لبنان.. الأونروا تعاقب موظفَيها بتهمة عدم الحياد | سياسة
مراسلو الجزيرة نت
بيروت- يزداد الشرخ بين إدارة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” وبعض القوى الفلسطينية في لبنان، على خلفية قراراتها بحق اثنين من موظفيها اتهمتهما بمخالفة الحيادية.
والموظفان هما مدير ثانوية دير ياسين في مخيم البص، المربي فتح شريف، ومدير المخيم رائف أحمد، وقد بدأت أزمة الخلافات تتعمق بعدما تلقّى شريف بريدا إلكترونيا من مفوض عام الأونروا فيليب لازاريني، يبلغه فيه توقيفه عن العمل مدة 3 أشهر، تحت ذريعة “ممارسة أنشطة سياسية تخالف الحيادية”، ويطلب منه تسليم كل متعلقاته ووضع نفسه تحت لجنة تحقيق.
بينما تلقى النقابي الفلسطيني رائف أحمد بريدا إلكترونيا من المديرة العامة للوكالة دوروثي كلاوس، تبلغه فيه باتخاذ إجراء بحقه يتمثل بقطع راتب شهري، وتأخير علاوته السنوية شهرين إضافيين، تحت ذريعة مشاركته في مسيرة لحملة حق العمل قبل 5 سنوات.
وردا على القرارين، بدأت التحركات الاحتجاجية السياسية والشعبية والتربوية التي يقودها قيادة تحالف القوى الفلسطينية في لبنان، والقوى الإسلامية، وأنصار الله، واللجان الشعبية والأهلية، دون حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية التي تلتزم الصمت إزاء الموضوع.
حياد أم مساومة؟
وفيما شهدت مخيمات منطقة صور (البص والرشيدية والبرج الشمالي) إضرابا شاملا في كافة المؤسسات التربوية التابعة لوكالة الأونروا، باستثناء المؤسسات الصحية والنظافة، جرى في صيدا إغلاق مكتب مدير المنطقة في الهلالية، وموقف السيارات التي تعتمد عادة على نقل الموظفين إلى مراكز عملهم في سبلين وبيروت.
وكان التحرك الأبرز بتنظيم اعتصام أمام مقر الأونروا الرئيسي في بيروت، تحت شعار “لا مساومة على انتمائنا الوطني”، رفضا لقرارات الأونروا بحق الموظفين وأبناء الشعب الفلسطيني، واستنكارًا لمعاقبة المعلمين بتهمة الانتماء الوطني، ودعما لغزة المحاصرة.
وأبلغت مصادر فلسطينية الجزيرة نت، أن التحركات الاحتجاجية لن تتوقف حتى تتراجع “الأونروا” عن قراراتها بحق شريف وأحمد، معتقدة أنها قرارات “كيدية وجائرة ومجحفة”، وتأتي في إطار الاستجابة لضغوط الدول المانحة التي علقت مساعداتها المالية بتهمة مشاركة أو تأييد 12 موظفا في غزة لعملية طوفان الأقصى، وهو ما يطرح علامات استفهام حول الإجراء وأبعاده السياسية والوطنية في هذا التوقيت بالذات.
ووصف عضو اللجنة الشعبية لمخيم عين الحلوة عدنان الرفاعي القرارين بأنهما “جائران”، وقال للجزيرة نت إن “التحركات مستمرة ومتصاعدة حتى تتراجع إدارة الأونروا عن القرارين”، متسائلا “كيف يمكن سلخ الموظف الفلسطيني عن قضيته وأبناء جلده؟”.
وأضاف الرفاعي أن “هذه الحيادية كما تريدها الأونروا تعني ضرب الحالة الوطنية الفلسطينية”، معربا عن خشيته من أن يتطور الأمر إلى باقي المديرين والموظفين، وقال إن “غزة تُباد، وتجري ضدها حرب إبادة، فكيف يعقل أن يبقى الموظف متفرجا على ذبح أبناء شعبه؟ وكيف يمكن أن يبقى على الحياد؟ إنه أمر خطير”.
وأضاف أن “الموظف الفلسطيني هو موظف محلي وليس دوليا، فكيف يريدون أن يكون حياديا، وهو من رحم الشعب الفلسطيني، ويعيش معاناته وذات الفقر والبؤس والحرمان؟!”.
وشدد الرفاعي للجزيرة نت على أن “التحركات الاحتجاجية ستتصاعد، وربما تصل إلى اتخاذ قرار بمنع المديرة العامة دوروثي كلاوس من دخول المخيمات الفلسطينية في لبنان إذا لم تتراجع عن القرار”.
كما طالب الأمين العام للأمم المتحدة -والذي يشكره على مواقفه المشجعة- بوقف المفوض العام فيليب لازاريني عن العمل، “لأنه منحاز إلى إسرائيل وليس للشعب الفلسطيني الذي يترأس مؤسسة أممية تخدمه وترعاه”.
رد الأونروا
في غضون ذلك، سارعت إدارة الأونروا في لبنان إلى إصدار بيان توضيحي، دعت فيه الموظفين إلى “الحفاظ على الحيادية”، وأشارت إلى أن “قرار المفوض العام للأونروا وضْع أحد موظفي الوكالة في لبنان في إجازة إدارية دون راتب لمدة 3 أشهر، بانتظار التحقيق الذي تقوم به دائرة خدمات الرقابة الداخلية، يأتي على خلفية تقارير حول أنشطة مزعومة قام بها الموظف، تنتهك الإطار التنظيمي للوكالة”.
وأضافت في بيانها “يجب على جميع موظفي الأونروا أن يلتزموا بسياسات الوكالة وقوانينها وأنظمتها، وهذا أمر أساسي لضمان قدرتنا على خدمة لاجئي فلسطين في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك لبنان، وكممارسة اعتيادية متبعة، سيتم التعامل مع أي ادعاء بحصول انتهاك محتمل وفقًا للإجراءات المرعية، بغض النظر عن وظيفة الشخص أو رتبته أو خلفيته”.
وأردفت “ولا يُطلب من موظفي الأونروا أن يتخلوا عن مشاعرهم الوطنية أو قناعاتهم السياسية والدينية، وتعترف الوكالة بحق موظفيها في التعبير عن آرائهم وقناعاتهم الشخصية، لكن بقبول التعيين كموظفين لدى الأونروا، يتعهد موظفو الوكالة بأداء وظائفهم وتنظيم سلوكياتهم وفقًا لمبادئ وسياسات الأمم المتحدة”.
كما أوضح البيان “أن الدعم الإنساني للمدنيين في غزة، والتعبير عن التعاطف مع المعاناة الإنسانية بشكل عام، لا يشكل انتهاكًا للإطار التنظيمي للأونروا، لكن المشاركة في أي نشاط سياسي من قبل الموظفين يجب أن يكون متسقًا مع نزاهة الوكالة وسمعتها بما في ذلك مبادئ عملها، ويجب ألا ينعكس سلبًا عليها”.
وعلى الرغم من الدعوات التي وجهتها بعض الأطراف الفلسطينية لإغلاق مكاتب وخدمات الأونروا، بما في ذلك المدارس في لبنان، فإن الأونروا تبقى ملتزمة بالحفاظ على جميع الخدمات والعمليات، وتقول “إن هذا الالتزام يعكس تفانينا بتقديم الخدمات، بما في ذلك في الأماكن التي تواجه فيها الأونروا تحديات صعبة للغاية، كما هو الحال في غزة والقدس”.
وختمت البيان “إن خدمة لاجئي فلسطين تعني الوفاء بالتفويض الإنساني الممنوح للأونروا، والذي لا يجوز انتهاكه من قبل أي طرف، هذا الأمر يتسم بأهمية كبرى في الوقت الذي تتعرض فيه الوكالة لهجوم سياسي، وهي تبذل قصارى جهدها لاستعادة ثقة المانحين من أجل إلغاء التجميد عن الموارد الملحة”.