شاهد.. مائدة رمضانية للنازحين في رفح رغم الحرب | سياسة
مراسلو الجزيرة نت
غزة- في مشهد مهيب، احتشد مئات الفلسطينيين شيبا وشبانا وأطفالا من سكان “حارة بربرة” والنازحين إليها في “مخيم الشابورة” للاجئين بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، على مائدة إفطار رمضانية، وسط أجواء سادتها المحبة والتكافل.
وبدا هذا المشهد غير مألوف في ظل تحليق مكثف لمقاتلات حربية إسرائيلية وطائرات مسيّرة دون طيار يطلق عليها الغزيون “الزنانة”، وتنذر بالموت في كل لحظة.
ومنذ اندلاع الحرب على غزة والتي توشك على دخول شهرها السابع، يتجنب الغزيون التجمعات الكبيرة، في ظل تكرار الاستهداف الإسرائيلي بغارات جوية وقصف مدفعي.
رسالة
بيد أن منظمي هذا الإفطار الجماعي كانت لهم رسالة مفادها “أننا نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلا، وباقون هنا رغم التحديات والتهديدات”.
“لقد فتكت الحرب بنا جميعا، قتلا وتدميرا وتشريدا، وكلنا بحاجة إلى مثل هذا التجمع الذي يعكس مظاهر المحبة والتكافل بين سكان الحارة والنازحين فيها”، يقول أحمد عدوان المسؤول في “لجنة حي بربرة” القائمة على مبادرة مائدة الإفطار الجماعي الرمضانية.
وعدوان هي العائلة اللاجئة الأكبر في هذه الحارة التي تستمد اسمها من بلدة بربرة التي تنحدر منها داخل فلسطين المحتلة، وهجرتها إبان النكبة في عام 1948.
وبادر شبان الحارة لتشكيل هذه اللجنة مع بدايات الحرب من أجل خدمة سكانها، والتي لجأت إليها حشود من النازحين، جلهم من مدينة غزة وشمال القطاع.
ولم يكن تنظيم هذه المائدة سهلا في ظل شح اللحوم والدواجن في الأسواق، وارتفاع أسعارها بشكل غير مسبوق، غير أن أحمد ورفاقه أصروا على إنجاحها، وتمكنوا بجهود -وصفها بالجبارة- من توفير 500 كيلوغرام من اللحوم وطهيها مع الأرز للمئات الذين لبوا الدعوة لتناول وجبة الإفطار في شوارع الحارة.
محبة وتكافل
ومنذ شهور طويلة لا تتوفر -في الأسواق- اللحوم والدواجن الطازجة، بسبب إغلاق المعابر التجارية، وتدمير قوات الاحتلال المزارع والمرافق الزراعية، خاصة تلك المتاخمة للسياج الأمني في جنوب القطاع وشماله.
كما تشهد الأسواق ارتفاعا هائلا في أسعار المجمدات وغالبية السلع، في ظل أزمة سيولة نقدية وعدم مقدرة الغالبية على توفير الاحتياجات الأساسية.
وأوضح أحمد للجزيرة نت “ليس الأكل هو الهدف من هذا الإفطار، رغم أن كثيرين لم يتذوقوا اللحوم والدجاج منذ شهور طويلة، ولكنه يحمل رسالة تكافل ومحبة، وأننا سكان رفح والنازحين فيها سند لبعضنا بعضا، رغم حرب الإبادة وجرائم القتل والتطهير التي تمارسها قوات الاحتلال”.
ولا يخفي عدلي صالحة أنه استجاب لدعوة الإفطار، رغم مخاوفه من “غدر الاحتلال”، وقال للجزيرة نت “كانت مبادرة طيبة أن نجتمع لنشعر بمعاني شهر رمضان المبارك وطقوسه التي نفتقدها بسبب الحرب”.
أثر إيجابي
وعلى وقع أصوات مزعجة تصدر عن “الزنانة” وتشيع الرعب والإرهاب، اعتبر عدلي أن وجود أعداد غفيرة من سكان الحارة والنازحين فيها “رسالة حياة ومحبة وتكافل”، وأضاف “الحرب أرهقتنا وكنا بحاجة لمثل هذه المبادرة الخيرية التي تعيد لنا بعض الأمل”.
ويتفق نادر أبو شرخ مع عدلي على ما أحدثه هذا التجمع الخيري حول مائدة رمضانية في شوارع الحارة، وأزقتها من أثر إيجابي في نفوس الجميع صغارا وكبارا. وقال للجزيرة نت “نجتمع هنا، لا فرق بين مواطن ونازح، كلنا على صعيد واحد وحول مائدة رمضانية نستشعر معها شعائر هذا الشهر الفضيل”.
ووجد نادر في المودة والتراحم وأجواء الألفة والمحبة التي عكسها الحاضرون في هذه الفعالية “رسالة للاحتلال بأننا أصحاب هذه الأرض، نعشق الحياة ولسنا دعاة موت وخراب، ولن تمنعنا المجازر من أداء رسالة رمضان التي تحمل معاني الرحمة والتراحم والكرم والجود”.
ويعيش زهاء مليون و300 ألف نسمة من سكان مدينة رفح والنازحين فيها في حالة قلق وترقب، جراء تهديدات إسرائيلية باجتياح المدينة ضمن عملية عسكرية برية واسعة، رغم تحذيرات دولية من أن مثل هذه العملية ستؤدي إلى مجازر دموية بحق المدنيين.