أيمن رشدي سويد: القرآن حُفظ كتابة وسماعا وهو أكثر كتب الدنيا ضبطا | البرامج
26/3/2024–|آخر تحديث: 26/3/202406:17 م (بتوقيت مكة المكرمة)
واصل أستاذ علم التجويد والقراءات القرآنية الدكتور أيمن رشدي سويد في برنامج “الشريعة والحياة في رمضان” الحديث عن القرآن الكريم وفضله وجهود حفظه مكتوبا وتناقله مسموعا بشكل متواتر، وقراءاته المختلفة وكيف بدأت بالظهور.
وبعد أن تناول في الحلقة السابقة جمع الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه للقرآن وسبب قيامه بذلك، بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، والكيفية التي تمت به، تناول الدكتور في هذه الحلقة جهود الخليفة عثمان بن عفان في نسخ هذا المصحف وتوزيعه.
حيث شكّل الخليفة عثمان لجنة ممن يعرفون الكتابة في قريش وكان رئيسها الصحابي الأنصاري زيد بن ثابت، ونسخوا عدة نسخ من المصحف، ثم أمر عثمان بإرسالها بعد تدقيقها إلى الأمصار الرئيسية، وهي مكة والكوفة والبصرة والشام والبحرين وأبقى بالمدينة نسختين، إحداهما التي استشهد وهو يقرأ فيها.
وحسب الدكتور أيمن رشدي، فقد قيل للمسلمين اعرضوا ما بين أيديكم من مصاحف على تلك النسخ الموثقة، فما وافق فأبقوه وما خالف فأحرقوه، وبتك الطريقة، صان الخليفة عثمان النص القرآني المكتوب من التبديل والتحريف والتغيير.
ولفت أستاذ علم التجويد والقراءات القرآنية إلى أنه بعد ذلك لجأ علماء -للحفاظ على النص القرآني من عوارض الزمن- إلى ما يمكن تسميته التصوير الكتابي، حيث قاموا بتصوير تلك المصاحف عن طريق الوصف الكتابي، وذلك عبر وصف ما في المصاحف مما هو مخالف لما اعتاده الناس من إملاء.
الحفظ السماعي
وحول الحفظ السماعي للقرآن، أشار الدكتور إلى أن ذلك بدأ بسماع الصحابة لقراءة النبي في الصلوات الجهرية وأثناء تلاوته عليهم، كما كان يسمعه من بعضهم كعبد الله بن مسعود، ثم تولى الصحابة تعليمه للتابعين وعلمه التابعون لمن تبعهم، واستمر الأمر حتى وصل إلينا في هذا العصر.
وأشار إلى أن المنتشر في القراءة 4 روايات، أولها حفص عن عاصم وهي في أغلب العالم الإسلامي، وروايتا قالون وورش عن نافع، وهما منتشرتان في تونس وليبيا والجزائر والمغرب وموريتانيا ودول أفريقية، ثم رواية الدوري عن أبي عمرو البصري، وانتشرت في حضرموت باليمن ثم انتقلت إلى السودان.
وأوضح أن تلك الروايات الأربع هي الحية التي يقرأ بها عموم المسلمون الآن، في حين يقرأ بباقي القراءات العشرة أئمة القراءات في الأمصار المختلفة، لافتا إلى أنه لا يقل عدد قراء أي رواية منها في الجيل الواحد عن 100 قارئ.
وأثنى الدكتور أيمن على مصر من حيث انتشار القرآن بين أهلها وخدمتهم له، وقال إنها البلد الذي دخله القرآن منذ فتح الإسلامي ولم يخرج منه البتة، وهي في تقديره “عش القرآن ومركز القراءة ومرجع الأمة في قراءة القرآن”، مضيفا: “لا تجد قراءة في بلد إلا وتؤول نهاية الأمر إلى مصر”.
وشدد أستاذ علم التجويد والقراءات القرآنية على أن القرآن حظي بالضبط والتدقيق بشكل لم يحظ به أي كتاب آخر في الدنيا، لافتا إلى أن ذلك الضبط استوعب كل شيء، ومن ذلك طريقة القراءة وأحكام الوقف والمد والتجويد.
أسباب خطأ القراء
وحول الأخطاء التي يقع بها بعض القراء، ذكر الدكتور أيمن أن من أسبابها عدم الإتقان والتأثر باللهجة إن كان القارئ عربيا أو اللغة إن كان غير عربي، وكذلك إلف الخطأ واعتياده، مضيفا أن معالجة ذلك عبر الرجوع إلى ما دونه الأمة في كتبهم من أحكام التجويد والالتزام بما يتوافق عليه جمهور قراء العصر.
وحول تسمية القراءات بأسماء علماء متأخرين، أوضح الدكتور أن ذلك بسبب انشغال المسلمين في العصور الأولى بالفتوحات، وأن هذه النسبة هي نسبة ملازمة لا نسبة اختراع، فدور أئمة القراءات كان النقل الدقيق لها وتعليمها للناس.
وفي هذا السياق، لفت الدكتور سويد إلى أن الإمام نافع قرأ على 70 من التابعين وقرأ عليه قالون مدة 20 سنة، ثم أجلسه الإمام نافع للإقراء في حياته.
ويرى أستاذ علم التجويد والقراءات القرآنية أن الحد الأدنى المقبول في القراءة من عموم الناس أن تكون حروفه سليمة وخالية من اللحن الجلي، أما دقائق الأحكام فهي أكمل لقراءة المسلم العادي، وتلزم أئمة المساجد ومعلمي القرآن.
وأثنى الدكتور أيمن على المسابقات التي تجرى لحفظة القرآن، حيث يرى أنها دفعت أبناء المسلمين إلى الإقبال على القرآن الكريم وتعلمه، لافتا إلى أنه لمس أثرها في اتساع دائرة إتقان الحفظ والتلاوة بين المسلمين في العالم.