“وادي سيدنا” أكبر قاعدة جوية عسكرية في السودان | الموسوعة
أكبر قاعدة جوية عسكرية سودانية، تقع شمالي مدينة أم درمان، مكّنها موقعها من لعب دور إستراتيجي في الحروب والانقلابات العسكرية، والتأثير بشكل حاسم في نتائجها.
وقد أصبحت القاعدة المنفذ الجوي الوحيد للخرطوم نحو الخارج، عقب اندلاع الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل/نيسان 2023، واستخدمت مركزا رئيسيا لعمليات الإجلاء الدولية.
الموقع والمرافق
تقع قاعدة “وادي سيدنا” العسكرية شمالي مدينة أم درمان على الجانب الغربي من نهر النيل، وتبعد نحو 22 كيلومترا من مركز العاصمة السودانية الخرطوم.
وتضم القاعدة مطارا متوسط الحجم بمدرج واحد، وبالقرب منه أنشئت الكلية الحربية متعددة التخصصات ومعهد المشاة والمظلات.
وشيّد في الموقع مصنع المعدات الحربية المسمى “مجمع الصافات للتصنيع العسكري”، حيث تُصنّع وتُطوّر الطائرات المدنية والعسكرية والمسيرات، وتخضع للصيانة.
الأهمية
تعد قاعدة “وادي سيدنا” أكبر قاعدة جوية في السودان، وهي بمثابة قلعة حصينة، إذ تحتل موقعا إستراتيجيا يوفر لها حاجزا طبيعيا من جهة الشرق، هو نهر النيل، ومن ناحية أخرى، يعد جسر “حلفايا”، الذي يقع إلى الجنوب من المنطقة العسكرية بوادي سيدنا الأقرب إلى القاعدة، وهو خاضع بشكل كامل لسيطرة الجيش، مما يحد من قدرة أي قوة عسكرية أخرى على اختراقه.
ونظرا لموقعها، تمثل القاعدة أهمية إستراتيجية في الاشتباكات العسكرية والمعارك التي تندلع في السودان، إذ يتمكن صاحب النفوذ عليها من فرض هيمنة جوية، والتحكم في مسار المواجهات الميدانية، وتوجيه ضربات عسكرية متفوقة، وهو الأمر الذي يؤدي إلى إحراز نتائج حاسمة لصالحه.
زادت الأهمية الإستراتيجية والحيوية لهذه القاعدة في أعقاب اندلاع المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع يوم 15 أبريل/نيسان 2023، إذ باتت المنفذ الجوي الوحيد للخرطوم إلى الخارج.
كما استخدمت مركزا رئيسيا لعمليات الإجلاء الدولية، وذلك بعد إغلاق مطار الخرطوم الدولي، وتعطل قاعدة هبوط المروحيات “جبل أولياء”، على إثر هجمات قوات الدعم السريع.
التاريخ
بدأ استخدام قاعدة “وادي سيدنا” محطة عسكرية للقوات البريطانية منذ الحرب العالمية الثانية، فقد استخدمت في أثناء نقل الطائرات من غرب أفريقيا إلى مصر، ثم توقف استخدامها بحلول عام 1946.
أنشأت إنجلترا وحدة صيانة في “وادي سيدنا” في أبريل/نيسان 1942 استمرت في العمل حتى فبراير/شباط 1943.
وفي نكسة عام 1967، نقلت الطائرات الحربية المصرية إلى “وادي سيدنا” لحمايتها على إثر استهداف الغارات الجوية الإسرائيلية القواعد الجوية المصرية كافة.
وتيمنا بالرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر سُميت “قاعدة ناصر الجوية”، ثم تطورت وتوسعت، وأنشئت فيها كلية حربية في عهد الرئيس السوداني السابق جعفر النميري، ومنذ تلك الفترة بدأت القاعدة تحمل اسم “قاعدة وادي سيدنا”.
دور محوري في المعارك والانقلابات
تشكل السيطرة على قاعدة “وادي سيدنا” مقصدا أساسيا لأي تحرك عسكري يهدف إلى السيطرة على مدينة الخرطوم، وقد كان للقاعدة دور مفصلي في الانقلابات العسكرية الناجحة، مثل انقلاب عام 1969 بقيادة العقيد جعفر النميري، وانقلاب عام 1989 بقيادة العقيد عمر البشير.
برزت القاعدة كذلك موضعا رئيسيا للاستهداف في الانقلاب الفاشل عام 1976، الذي كان وراءه الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، وكان يرمي للإطاحة بنظام النميري.
في عام 2008، كانت المنطقة العسكرية في “وادي سيدنا” بما فيها القاعدة الجوية، واحدة من 3 أهداف رئيسية وجه إليها زعيم حركة “العدل والمساواة” في إقليم دارفور (غرب السودان) إبراهيم خليل قواته، ضمن تحرك عسكري كان المراد منه الاستيلاء على الخرطوم، والإطاحة بالرئيس السوداني آنذاك، عمر البشير.
اشتباكات عام 2023
شكلت قاعدة “وادي سيدنا” في أثناء الاشتباكات التي اندلعت بين الفرقاء السودانيين في أبريل/نيسان 2023، مصدر قوة للجيش الذي سيطر عليها، واتخذ منها مركزا لانطلاق طائراته الحربية ومسيراته وتوجيه ضربات جوية على معسكرات قوات الدعم السريع في الخرطوم، والنقاط الإستراتيجية لتمركزها، لا سيما الجسور التي تربط مدن العاصمة الثلاث: الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان.
إضافة إلى ذلك، استهدفت القوات الجوية التي تنطلق من القاعدة، خطوط إمداد قوات الدعم السريع القادمة إلى الخرطوم من إقليم دارفور وولاية شمال كردفان.
ومن جانب آخر، نفذت قوات الدعم السريع عديدا من الهجمات المكثفة على القاعدة، بعد إخفاقها في الاستيلاء عليها، في محاولة منها لتدميرها أو إخراجها من الخدمة، ومنع وصول مساعدات عسكرية خارجية للجيش عبرها.
وأسهمت قاعدة “وادي سيدنا” الجوية بعد اندلاع المعارك بدور بارز في إجلاء آلاف الدبلوماسيين والرعايا الأجانب من نحو 40 جنسية، أبرزهم أتراك وأميركيون وبريطانيون ومصريون وألمان.
وشاركت في عملية الإجلاء طائرات عسكرية من دول مختلفة، مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة، وقد توقفت حركة الإجلاء في قاعدة “وادي سيدنا”، على إثر تعرّض طائرة إجلاء تركية لإطلاق نار، وبعد إصلاحها استؤنف الإجلاء.
أصلح فريق من مهندسي المظلات والكوماندوز التابعين للقوات البريطانية، عقب عملية الإجلاء، مدرج مطار القاعدة الذي كان في حالة سيئة، وقد تفاقم الأمر بسبب الوتيرة العالية لطائرات النقل العسكرية الثقيلة والمتعددة الجنسيات التي حطت فيه.