جامعة تكساس.. خليط من الكليات والمعاهد والمتاحف والشركات | الموسوعة
تأسست جامعة تكساس عام 1882، وشهدت منذ ذلك الحين نموا متزايدا إلى أن باتت تضم عددا من الكليات والشركات ومراكز الأبحاث والمنشآت، وفيها 7 متاحف و17 مكتبة تضم أكثر من 9 ملايين مجلد.
تشتهر جامعة تكساس بأنها من الجامعات الأميركية الرائدة في مجالات الأبحاث، إذ حصلت على أكثر من 300 براءة اختراع منذ 2003، كما تصنف واحدة من الجامعات الأكثر انتقائية في ما يتعلق بالقبول الجامعي.
التأسيس
ظهرت فكرة تأسيس جامعة عامة في ولاية تكساس للمرة الأولى في دستور عام 1827 لولاية كواويلا المكسيكية، إذ وعدت المادة 217 من الباب السادس في الدستور بمنح فرصة التعليم العام لأبناء تكساس من خلال هذه الجامعة، لكن لم يتم اتخاذ أي خطوات عملية في سبيل ذلك.
وبعد أن حصلت تكساس على استقلالها عن المكسيك عام 1836 أكد دستور الجمهورية على مسؤولية الكونغرس عن إنشاء نظام عام للتعليم العالي في تكساس عندما تسمح الظروف بذلك.
وبعد عامين من الاستقلال تمت إحالة “قانون إنشاء جامعة تكساس” إلى لجنة خاصة تابعة لكونغرس الولاية في 18 أبريل/نيسان 1838، وفي 26 يناير/كانون الثاني 1839 وافق الكونغرس على تخصيص قطعة أرض لإنشاء جامعة ممولة من القطاع العام.
عام 1845 ضمت تكساس إلى الولايات المتحدة، وبعد مضي 13 عاما قررت الهيئة التشريعية السابعة لولاية تكساس تخصيص 100 ألف دولار من سندات الولايات المتحدة لجامعة تكساس، لكن الحرب الأهلية الأميركية -التي دارت رحاها عام 1861- عرقلت سداد هذا المبلغ.
ومع نهاية الحرب الأهلية عام 1865 لم يتبق للجامعة سوى مبلغ 16 ألف دولار، ومع ذلك أكد دستور تكساس لعام 1876 مجددا على إنشاء جامعة تكساس.
ونظم المجلس التشريعي في تكساس هيكل الجامعة، ودعا إلى تصويت شعبي لتحديد موقعها أخيرا في 30 مارس/آذار 1881، وبناء على تصويت الأغلبية تم اختيار أوستن (عاصمة ولاية تكساس) موقعا للجامعة، وتم وضع حجر الأساس يوم 17 نوفمبر/تشرين الأول 1882، ثم فتحت الجامعة أبوابها رسميا في 15 سبتمبر/أيلول 1883.
انضمت جامعة تكساس رسميا إلى رابطة الجامعات الأميركية عام 1929.
توسع جامعة تكساس ونموها
عام 1890 تبرع رجل الأعمال جورج واشنطن براكنريدغ بمبلغ 18 ألف دولار لبناء قاعة طعام مكونة من 3 طوابق عرفت باسم قاعة براكنريدغ، وقد كانت واحدة من أكثر المباني شهرة في الجامعة، قبل أن يتم هدمها عام 1952 في إطار عمليات التوسع التي شهدتها الجامعة.
ومع حلول ثلاثينيات القرن الـ20 نشأت مناقشات بشأن الحاجة إلى مساحات جديدة لتوسعة الجامعة وإنشاء مكتبة تابعة لها، وبناء على ذلك تم هدم المبنى الرئيسي القديم الذي كان مبنيا على الطراز الفيكتوري القوطي، وشُيدت عوضا عنه مبان أكثر حداثة على الرغم من اعتراضات العديد من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس على هذه الخطوة.
عام 1910 تبرع براكنريدغ مرة أخرى لجامعة تكساس، لكن هذه المرة بقطعة أرض مساحتها 500 فدان (200 هكتار) على نهر كولورادو.
وكان هناك اقتراح لنقل الحرم الجامعي إلى الأرض المتبرع بها، لكنه قوبل بالغضب والرفض، ومنذ ذلك الحين تم استخدام الأرض فقط لأغراض ثانوية مثل تأمين مساكن للطلاب، كما أنشئ مختبر براكنريدغ الميداني في الجامعة عام 1967.
ومع اكتشاف النفط على الأراضي المملوكة للجامعة عام 1923 أصبح لدى المؤسسة دخل إضافي ساعدها في إجراء المزيد من التوسعات.
افتتحت الجامعة عام 2006 متحف بلانتون للفنون، كما دشنت مركز “إيه تي آند تي” للتعليم التنفيذي والمؤتمرات عام 2008.
وفي العام نفسه تم توسيع ملعب “داريل كيه رويال- ملعب تكساس ميموريال” ليتسع لأكثر من 100 ألف مقعد، مما جعله أكبر ملعب من حيث السعة في ولاية تكساس في ذلك الوقت.
وفي عام 2009 أنشأت الجامعة 9 شركات ناشئة جديدة لتسويق التكنولوجيا التي يتم تطويرها فيها، وفي 2010 افتتحت معهد ديل لأبحاث طب الأطفال بتكلفة 100 مليون دولار لزيادة الأبحاث الطبية وأنشأت مجمعا للأبحاث الطبية في أوستن، وفي العام ذاته افتتحت مختبرات أبحاث جديدة لتدريس الكيمياء والبيولوجيا.
وأنشأت جامعة تكساس كذلك 46 شركة أخرى ناشئة بين عامي 2017 و2024، وفي عام 2020 أنشئ مركز تكساس للابتكار لتقديم الدعم للشركات الناشئة.
الحرم الجامعي
يمتد الحرم الجامعي لجامعة تكساس على مساحة 171 هكتارا ويقع وسط أوستن، في حين تبلغ المساحة الكلية للأراضي التابعة للجامعة قرابة 582 هكتارا، وتنتشر المنشآت الخاصة بها في مناطق مختلفة من تكساس.
ويعتبر المبنى الرئيسي للفنون الجميلة من أبرز المعالم الهندسية في حرم تكساس الجامعي، وقد بني عام 1937، وصممه المهندس المعماري الفرنسي الشهير بول فيليب كريت، ويتميز المبنى ببرج يبلغ طوله قرابة 94 مترا ويقع في وسط الحرم الجامعي.
وتحتوي متاحف الجامعة السبعة ومكتباتها الـ17 على أكثر من 9 ملايين مجلد، مما يجعلها سابع أكبر مكتبة أكاديمية في الولايات المتحدة.
وتشمل مقتنيات مركز هاري رانسوم لأبحاث العلوم الإنسانية في جامعة تكساس واحدة من 21 نسخة كاملة متبقية من كتاب غوتنبرغ المقدس، كما تحتوي على أقدم صورة فوتوغرافية باقية تحمل اسم “منظر من النافذة في لوغرا”.
ومن بين المتاحف الموجودة في جامعة تكساس متحف بلانتون للفنون، ويعتبر أكبر متحف جامعي للفنون في الولايات المتحدة، ويستضيف نحو 17 ألف عمل فني من أوروبا والولايات المتحدة وأميركا اللاتينية.
وتولّد جامعة تكساس الكهرباء الخاصة بها منذ أواخر الأربعينيات من القرن الـ20، وحاليا تبلغ قدرة محطة التوليد المشترك للغاز الطبيعي الخاص بالجامعة قرابة 123 ميغاواتا.
كما تشغّل الجامعة مفاعل تريغا النووي لأغراض البحث والاختبار، وذلك ضمن مجمع الأبحاث “جيه جيه بيكل” الواقع شمال حرم الجامعة الرئيسي.
حوادث قتل وانتحار
شهدت جامعة تكساس منذ ستينيات القرن الـ20 مجموعة من الحوادث المؤسفة، وقد كان برج المراقبة الخاص بالمبنى الرئيسي مسرحا أساسيا لمعظم هذه الحوادث، ففي الأول من أغسطس/آب 1966 تحصن الطالب تشارلز ويتمان في البرج وكان يحمل عددا من الأسلحة النارية، وبدأ بإطلاق النار على الطلاب، مما تتسبب بمقتل 14 شخصا في الحرم الجامعي، وانتهت المذبحة عندما أطلقت الشرطة النار على ويتمان وقتلته بعد أن اخترقت البرج.
وبعد حادثة ويتمان أصدرت الجامعة أمرا بإغلاق سطح المراقبة وبقي مغلقا بالفعل حتى أعيد فتحه عام 1968، لكن تم إغلاقه مرة أخرى عام 1975 بعد سلسلة من القفزات الانتحارية التي شهدتها الجامعة خلال السبعينيات من القرن الـ20.
وفي عام 1999 بعد تركيب السياج الأمني واحتياطات السلامة الأخرى أعيد فتح منصة برج المراقبة مجددا.
ومن الحوادث التي شهدها الحرم الجامعي كذلك تلك التي وقعت يوم 28 سبتمبر/أيلول 2010، حيث أطلق الطالب كولتون تولي النار في مكتبة بيري كاستانيدا، ثم انتحر ملقيا نفسه من الطابق السادس، ولم تقع أي إصابات تذكر حينها.
البرامج والقبول
تقدم جامعة تكساس أكثر من 100 درجة جامعية و170 درجة في الدراسات العليا، إضافة إلى 9 برامج شرف، 8 منها تغطي مجموعة متنوعة من المجالات الأكاديمية، بما في ذلك مرتبة الشرف في الفنون الليبرالية وبرنامج الشرف في الأعمال وبرنامج علماء تورينغ في علوم الحاسوب.
يضاف إلى ذلك مرتبة الشرف في الهندسة وبرنامج في العلوم الطبيعية والصحة وبرنامج علماء الرياضيات وبرنامج الشرف في التمريض الجامعي في كلية التمريض، أما البرنامج التاسع فهو برنامج متعدد التخصصات ويعتبر تخصصا بحد ذاته.
أما في ما يخص القبول بالجامعة فقد أصبحت اعتبارا من عام 2011 واحدة من أكثر الجامعات انتقائية في الولايات المتحدة، فقد تم تصنيفها في المرتبة الـ18 في قائمة الجامعات الأكثر انتقائية بجنوب البلاد.
وفي خريف 2019 على سبيل المثال تقدم 53 ألفا و525 طالبا جامعيا للدراسة في تكساس قُبل منهم 17 ألفا و29 طالبا فقط، كما سجل 8170 طالبا في الجامعة بدوام كامل أو جزئي، مما جعل معدل القبول 31.8% ومعدل الالتحاق 48% بشكل عام.
التصنيف
وفقا لتصنيفات “يو إس نيوز آند ورلد ريبورت” احتلت جامعة تكساس المرتبة الـ32 بين جميع الجامعات في الولايات المتحدة والمرتبة التاسعة بين الجامعات العامة في قائمة أفضل الجامعات للعام 2024.
وعلى المستوى الدولي، احتلت الجامعة المرتبة الـ43 في تصنيف “أفضل الجامعات العالمية” لعام 2023 وفقا لتصنيفات “يو إس نيوز آند ورلد ريبورت” وحسب التصنيف الأكاديمي للجامعات العالمية “إيه آر دبليو يو”.
ويتم تصنيف برامج المحاسبة وتاريخ أميركا اللاتينية باستمرار في المرتبة الأولى على مستوى البلاد حسب تصنيفات الكليات الصادرة عن “يو إس نيوز آند ورلد ريبورت”.
كما تم تصنيف أكثر من 50 برنامجا آخر للعلوم والإنسانيات ضمن أفضل 25 برنامجا على المستوى الوطني، وتم إدراج كلية الصيدلة في جامعة تكساس في المرتبة الثالثة على مستوى الولايات المتحدة، كما احتلت كلية المعلومات (آي سكول) المرتبة السادسة.
ويتم كذلك تصنيف جامعة تكساس ضمن الجامعات ذات النشاط البحثي المرتفع جدا، وقد حصلت على أكثر من 300 براءة اختراع منذ عام 2003.
وتعتبر الجامعة من المؤسسات البحثية الرائدة عالميا في مجالات مثل علوم الحاسوب، وتركز أبحاثها بشكل كبير كذلك على الهندسة والعلوم الفيزيائية وعلوم الطاقة.
مظاهرات داعمة لفلسطين
في 24 أبريل/نيسان 2024 انضم طلاب جامعة تكساس إلى الحراك الطلابي الداعم لفلسطين، والذي تشهده عدد من الجامعات الأميركية.
وشهد الحرم الجامعي للجامعة مظاهرات طلابية ضخمة منددة بالإبادة الجماعية التي ترتكبها القوات الإسرائيلية في غزة.
وقد تدخلت السلطات لفض هذه المظاهرات بعنف، وأعلنت إدارة السلامة العامة في ولاية تكساس اعتقال 34 شخصا من الحرم الجامعي.
وجاءت تلك الاعتقالات بناء على طلب غريغ أبوت حاكم ولاية تكساس الذي وصف التحركات الطلابية بأنها “مليئة بالكراهية” و”معادية للسامية”، وهي اتهامات رفضها الطلاب وأعضاء الهيئة التدريسية في الجامعة.
وأعلن أعضاء الهيئة في رسالة مشتركة أنهم سيضربون عن العمل، وقالوا إنهم لن يزاولوا عملهم بسبب الرد العسكري على الاحتجاجات الطلابية، كما وجهوا انتقادات إلى رئيس الجامعة لأنه سمح بتحويل الحرم الجامعي إلى منطقة عسكرية.
وجاء في الرسالة “نحن قلقون للغاية بشأن رفاهية طلابنا وسلامتهم، لقد شهدنا قيام الشرطة بلكم طالبة وضرب مراقب قانوني وسحب طالب فوق سياج واعتقال الطلاب بعنف لمجرد وقوفهم في مقدمة المتظاهرين”.