المسلمة المتمردة.. وفاة المغنية الأيرلندية الشهيرة شنيد أوكونور عن عمر ناهز 56 عاما | فن
توفيت المغنية الشهيرة وكاتبة الأغاني الأيرلندية شنيد أوكونور عن عمر ناهز 56 عاما، ونقلت الإذاعة الوطنية الأيرلندية “آر تي إي” (RTE) نعي عائلة المغنية “ببالغ الحزن نعلن وفاة محبوبتنا شنيد” وطالبت أصدقاءها بـ”احترام خصوصيتها في هذا الوقت الصعب للغاية”.
وعلق رئيس الوزراء الأيرلندي ليو فاردكار عبر تويتر “أنا آسف جدا لسماع نبأ وفاة شنيد أوكونور”، مضيفا “كانت موسيقاها محبوبة في جميع أنحاء العالم وموهبتها لا مثيل لها ولا تضاهى”.
اجتاحت أوكونور -التي اشتهرت أيضا بمعركتها ضد الاعتداءات الجنسية في الكنيسة- عالم الغناء ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي بصوتها الفريد وطبعها الناري ورأسها الحليق، خصوصا بعد صدور أغنيتها الشهيرة “لا شيء يقارن بك” (Nothing Compares 2 U) التي اختيرت كأفضل أغنية فردية بالعالم، وأذهلت النقاد، وفجّرت المشهد الموسيقي العالمي، وبيع أكثر من 7 ملايين نسخة، وشاهدها نحو 350 مليون مشاهد على موقع “يوتيوب”.
وقالت عنها الناقدة والمؤلفة الأميركية نيل مينو “هذه الأغنية كانت تجري في دمنا”، وبخلاف الأغنية الشهيرة عرفت أوكونور بمواقفها الاجتماعية والسياسية الجريئة ومن ذلك تضامنها مع فلسطين، قائلة إنها قضية تعاطف إنساني لكل ذي عقل.
غيرت أوكونور صورة المرأة في الموسيقى في أوائل التسعينيات، وعرفت بموقفها السياسي ضد الكنيسة الكاثوليكية، إذ دعت طوال سنوات لإجراء تحقيق موسع في دور الكنيسة في قضية التستر على إساءة معاملة الأطفال من قبل رجال الدين، واعتنقت الإسلام في عام 2018 وغيرت اسمها إلى “شُهداء صداقات”، وقالت في مقابلة عام 2019 مع RTE “عندما قرأت القرآن أدركت أنني كنت مسلمة طوال حياتي”.
وكتبت على تويتر في أكتوبر/تشرين الأول 2018: “أعلن أنني فخورة بكوني مسلمة”، واعتبرت الإسلام “النتيجة الطبيعية لكل رحلة دين ذكية”، وأضافت “كل دراسة للكتاب المقدس تؤدي إلى الإسلام”.
بدايات دبلن
وكانت بدايات أوكونور من الشوارع والحانات في دبلن، حيث ساعدتها الحاجة إلى إسماع كلمتها وسط الضجيج السائد على إعلاء صوتها.
في سن الـ20، انتقلت إلى لندن وسجلت ألبومها الأول عندما كانت حاملا بطفلها الأول، وقد طلبت منها شركة الإنتاج حينها باعتماد مظهر أنثوي أكثر، مما أثار استياءها.
وقالت أوكونور لصحيفة “ديلي تلغراف” عام 2014 “لقد دعوني لتناول الغداء وقالوا إنهم يرغبون في رؤيتي أرتدي تنانير قصيرة وأحذية ذات كعب عال وأن أترك شعري ينمو”.
بعد فترة وجيزة، طلبت المغنية من مصفف شعر يوناني شاب أن يحلق رأسها. “لم يكن يريد أن يفعل ذلك، لقد كاد يبكي. أما أنا فقد كنت سعيدة بالأمر”.
وصرّحت أوكونور في عام 2013 “أعتقد أن عليّ القول إن الموسيقى أنقذتني. لقد كنت أمام خيارَي السجن أو الموسيقى. كنت محظوظة”.
وقد جعلها رأسها الحليق ونظراتها الثاقبة وصوتها الرقيق نجمة في جميع أنحاء العالم، ودائما ما كانت تقدم حفلات استُنفدت كل تذاكرها.
كانت معروفة أيضا بمناصرتها لحقوق المرأة وانتقادها للاعتداءات الجنسية داخل الكنيسة الكاثوليكية في أيرلندا.
في العام 1992، نددت بالاعتداءات الجنسية على الأطفال في الكنيسة من خلال تمزيقها صورة البابا يوحنا بولس الثاني خلال البرنامج التلفزيوني الأميركي “ساترداي نايت لايف”.
ولم تكن تكشفت بعد يومها آلاف حالات الاعتداءات الجنسية على الأطفال والمراهقين التي ارتكبها رجال الدين في أيرلندا بين ستينيات القرن العشرين وتسعيناته.
وكانت أوكونور أثارت الجدل بعد تعميدها كاهنة في إحدى الكنائس الأيرلندية عام 1999، ثم اعتناقها الإسلام عام 2018، ثم عودتها إلى المسرح الأميركي، وهي مفعمة بالحيوية والثقة في صوتها القوي عام 2020، ونشر مذكراتها التي أصبحت الأكثر مبيعا العام الماضي، وانتهاء بالانتحار الصادم لابنها شين (17 عاما) العام الماضي 2022.
فقد فَجّرت غضبا عارما بالولايات المتحدة بعد رفضها عزف النشيد الوطني قبل حفل لها في نيوجيرسي عام 1990، مما جعل المغني فرانك سيناترا “يتنمر عليها ويسخر من رأسها الحليق، ويهددها بالركل”.
الأيرلندية المتمردة
“إنها شخصية لامعة ترفض الانصياع” بهذه العبارة وصف الناقد المخضرم بيتر برادشو نجمة الثمانينيات أوكونور تعليقا على تحولها الجريء إلى الإسلام، معتبرا أنه “دليل قوي على شخص لامع يرفض الانصياع”، بحسب تقرير سابق للجزيرة نت.
وأضاف “نحن بصدد إنتاج فيلم وثائقي يحتفي بأسطورة غنائية، وصاحبة موهبة فذة، اختارت أن تسبق عصرها، بأسلوبها الصادم، كمُنشقة ترفض الصمت، وتتحمل ثمن مجاهرتها بآرائها السياسية، ودفاعها عن قضايا أصبحت شائعة بعد تصديها لها”.
امتلكت أوكونور كل شيء، وحققت نجاحا ساحقا “لكنها ألقت بكل ذلك بعيدا، وأصبحت منبوذة، لتحدثها علنا في أمور لم يجرؤ عليها أحد”، بحسب برادشو الذي لا يخفي إعجابه باستمرارها، رغم كل شيء، في صنع الموسيقى “كدليل على شجاعتها وصلابتها”.
لكن هذا لم يمنع أوكونور أن تصبح شخصية احتجاجية عالمية “باقتحامها قضايا مثيرة للجدل نقلتها من النجومية إلى النبذ” وفقا لشبكة “شو تايم”.