كاتب أميركي يتساءل: ماذا يدرس طلاب الجامعات في الولايات المتحدة؟ | أخبار
تناول الكاتب روس دوثات -في مقاله بصحيفة نيويورك تايمز- احتجاجات الطلاب في الجامعات الأميركية، في محاولة منه لفهم أبعادها من زاوية مختلفة لم تكد تتطرق إليها وسائل الإعلام في الولايات المتحدة، من دون أن يخفي تأييده الواضح لإسرائيل.
فقد ركّز الكاتب في تحليله للأحداث على محاولة فهم طبيعة المناهج التي تُدرَّس في تلك المؤسسات التعليمية، وخاصة في جامعة كولومبيا التي تمثل المعقل الرئيسي لتلك الاحتجاجات.
وقال إن المناهج في جامعة كولومبيا تُعنى بمجموعة محددة من أفضل الأعمال الفكرية التي ما يزال الطلاب ملزمين بدراستها نظرا لأهميتها وفائدتها.
فجامعة كولومبيا، التي أضحت تمثل -في نظر الكاتب- ركيزة رئيسية في المشهد السياسي الجديد في الولايات المتحدة، تحتم على طلابها دراسة الأفكار والنظريات الأساسية في الأدب، الفلسفة، التاريخ، العلوم والفنون.
تعليم جيد
وأقر الكاتب أن الهدف من هذا النوع من التعليم مثير للإعجاب ومفيد في آن معا، ذلك أنه يتيح نظرة فاحصة إلى نوع من الأفكار والنظريات التي تُجمع النخب الأكاديمية الحالية في الولايات المتحدة على أهميتها في تشكيل قادة المستقبل، بمن فيهم أولئك الذين يحتجون حاليا في جامعة كولومبيا.
وتشتمل المقررات الأساسية -التي يتعين على طلاب كولومبيا دراستها- العديد من الكتب التي يصفها كاتب المقال بالعظيمة، مثل سفر التكوين وسفر أيوب في العهد القديم، وأعمال الروائي اليوناني إسخيلوس المسرحية، وأشعار ومسرحيات الأديب الإنجليزي وليام شكسبير.
وذلك إلى جانب كتب الفيلسوف وعالم الاقتصاد الأسكتلندي آدم سميث، وكتابات المؤرخ والمنظر السياسي الفرنسي ألكسيس دي توكفيل، بالإضافة إلى قراءات في العلوم ومشاهدة العروض الموسيقية والفنون الجميلة.
على أن المقرر الدراسي الأساسي في الجامعة، الذي يتناوله مقال نيويورك تايمز على وجه الخصوص، هو مادة “الحضارة المعاصرة” التي تُعنى أكثر بالحجج السياسية والمؤلفين، إذ تتناول الأنماط التقليدية في حقبة ما قبل القرن العشرين وتتمثل في قراءات في أعمال الفلاسفة من أمثال أفلاطون، أرسطو، القديس أوغستين، توماس هوبز، جون لوك، جان جاك روسو.
تحولات
وتتناول ملاحق المواد التي يدرسها طلاب جامعة كولومبيا مؤلفات من العصور الوسطى للعديد من الكُتّاب المسلمين، والشاعرة الفرنسية كريستين دي بيزان، بالإضافة إلى أعمال مكيافيلي، ومجموعة كبيرة من القراءات عن غزو الأميركيتين، وإعلان استقلال هاييتي، إلى جانب الإعلان الأميركي لحقوق الإنسان وواجباته.
ووفق الكاتب، بدأت دائرة المناهج الدراسية تتغير لتستغرق في الأفكار التقدمية، وتحديدا ما يتعلق منها بقضايا مناهضة الاستعمار، والجنس والنوع (الجندر) ومعاداة العنصرية، وتغير المناخ.
وقال كاتب المقال إنه يتحدث في كثير من الأحيان إلى طلاب الجامعات والمدارس الثانوية وحتى الأطفال حول التحديات السياسية الراهنة، مضيفا أنهم لا يتحمسون بالضرورة لقضايا سياسية معاصرة من قبيل العنصرية والتغير المناخي، إلا أن ذلك هو نطاق الأفكار التي تقدم لهم.
ومضى إلى القول إن هذا التضييق لا يترك أمام الطلاب سوى قائمة محدودة من الأفكار التي يتم حثهم باستمرار على تبنيها، على حد زعمه.
دفاع عن إسرائيل
وبحسب الكاتب، فإن تبسيط النظرة إلى التاريخ وجعله مملا وبلا روح -وخاصة تاريخ القرن العشرين- يجعل من السهولة بمكان أن تستأثر القضية الإسرائيلية الفلسطينية باهتمام أولئك الطلاب.
وأوضح أن إسرائيل، بفضل موقعها غير العادي في الشرق الأوسط، وتأسيسها الحديث، وعلاقتها الوثيقة بالولايات المتحدة، وبمستوطناتها أصبحت هي “كبش الفداء الوحيد” لخطايا الإمبراطوريات الأوروبية البائدة وأنظمة التفوق الأبيض، على حد تعبير كاتب المقال.
وقال إنه برغم الانتقادات التي يمكن أن توجه إلى مناهج التدريس، فلا يمكن إعفاء الحكومة الإسرائيلية من إخفاقاتها، وعدم سعيها لإيجاد إستراتيجية تنهي بها الوضع في قطاع غزة، كما لا يبرر أي نوع من سوء معاملة الطلاب المحتجين.