بعد خطوة “باي بال”.. ما هي “العملات المستقرة”؟
موقعي نت متابعات عالمية:
تتيح تلك الخطوة لملايين العملاء التابعين للشركة الاستفادة مما توفره “العملات المستقرة” من مزايا واسعة تختلف بشكل كبير عن العملات المشفرة التقليدية، لا سيما مع ارتباط عملة “باي بال” الجديدة بالدولار.
وقالت الشركة إن العملة المستقرة مدعومة بإيداعات دولارية وسندات الخزانة الأميركية قصيرة الأجل وستصدرها شركة باكسوس تراست.
أعلنت الشركة عن أن العملة المستقرة (المصممة للحماية من التقلبات الشديدة التي تجعل من الصعب استخدام الأصول الرقمية في المدفوعات أو كمخزن للقيمة) ستتاح تدريجياً لعملاء الشركة في الولايات المتحدة.
فما هي العملات المستقرة؟ وما هي أبرز مزاياها وحدود المخاطرة فيها؟ وكيف تختلف عن العملات المشفرة التقليدية المعروفة؟
ما هي العملات المستقرة؟
العملات الرقمية المستقرة هي نوع من العملات الرقمية المشفرة (Cryptocurrencies)، التي تم تصميمها للحفاظ على استقرار قيمتها مقابل عملة قانونية أو مؤشر معين أو أصول مستقرة مثل المعادن.
وتمثل هذه العملات آلية لتجاوز التقلبات الشديدة التي تعاني منها العملات الرقمية التقليدية مثل بيتكوين، وما تشهده من تذبذبات.
تعتمد العملات الرقمية المستقرة عادةً على معادلات وتقنيات مثل (Blockchain) للتحقق من العمليات المالية والحفاظ على الشفافية.
لكن الفارق الرئيسي هو أن قيمتها مرتبطة بشكل وثيق بوحدة نقدية تقليدية، مثل الدولار الأميركي أو اليورو، أو مؤشر سلعي مثل الذهب. وهذا الترابط يتم عادة عبر آليات معينة تضمن الحفاظ على التوازن بين العرض والطلب للعملة المستقرة.
الهدف الرئيسي لهذا النمط من العملات الرقمية المستقرة، هو توفير وسيلة للتداول الرقمي تجمع بين فوائد التقنيات الرقمية وسهولة الاستخدام مع استقرار القيمة المالية، ما يجعلها خياراً أكثر جاذبية للأشخاص والشركات الذين يرغبون في القيام بتحويلات مالية أو تخزين قيمة دون التعرض لتقلبات الأسعار الشديدة المرتبطة بالعملات الرقمية التقليدية.
وعلى الرغم من أن العملات الرقمية المستقرة تهدف إلى تقديم استقرار في القيمة وتحسين تجربة التداول والتحويلات الرقمية، إلا أنها تواجه أيضاً بعض العيوب والمخاطر، من بينها مخاطر مرتبط بالأمان، وكذلك تحديات توافر الودائع المالية التي تدعمها بالمقدار المعادل من العملة الرقمية، علاوة على التحديات القانونية والتنظيمية وحدود دور الحكومات والجهات الرقابية، وتعقد إجراءات الإصدارة والإدارة.
ورغم هذه التحديات، لا تزال العملات الرقمية المستقرة تمثل خطوة نحو تطوير نظام مالي رقمي يجمع بين التقنية والاستقرار المالي، ومع مرور الوقت قد يتم التغلب على بعض هذه المشاكل وتحسين البنية التحتية لهذا النوع من العملات.
أدوات استثمارية أكثر استقراراً
يقول كبير استراتيجي الأسواق لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في BDSwiss مازن سلهب، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن العملة المستقرة هي عملات مشفرة لها قيمة مربوطة أو مقيدة بأصول مالية أو بعملات وأدوات مالية تقليدية أخرى، وهو ما يمثل الفرق الحقيقي بينها وبين العملات المشفرة التقليدية، بالنظر إلى أن العملات المشفرة قائمة على عدة معادلات في البلوكتشين.
ويضيف: “العملات المستقرة تحافظ على وجود احتياطيات خاصة كضمانات لتحافظ على قيمتها، وبالتالي لا تكون خاضعة للتقلبات القاسية”، مشيراً إلى أن “الفكرة الأساسية من العملات المستقرة أنها تقوم بإيجاد أدوات استثمارية أو عملات أكثر استقراراً وبعيدة عن التقلبات القاسية عن المشفرة بما فيها بتكوين، ولا تخضع للمضاربات وتداولات السوق مثل العملات المشفرة التي لا تجعل المتداولين أو المضارين وحتى الشركات قادرين على استعمالها في عمليات التحويلات اليومية واحتساب القيمة الحقيقية، نظراً لعدم استقرار قيمتها.
ويضيف كبير استراتيجي الأسواق لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في BDSwiss: “إطلاق شركة باي بال للمعاملات المالية عملة مستقرة مرتبطة برصيد حقيقي أكثر استقراراً يُمكن ملايين المستخدمين التابعين للشركة من الاستفادة بشكل كبير من ميزات هذه العملات”.
وحول فشل بعض العملات المستقرة في الحفاظ على ارتباطها بالدولار وتعرضها لانهيارات، يقول: “العملات المستقرة خاضعة لمراقبة من السلطات النقدية والمشرعين، وقد بلغت قيمتها حوالي 128 مليار دولار.. لكنها أيضاً خاضغة لتقلبات السوق.. فقدان القيمة في هذه الحالة (كما حدث لبعض العملات قبل أشهر في ضوء تأثرها بانهيار بنك سيلكون فالي) قد لا يكون فقدان لكامل قيمة العملة، ولكن ما حدث أن هناك عمليات بيع قاسية شكلت ضغطاً على تلك العملات حينها، بسبب تراجع الثقة في النظام المصرفي”.
ويرى سلهب أن “العملات المشفرة عموماً هي أدوات استثمارية عالية المخاطر، كما أن المستقرة والمرتبطة بالدولار ليست مضمونة بشكل كامل (..) هناك مبالغات في تصوير مدى كونها مضمونة لكونها مرتبطة على سبيل المثال بالدولار، لكن حتى الدولار يخسر، وبالتالي فالعملات المستقرة ليست أبداً بعيدة عن الخسارة”.
وتواجه العملات المستقرة تحديات واسعة فيما يخص الالتزام بالارتباط بالدولار الأميركي، وقد تفاقمت تلك التحديات إبان أزمة المصارف الأميركية في مارس الماضي، بما هزّ ارتباط بعضها بالدولار.
ومن أشهر العملات المستقرة عملة Tether (USDT) البارزة، والتي ظهرت للمرة الأولى في العام 2014، وهي مدعومة بالكامل باحتياطيات نقدية وسندات الخزانة قصيرة الأجل، وقد شهدت -إبان أزمة المصارف الإقليمية الأميركية في مارس- انهياراً واسعاً بعد انهيار بنك سليكون فالي.
ومن بين العملات المستقرة أيضاً عملة USDC والتي لم تستطع المحافظة على الارتباط بالدولار بعد أزمة سيلكون فالي، وسجلت أخيراً أدنى مستوياتها في عامين. ومن العملات المستقرة أيضاً DAI و Binance وغيرهم.
التطور التاريخي للعملة
ويشار هنا إلى أن ثمة تطوراً تاريخياً في أشكال العملات، من العملات التقليدية إلى العملات الرقمية، ذلك أن التطور التكنولوجي والاقتصادي المستمر يؤدي إلى تطوير أشكال جديدة من العملات والأصول الرقمية.
في هذا السياق يتحدث خبير أسواق المال، الدكتور حسام الغايش، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، عن الفرق بين العملات التقليدية (الورقة والمعدنية)، والعملات الإلكترونية المركزية والعملات الرقمية القائمة على التشفير، وكذلك العملات الرقمية المستقرة المرتبطة بالدولار أو بالأصول المختلفة.
- العملات التقليدية (الورقية والمعدنية): تشمل العملات والأوراق النقدية المعدنية التي تُستخدم كوسيلة للتبادل وتخزين القيمة. هذه العملات تمثل وحدات مالية متداولة تصدرها البنوك المركزية والحكومات، ويكون لها سعر صرف ثابت أو مرن يتحدد بناءً على عديد من العوامل.
- العملات الإلكترونية المركزية: تشمل العملات الإلكترونية المركزية وحدات قيمة تخزن وتتداول عبر الإنترنت ويمكن استخدامها للمدفوعات والتحويلات الإلكترونية. على العكس من العملات التقليدية، يتم إصدار هذه العملات من قبل شركات أو منصات خاصة.
- العملات الرقمية القائمة على التشفير: هي عملات رقمية التي تعتمد على تقنيات التشفير للحفاظ على نسبة من الأمان (من أشهرها بيتكوين).
- العملات الرقمية المستقرة: تمثل هذه العملات الرقمية تطوراً آخر في العملات الرقمية، وتهدف إلى توفير استقرار في القيمة من خلال ربطها بأصول تقليدية مثل الدولار الأميركي أو اليورو، وتستخدم تلك العملات لتجنب تقلبات الأسعار التي يشهدها العملات الرقمية التقليدية.
ويشار هنا إلى العملات الرقمية المرتبطة بالأصول كنوعٍ ثانٍ للعملات الرقمية المستقرة، وتمثل هذه العملات الرقمية حقوق ملكية أو حصص في أصول حقيقية خارج عالم العملات الرقمية، مثل العقارات أو السلع. يتم تمثيل هذه الأصول بواسطة توكنات على شبكات بلوكشين.
يشير الغايش إلى أن العملات الرقمية تنقسم إلى قسمين رئيسيين (عملات مشفرة، وعملات مستقرة مرتبطة بالدولار)، أما الأولى (المشفرة) فيتحدد سعرها بناءً على المضاربة عليها، وبالتالي فإن أسعارها عادة ما تشهد تذبذباً كبيراً (ما بين الارتفاع والانخفاض) على مدار العام، وتمثل مخاطرة عالية، وتفضل عديد من البنوك المركزية الدعوة إلى الابتعاد عن التعامل بها؛ لأن المضابة هي التي تحدد أسعارها.
على النفيض النوع الثاني من العملات الرقمية، وهو العملات المستقرة، والتي عادة ما تحظى بنوعٍ من الاستقرار لارتباطها بعملة أو سلة عملات، وبالتالي تشهد ثباتاً سعرياً نسبياً، وتستخدم ضمن عمليات تسهيل الدفع الإلكتروني، ويُمكن اعتبارها بديل عن “البطاقات البنكية” إلى حد ما، وتحظى بالثقة نظراً لكونها مشفرة، ويصعب اختراقها، كما أن بعض الحكومات متوافقة إلى حد كبير معها وتشجعه بعض البنوك المركزية، على عكس العملات المشفرة الأخرى التي تتحكم فيها عوامل المضاربة وتشكل مخاطرة أوسع.
نشكركم لقراءة خبر “بعد خطوة “باي بال”.. ما هي “العملات المستقرة”؟” عبر صحيفة “موقعي نت”..