الشركة الجزائرية القطرية للصلب.. نموذج للشراكات العربية الناجحة | اقتصاد
تحولت الجزائر في السنوات الأخيرة من بلد مستورد للحديد والصلب -خصوصا حديد التسليح- إلى مصدّر بفضل مصنعين، أحدهما ثمرة شراكة بين مجمع سيدار الحكومي الجزائري بحصة 51% وشركة “قطر ستيل” المملوكة لشركة صناعات قطر بنسبة 49%.
ويعد مجمع بلارة للحديد والصلب -الذي تجاوزت تكلفته الاستثمارية ملياري دولار- من أكبر وحدات الاختزال في العالم، كما يصنف واحدا من أضخم المجمعات الصناعية في الجزائر وأفريقيا، ويتوقع أن ينافس عالميا عند بلوغ معدل الإنتاج 5 ملايين طن سنويا.
وأكد يوسف بن أحمد المهندي المدير العام والرئيس التنفيذي للشركة الجزائرية القطرية للصلب للجزيرة نت أن الشركة تعد أكبر استثمار عربي- عربي في مجال الصلب.
من جهته، يرى الخبير الاقتصادي محفوظ كاوبي أن الشركة الجزائرية القطرية للصلب تعد من بين “التجارب الرائدة عربيا، خصوصا أن المشروع يندرج ضمن إستراتيجية الجزائر في تنويع مداخيل الاقتصاد بالاعتماد على صناعة الحديد والصلب التي تعد من القطاعات الإستراتيجية في البلاد”.
الإنتاج
دخل المصنع الواقع في منطقة الميلية الساحلية التابعة لولاية جيجل شرقي الجزائر مرحلة الإنتاج في ديسمبر/كانون الأول 2017، وتمكن من تصدير ما قيمته 110 ملايين دولار، فضلا عن تغطية جزء من الطلب المحلي.
وتعتبر الشركة الجزائرية القطرية للصلب أحد أهم أقطاب صناعة الحديد والصلب على الصعيدين المحلي والإقليمي بطاقة إنتاجية تقدر بمليوني طن سنويا من منتجات الصلب النهائية.
وتخطط الشركة خلال المرحلة القادمة لمضاعفة الطاقة الإنتاجية لتصل إلى 4 ملايين طن سنويا من منتجات الحديد، وفقا للاتفاق المبرم بين الجزائر وقطر في عام 2022 لاستكمال المرحلة الثانية من توسعة مجمع “بلارة” للصلب.
منتجات متنوعة
يضم المجمع الصناعي للشركة الجزائرية القطرية للصلب “إيه كيو إس” (AQS) 9 وحدات إنتاج تقوم على تكنولوجيا متطورة قائمة على مبدأ الحفاظ على البيئة المحيطة، مع ضمان نسب إنتاجية عالية تتوافق مع معايير الجودة الدولية.
وحصلت الشركة الجزائرية القطرية للصلب على شهادة جودة مطابقة منتجات حديد التسليح ولفائف الأسلاك الحديدية من الهيئة البريطانية لاعتماد منتجات الصلب عبر العالم، مما يفتح الأسواق العالمية أمامها.
وينتج المصنع بالإضافة إلى قضبان الحديد ولفائف الأسلاك الحديدية الأكسجين والنيتروجين والآرغون عن طريق مصنع فصل الغازات، كما ينتج أيضا مواد الحجر الجيري والجير الغني بالمغنيسيوم.
ويتوقع المهندي أنه مع انطلاقه المرحلة الثانية من المشروع سيتجه المصنع لإنتاج “أنواع جديدة من منتجات الحديد لتلبية احتياجات الأسواق المحلية والدولية”.
استهداف الأسواق العالمية
الهدف الأول للشركة الجزائرية القطرية للصلب كان تلبية احتياجات السوق المحلي في الجزائر من مادتي حديد التسليح ولفائف الحديد، وبفضل تضافر كل الجهود حققت الجزائر ولأول مرة في تاريخها اكتفاء ذاتيا في مادة الصلب بعد أن كان هذا القطاع يكلف خزينة الدولة ملايين الدولارات، وفق المختصين.
ويؤكد الخبير الاقتصادي محفوظ كاوبي أن الجزائر تسعى من خلال هذا المشروع إلى “منح قيمة مضافة للإنتاج المحلي وتأهيله ليساعد في قطاعات صناعية أخرى مثل صناعة السيارات”.
وأشار كاوبي إلى أن بدء استغلال منجم “غارا جبيلات” للحديد الواقع في الجنوب الغربي للبلاد سيكون له تأثير كبير على سوق الحديد داخليا وخارجيا، لمساهمته في خفض سعر المادة الأولية وزيادة تنافسية المنتجات في الخارج وتوسيع مجالات التصدير أمام الحديد الجزائري.
وعملت الشركة الجزائرية القطرية للصلب على تصدير الفائض من منتجاتها إلى الأسواق العالمية، وتشهد نسبة صادراتها ارتفاعا وإقبالا كبيرين في الأسواق الدولية بفضل الجودة العالية للمنتجات والأسعار التنافسية، وهو ما جعل الطلب يزداد على منتجاتها في الأسواق الأميركية والأوروبية ودول آسيا، وقارة أفريقيا التي تعتبر سوقا إستراتيجيا مهما في خطة عمل الشركة.
وأكد المهندي أن “المجمع يستهدف تجاوز 300 مليون دولار من الصادرات خلال العام الجاري 2023 بعد أن بلغت السنة الماضية 160 مليون دولار”.
ولفت المسؤول إلى أن الشركة تصدر منتجات “عالية الجودة” إلى الأسواق الأوروبية وأفريقيا وآسيا، فيما أصبحت الولايات المتحدة الأميركية “أبرز عملاء للشركة”.
ويرى المهندي أن الشركة الجزائرية القطرية للصلب تعد “نموذجا يحتذى للشراكات الإستراتيجية الناجحة بين الدول العربية التي تحقق منافع متبادلة وتجسيدا حيا وتطبيقا عمليا لرؤية الجزائر التنموية في المجال الصناعي وتحقيق غايات وأهداف رؤية قطر الوطنية لعام 2030، تحديدا في ما يخص عملية الاستثمار الخارجي وتنويع مصادر الدخل”.
أما كاوبي فلفت إلى أن توسيع المشروع وطاقته الإنتاجية ومنتجاته تؤكد الآفاق الإستراتيجية لهذا التعاون، كما تمهد لاستثمارات أخرى في قطاعات جديدة كالسياحة والصناعات المختلفة.