسة الجامعة “نعمت شفيق” أمام لجنة بمجلس النواب الأميركي لاستجوابها حول ما وصفه بعض النواب بـ”معاداة السامية بالحرم الجامعي”، إذ اتهموها بالإخفاق في حماية الطلاب اليهود.
وقادت الحراك نواد طلابية في الجامعات، منها نواد يهودية تنادي بالسلام، وشارك في الاعتصامات طلاب من جنسيات وديانات وأعراق مختلفة. ومن هذه الأندية التي شاركت في الحراك بجامعة كولومبيا نادي “طلاب من أجل العدالة في فلسطين”، ونادي “الصوت اليهودي من أجل السلام”.
بدأ الطلاب احتجاجهم بنصب الخيام، ونشروا دعوات على مواقع الأندية الطلابية طالبوا فيها السياسيين بوقف إطلاق النار في غزة.
ما الذي طالب به المحتجون؟
وقد أعلن المحتجون عدة مطالب أبرزها:
- وقف حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي تمارسها إسرائيل.
- قطع العلاقات الحكومية والمالية مع إسرائيل، خاصة وزارة الدفاع الإسرائيلية.
- سحب الاستثمارات من الشركات التي تساعد إسرائيل في حربها على غزة، خصوصا العاملة في مجال التسليح.
- وقف التعاون مع جامعات ومؤسسات تعليمية إسرائيلية.
- بيع أسهم الجامعة في الصناديق والشركات التي يقول الناشطون إنها تستفيد من غزو إسرائيل لغزة.
- وبعد تدخل الشرطة والحكومة، بدأ الطلاب أيضا المطالبة بحرية التعبير.
وردد الطلاب عبارات مثل “فلسطين حرة” و”لن نستريح ولن نتوقف”، و”أوقفوا الاستثمارات واكشفوا عنها”.
تدخل الشرطة وتأجج الاحتجاجات
وخلال أقل من أسبوع على الحراك الطلابي في جامعة كولومبيا أعلنت رئيسة الجامعة “أن المخيم والاضطرابات المرتبطة به تشكل خطرا على أداء الجامعة”، وحذرت الطلاب وأمرتهم بالمغادرة، ثم اتصلت بشرطة نيويورك لإخراجهم من الحرم الجامعي.
ودخلت الشرطة الجامعة في اليوم التالي واعتقلت 100 طالب وفككت الخيام، وتوقفت الدراسة، لكن طلابا آخرين نصبوا أكثر من 100 خيمة.
ودفع التدفق المتزايد للأعداد نحو الجامعة شرطة نيويورك إلى تشديد الإجراءات الأمنية للدخول إلى الحرم الجامعي، ومنعت الزائرين غير المنتمين للجامعة.
وكان إخلاء مخيم الاعتصام الطلابي في الجامعة بالقوة شرارة وسعت الحراك حتى انتشر في أرجاء الولايات المتحدة الأميركية، إذ إن الشرطة لم تدخل أو تتدخل في الحرم الجامعي منذ حرب فيتنام.
وتعهد المحتجون بالاستمرار حتى توافق الجامعة على الكشف عن أي استثمارات مالية قد تدعم الحرب في غزة وتسحبها، كما طالبوا بالعفو عن الطلاب الذين منعوا من الحضور للجامعة بعد المشاركة في المظاهرات.
تدخل الكونغرس الأميركي
وزار رئيس مجلس النواب مايك جونسون جامعة كولومبيا ودعا رئيسة الجامعة إلى الاستقالة إذا لم تستطع السيطرة على الاحتجاجات التي نشرت “فيروس معاداة السامية” للجامعات الأخرى حد تعبيره.
وإضافة إلى جونسون طالب عدد من أعضاء المجلس رئيسة الجامعة بالاستقالة ما لم تتمكن من إنهاء “الفوضى الجارية في حرم الجامعة”. وقال جونسون إن الكونغرس الأميركي لن يقف صامتا إزاء التهديدات التي تستهدف الطلبة اليهود.
كما وجه 26 عضوا في الكونغرس رسالة إلى وزير العدل ميريك غارلاند يطالبونه فيها باستعادة “النظام في الجامعات التي تم إغلاقها من قبل العصابات المعادية للسامية التي تستهدف الطلاب اليهود”.
تهديدات إسرائيلية
ضغطت إسرائيل على الجامعات الأميركية لوقف الحراك الطلابي، ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ما يحصل في هذه الجامعات بأنه “فظيع”، قائلا إن الطلاب المحتجين هم “مجموعة من الغوغاء المعادين للسامية الذين احتلوا الجامعات الأميركية المتقدمة”، واتهمهم بمهاجمة الطلبة والأساتذة اليهود.
وعلى صفحته الرسمية عبر “إكس” هدد حساب الموساد الرسمي الطلبة المتظاهرين بأن “أنظمة التعرف على الوجوه بإمكانها كشف من شارك في الاحتجاجات المؤيدة لـ(حركة المقاومة الإسلامية) حماس، ومن ستكون شهاداتهم ووظائفهم عديمة القيمة، وفرص عملهم محدودة”.
وتعمل مجموعة “كناري ميشن”، عبر موقعها الرسمي، على توثيق ممارسات الطلبة والأساتذة الجامعيين التي تعتبرها “معادية للسامية” وفيها خطاب كراهية ضد اليهود.
أول تنازل من جامعة أميركية
وفي أول اتفاق وتنازل من إدارة جامعة أميركية، أعلنت جامعة براون يوم 30 أبريل/نيسان 2024 أنها توصلت إلى اتفاق، مع مجموعة من طلابها مناهضة للحرب في غزة، ينص على أن يزيل الطلاب المحتجون مخيمهم من الحرم الجامعي مقابل وعد بأن تعيد الجامعة النظر بعلاقاتها مع شركات مرتبطة بإسرائيل.
وقالت كريستينا باكسون رئيسة جامعة براون، إن “الطلاب وافقوا على إنهاء احتجاجهم وعلى الامتناع حتى نهاية العام الدراسي عن القيام بأي أفعال أخرى من شأنها أن تنتهك قواعد السلوك الخاصة بجامعة براون”.
ووعدت الجامعة في المقابل بأنها ستدعو 5 طلاب للقاء 5 أعضاء من مؤسسة جامعة براون في مايو/أيار 2024 لتقديم حججهم بشأن سحب استثمارات الجامعة من شركات تسهل وتستفيد من الإبادة الجماعية في غزة.
الجامعات الأميركية المشاركة
ومن أبرز الجامعات الأميركية التي شهدت الحراك الطلابي أيضا:
جامعة هارفارد
أقام مئات الطلاب في جامعة هارفارد معسكرهم الخاص في حديقة “هارفارد يارد”، على الرغم من إغلاق الجامعة الساحة والتهديد باتخاذ إجراءات تأديبية ضد الطلاب لنصبهم الخيام دون إذن.
وطالب المحتجون الجامعة بالتراجع عن دعم إسرائيل ورفع تعليق مجموعة مؤيدة لفلسطين في الجامعة تسمى “اللجنة الجامعية للتضامن مع فلسطين”.
رفع الطلاب 3 أعلام فلسطينية على الساري الرئيسي للجامعة عند تمثال جون هارفارد، مما استفز إدارة الجامعة فأزالت تلك الأعلام وهددت بعض الطلبة بالفصل.
وأرسلت إدارة الجامعة إنذارا يوم 28 أبريل/نيسان -هو الثالث من نوعه- للطلاب داعية إياهم إلى فض الاعتصام، وفي محاولات للتضييق على المعتصمين رشّت إدارة الجامعة المياه على العشب المحيط بالمخيم وأغرقت الخيام لإرغام الطلبة على مغادرة المكان.
وأغلقت الجامعة أبوابها وساحاتها ومنعت وسائل الإعلام من الوصول إليها، في محاولة منها لاحتواء موجة الاحتجاجات المتصاعدة.
معهد ماساتشوستس
قرر طلاب معهد ماساتشوستس الدخول في اعتصام مفتوح داخل الحرم الجامعي يوم 24 أبريل/نيسان 2024 ونصبوا خيامهم، تعبيرا عن إدانتهم للعدوان الإسرائيلي على غزة.
واختلفت مطالب طلاب المعهد عن بقية الجامعات الأميركية، إذ أضافوا إلى المطالب المعروفة مطلب دعم زملائهم المعتقلين من جامعة كولومبيا تحديدا، كم طالبوا بقطع العلاقات مع وزارة الدفاع الإسرائيلية بعدما اكتشفوا تعاونا وثيقا بينها وبين المعهد.
ويقول الطلبة المحتجون إن معهدهم طور في معامله مسيّرات فائقة الدقة، وإن الجيش الإسرائيلي ساهم بـ11 مليون دولار في الأبحاث االتي طورت هذه المسيرات.
ردت إدارة المعهد على تضامن الطلبة بالمنع والقمع بمساندة الأجهزة الأمنية، لكن الطلاب استمروا في مظاهراتهم دعما لأهل غزة، معتبرين ما يقع في القطاع إبادة جماعية للشعب الفلسطيني. وأصروا على ضرورة قطع كل أشكال التعاون مع الجيش الإسرائيلي.
جامعة نيويورك
وفي جامعة نيويورك اتسع المعسكر الذي أقامه الطلاب وضم مئات المتظاهرين. وقالت الجامعة إنها “حذرت الحشد بضرورة المغادرة، ثم استدعت الشرطة بعد أن أصبح المشهد غير منظم”. وقالت أيضا إنها علمت بتقارير عن “هتافات تخويف وعدة حوادث معادية للسامية”.
فيما أعلن عدد من الطلاب استمرار تحركاتهم السلمية حتى تحقيق مطالبهم المتمثلة بمقاطعة إسرائيل ووقف تمويل الإبادة الجماعية في غزة.
ونقلت شبكة “سي إن إن” عن شرطة نيويورك اعتقالها عددا من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس في الجامعة.
وقال نَصير العمري، الأستاذ بجامعة نيويورك إنه “لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة يميل الرأي العام لدعم الشارع الفلسطيني ويرفض كل ما يقوله الخصوم الذين يروجون لفكرة أن الفلسطينيين إرهابيون”.
جامعة نورث إيسترن
بدأ طلاب جامعة نورث إيسترن يوم 25 أبريل/نيسان 2024 اعتصاما مفتوحا احتجاجا على استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة. وشهد الاعتصام حضورا أمنيا مكثفا داخل الحرم الجامعي.
لكن الطلاب رفضوا فض الاعتصام وأعلنوا مواصلة الاحتجاجات حتى تحقيق مطالبهم ووقف التعاون بين الجامعة وإسرائيل.
واعتقل نحو 100 طالب خلال فض الاعتصام لكن زملاءهم عادوا للتجمهر في حرم الجامعة مرددين شعارات تندد بالإبادة الجماعية في غزة.
فُض اعتصام جامعة نورث إيسترن يوم 28 أبريل/نيسان، وأخليت الساحة تماما وأغلقت بوابات الجامعة وطوقت ساحة الاعتصام بالحواجز الحديدية، ووقف العديد من أفراد شرطة الجامعة وشرطة بوسطن عند مداخل الجامعة لمنع الطلاب من التجمع مرة أخرى بعدما حاولوا التجمع عدة مرات.
جامعة جورج واشنطن
انضمت جامعة جورج واشنطن يوم 25 أبريل/نيسان للاعتصامات الطلابية المنددة بالحرب الإسرائيلية على غزة.
بدأ الطلاب سيرهم نحو الحرم الجامعي رافعين لافتات مؤيدة لفلسطين، وأنشؤوا فيه مخيما للاحتجاجات، مطالبين بإنهاء الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين في غزة، ومقاطعة إسرائيل على المستويين الأكاديمي والاقتصادي، ونددوا بدعم الإدارة الأميركية للحرب على غزة، إضافة لتضامنهم مع زملائهم المعتقلين في جامعات كولومبيا وتكساس وجنوب كاليفورنيا، ومطالبتهم بإسقاط التهم عنهم.
اتسع الاعتصام بجامعة جورج واشنطن في اليوم الثالث ليتجاوز باحة الجامعة ويصل بخيامه للشارع الخارجي بعد أن أزال الطلبة الحواجز الفولاذية التي نصبتها الشرطة حول الخيام.
أطلق الطلاب المعتصمون اسم “المنطقة المحررة” على مقر اعتصامهم القريب من البيت الأبيض ومن مقرات وزارة الخارجية، وعلى بعد بضع خطوات عن مقار صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
رفضت الشرطة الأميركية الاستجابة لطلب إدارة الجامعة بإخلاء الاعتصام وفضه واعتقال الطلبة المعتصمين فيه، وعجزت الإدارة عن الوصول لأي تفاهم أو اتفاق مع الطلاب، وتوقفت المفاوضات في اليوم السابع من بدء الاعتصام.
جامعة ييل
طالب الطلاب والأكاديميون في جامعة ييل بوقف الاستثمارات في المؤسسات الدفاعية التي تُقدم خدمات لوجستية وتقنية وعسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
وردت الجامعة ببيان أكدت فيه نيتها مراجعة استثماراتها مع المؤسسات الدفاعية، ولكن احتجاجات الطلبة لم تتوقف ووصلت ذروتها في أبريل/نيسان 2024، وأعلن عدد من الطلاب إضرابا عن الطعام ونصبوا 24 خيمة في ساحة “بينكي بلازا” المجاورة للجامعة، كما تضامن طلاب جامعة ييل أيضا مع زملائهم المعتقلين جامعة كاليفورنيا.
اعتقلت عناصر الشرطة في 22 أبريل/نيسان 2024 العديد من المتظاهرين في حرم الجامعة واتهمتهم بالتعدي على ممتلكات الغير، ولكنها أفرجت عنهم بناء على وعود بالمثول أمام المحكمة لاحقا، وأزالت الخيم واللافتات المعلقة وأغلقت ساحة الاعتصام تماما.
وأصدر رئيس الجامعة بيانا بعد اعتقال الطلاب عبر فيه عن تأييده للمطالب السلمية، ولكنه في الوقت نفسه رفض المس بالمرافق العامة في الجامعة.
جامعة براون
بدأ طلاب جامعة براون اعتصامهم في الحرم الجامعي يوم 24 أبريل/نيسان 2024، وأعلنت الجامعة يوم 30 أبريل/نيسان توصلها لاتفاق معهم على إنهاء الاعتصام مقابل التصويت على سحب الاستثمارات من إسرائيل، ويعد هذا الاتفاق الأول من نوعه بين جامعة أميركية والحراك الطلابي الداعم لفلسطين.
وقال أحد الطلاب “إن هذا الاتفاق هو انتصار كبير لهذه الحركة الدولية ولشعب فلسطين”.
جامعة تكساس
انضم طلاب جامعة تكساس للحراك الطلابي الداعم لفلسطين يوم 24 أبريل/نيسان، منددين بالإبادة الجماعية التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة.
وتدخلت القوات الأمنية لفض المظاهرات بالعنف، واعتقلت حوالي 34 شخصا من الحرم الجامعي. وأعلنت عن نشرها عناصر إضافية في الجامعة بأوامر مباشرة من حاكم ولاية تكساس.