محللون: لا نستبعد حربا شاملة بين إسرائيل وحزب الله | سياسة
القدس المحتلة- تمهد الإجراءات والمناورات التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي في الجليل الأعلى والجولان السوري المحتل، بالإضافة إلى تسارع الأحداث على الجبهة الشمالية مع لبنان وسوريا، إلى سيناريو اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله.
وتعززت ملامح سيناريو الحرب الشاملة، في ظل مصادقة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي على خطط قتالية على الجبهة الشمالية، وذلك بالتزامن مع اغتيال سلاح الجو الإسرائيلي قادة بالحرس الثوري الإيراني، في هجوم استهدف مبنى القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق.
وتزامنت مصادقة هاليفي على خطط القتال على الجبهة الشمالية، في وقت أجرى فيه وزير الدفاع يوآف غالانت مشاورات مع قيادات الجبهة الداخلية بشأن مدى الجهوزية والتحمل للحرب، وكذلك طبيعة ومحاور الحملة الإعلامية التي سيعتمدها الجيش الإسرائيلي في حال اندلعت حرب شاملة مع حزب الله.
وفي ظل تصاعد التوتر على الجبهة الشمالية، وتبادل القصف بين حزب الله وإسرائيل عقب عملية اغتيال القادة الإيرانيين في دمشق، رفعت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية حالة الاستنفار والتأهب إلى أعلى مستوى في الجولان السوري المحتل وعلى طول الحدود الشمالية مع لبنان، تحسبا لرد من حزب الله والتنظيمات المسلحة الموالية لإيران.
تجهيز الجبهة الداخلية
يواصل الجيش الإسرائيلي التحضيرات والمناورات لتعزيز الجهوزية في حال توسعت وتصاعدت المواجهة على الجبهة الشمالية، إذ أبلغ الجيش ووزارة التربية والتعليم رؤساء السطات المحلية بالشمال احتمال عدم افتتاح العام الدراسي في سبتمبر/أيلول المقبل، بينما لن تنتظم الدراسة بالبلدات الحدودية مع لبنان حتى نهاية العام 2024.
وفي ظل حالة الطوارئ، عقدت طواقم الجبهة الداخلية بالجيش الإسرائيلي بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم جلسات مع مديري المدارس، خاصة في منطقة تل أبيب الكبرى والقدس، ضمن الجهوزية والاستعداد لإجلاء مئات آلاف الإسرائيليين من الشمال والجليل الأعلى.
وطالبت قيادة الجبهة الداخلية من المديرين ضرورة أن تتحضر المدارس لتعليم الطلبة عن بعد، عبر نظام “زووم”، حيث سيتم استعمال المدارس مراكز إيواء لمئات آلاف الإسرائيليين الذين سيتم إجلاؤهم في حال اندلعت حرب شاملة على الجبهة الشمالية.
ومع تصاعد التوتر واحتدام المواجهة على الجبهة الشمالية، أجريت مناقشات برئاسة غالانت، إذ قدمت له قيادة الجبهة الداخلية حملة إعلامية تهدف إلى تنسيق التوقعات مع الجمهور الإسرائيلي في حال تحولت المناوشات بالفعل إلى حرب شاملة.
حملة إعلامية
وفي إشارة إلى استمرار الإجراءات والتحضيرات الإسرائيلية لسيناريو توسع الحرب مع حزب الله، قال مراسل الشؤون العسكرية والأمن في صحيفة “يديعوت أحرونوت” يوسي يهوشع “إذا افترضنا أن إسرائيل مسؤولة بالفعل عن اغتيال العضو البارز في الحرس الثوري في دمشق، فإن هذا بمثابة تذكير آخر بالحاجة الحقيقية لإعداد الجمهور الإسرائيلي بأكمله لحرب شاملة ضد حزب الله والتنظيمات المسلحة من إيران”.
ويقول يهوشع “هناك إجماع لدى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية حول الحاجة إلى حملة دعائية لتحضير الإسرائيليين لحرب شاملة، ولكن هناك خلافا حول كيفية تسويق هذه القضية للجمهور”، وعليه أمر وزير الدفاع بإجراء استطلاع رأي لفحص مواقف الجمهور الإسرائيلي بشأن هذه القضية.
ويضيف مراسل الشؤون العسكرية والأمن “ليس من الواضح الأسئلة التي سيتم طرحها على الإسرائيليين، وكيف ستؤثر على القرارات المتعلقة بالأمن القومي، لكن هذا يُظهر مدى اهتمام المؤسسة الأمنية بأكملها، التي تنظر إلى قضية الاستطلاع ببالغ الأهمية، وذلك ضمن التحضيرات لسيناريو الحرب الشاملة”.
ويبدو من خلاصة المناقشات التي أجراها غالانت، أنه بالإضافة إلى الخوف وحالة الذعر والفوضى العارمة في إسرائيل، فإن غالانت يشعر بالقلق أيضا من الطريقة التي ستؤثر بها الحملة على الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، ويخشى تداعيات معركة الوعي على الإسرائيليين.
وأوضح يهوشع أن “نصر الله الذي يعتبر مستهلكا قهريا للإعلام الإسرائيلي، وغالبا ما يحلل مزاج الجمهور الإسرائيلي من خلال ما يرد في وسائل الإعلام، قد يظن أن مجرد الترويج للحملة هو فرصة للقيام بما تجنبه حزب الله في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وهو التوغل في البلدات الحدودية والجليل الأعلى”.
ويعتقد يهوشع أن نصر الله حقق حتى الآن إنجازا إستراتيجيا، يتمثل في إخلاء المستوطنات على طول الحدود الشمالية مع لبنان، وإجلاء نحو 100 ألف من منازلهم بالبلدات الحدودية، قائلا “على الرغم أن حزب الله يتكبد خسائر فادحة للغاية، فإن قوات رضوان تنشط وتتحرك على بعد حوالي 5 كيلومترات من الحدود”.
تقدير القوى
رافقت معضلة الحملة الإعلامية جميع كبار المسؤولين في جيش الإسرائيلي منذ الحرب الثانية على لبنان عام 2006، فحتى لو كانت وسائل الإعلام مهتمة بحجم الصواريخ الدقيقة التي يمتلكها حزب الله، فإن الاعتقاد السائد هو أن أغلب الجمهور الإسرائيلي لا يعرف أو يفضل قمع الحقائق.
على سبيل المثال، حسب تقديرات صحيفة “يديعوت أحرونوت”، يستطيع حزب الله أن يطلق يوميا عدد الصواريخ التي أطلقتها حماس مع بدء معركة “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أي 4 آلاف صاروخ في اليوم الواحد.
وترجح الصحيفة أن هذه الصواريخ ستسبب الدمار الشامل للجبهة الداخلية الإسرائيلية وخسائر فادحة، لكن القوات الجوية الإسرائيلية -في المقابل- مجهزة بقدرات تجعل غزة تبدو مثل لاس فيغاس بجانب ما سيحدث لبيروت في حال اندلعت حرب شاملة.
وفي قراءة لسيناريو تطور وتصاعد التوتر إلى حرب شاملة على الجبهة الشمالية، قال المحلل العسكري لدى صحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل “منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كانت إسرائيل وحزب الله حذرين من الانزلاق نحو حرب شاملة في الشمال”.
لكن المحلل العسكري يقول إن “إسرائيل بهذه المرحلة هي التي تراهن، ورفعت من سقف المخاطر نحو المواجهة الشاملة، فالهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق، الذي قتل فيه قائد فيلق القدس في سوريا ولبنان، محمد رضا زاهدي، يضع نصر الله على مفترق طرق، وإسرائيل أمام تحديات غير مسبوقة”.
ويوضح “لقد أطلق حزب الله بالفعل آلاف الصواريخ والقذائف المضادة للدبابات على إسرائيل منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول، لكنه كان حتى الآن حذرا للغاية في اختيار الأهداف الواقعة بالجليل الأعلى، حيث لم يتم إطلاق أي صواريخ أو سلاح دقيق باتجاه عمق الأراضي الإسرائيلية”.
والسؤال الذي تنتظر إسرائيل إجابته، حسب المحلل العسكري، “هو إذا ما كان نصر الله ورعاته الإيرانيون سيقررون أن الأمر يتطلب الآن رسالة مختلفة، وسيكثفون ردهم بصواريخ دقيقة تضرب العمق الإسرائيلي، فمثل هذه الخطوة من جانبهم يمكن أن تقصر الطريق إلى الحرب الشاملة”.