ما الذي ينقص الدول العربية للمنافسة في “الذكاء الاصطناعي”؟
موقعي نت متابعات عالمية:
وتتمتع عديد من الدول العربية بإمكانات تؤهلها للمنافسة، ما بين الوفورات المالية بالنسبة لبعض الدول، وكذلك العقول المُبدعة التي يتم الاعتماد عليها في شركات عالمية ويُمكن الاستفادة منها بشكل كبير، وبما يتطلب مزيداً من التكامل العربي الجاد في هذه القطاعات التي تشكل أساس المستقبل.
آخر بيانات مؤشر الذكاء الاصطناعي العالمي للعام 2023، أظهر الفروق بين الدول ومدى لحاقها بثورة “الذكاء الاصطناعي” التي انطلقت خلال السنوات الأخيرة.
ويبدو أن هناك محاولات عربية متنوعة ورغبة واضحة في اللحاق بموقع متقدم ضمن منافسات الذكاء الاصطناعي، وهو ما أظهره المؤشر الذي كشفت عنه جامعة “ستانفورد” مؤخراً ويصنف مجموعة من الدول حسب قدراتها في مجال الذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي، ويتمحور حول محاور ثلاثة هي: (التنفيذ والابتكار والاستثمار) ويعتمد على عدة معايير منقسمة إلى سبع ركائز فرعية وهي (تحت محور التنفيذ: المواهب والبنية التحتية والبيئة التشغيلية)، (وتحت محور الابتكار: البحث والتطوير)، (وتحت محور الاستثمار: الاستراتيجية الحكومية والتجارة).
احتلت دولة الإمارات المرتبة الأولى على الصعيد العربي، والـ 28 عالمياً، تلتها المملكة العربية السعودية في المرتبة الثانية عربياً والـ 31 عالمياً، ثم قطر في المرتبة الـ 42 عالمياً، ومصر في المرتبة الـ 52 عالمياً.
وفي هذا الإطار، أشار خبراء ومحللون في تصريحات متفرقة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن هناك فرصاً واعدة بالدول العربية لتقدمها وتعزيز مكانتها في “الذكاء الاصطناعي” والقطاعات المرتبطة به، ومزاحمة الكبار، لكنها تحتاج لتنفيذ عدة خطوات لإحراز هذا التقدم.
تصنيفان للدول العربية
في البداية، أوضح رئيس مجلس إدارة شركة “آي دي تي” للاستشارات والنظم، محمد سعيد، أنه يمكن تصنيف الدول العربية إلى مستويين في منافسات التقدم بمجال الذكاء الاصطناعي، يضم المستوى الأول دولاً مثل الإمارات والسعودية، بعد أن حققتا تقدماً واسعاً في هذا السياق، بينما مصر والأردن والمغرب على سبيل المثال في المستوى الثاني، وسط جهود واسعة للمضي قدماً في التطوير واللحاق بالركب.
وأضاف في حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن كلاً من الإمارات والسعودية اتخذتا خطوات هامة في مجال التكنولوجيا بشكل عام، من خلال مبادرات تشجيعية لريادة الأعمال، وأصبحتا قادرتين على تنفيذ مشروعات حقيقية تطبيقية على أرض الواقع باستخدام التقنيات والذكاء الاصطناعي.
أما عن الدول الأخرى، ومن بنيها مصر، فقال إنه على الرغم من أن تلك الدول تتوافر بها مقومات تجعلها رائدة في الذكاء الاصطناعي، إلا أنها متأخرة نسبياً في اللحاق بموقع متقدم، لافتاً إلى أنها سبق وتأخرت في المضي قدماً بتقنيات أخرى سابقة ظهرت وأخذت حصة سوقية كبيرة من الاستثمارات في مجال التكنولوجيا منها الحوسبة السحابية وتطبيقات الهاتف المحمول،
وحدد سعيد عدداً من الخطوات التي تساعد على انطلاق الدول العربية نحو قطاع الذكاء الصناعي والمنافسة مستقبلاً، وأبرزها:
خارطة طريق على المستويات المختلفة: يتعين من وضع خارطة طريق تقودها الجهات المسؤولة في كل دولة عن هذا القطاع، على أن تقود موجة اللحاق بالتقنيات الحديثة والتكنولوجيات الصاعدة، فقد يكون ذلك أحد الحلول السحرية للمشاكل والتحديات الاقتصادية التي تعانيها الدول وتوفر دخل من العملة الأجنبية، على أن تكون خارطة الطريق واضحة ومتكاملة على مستوى الأفراد والشركات الصغيرة والشركات الكبيرة.
إطلاق مبادرات جديدة: من الضرورة بمكان إطلاق مبادرات لتشجيع القطاع، بما يتضمن على سبيل المثال إعفاءات ضريبية لتشجيع ريادة الأعمال في الأنشطة الموجود بها قدر كبير من المخاطرة، وكذلك مبادرات تمويلية تتيح التمويل للشركات العاملة في القطاع.
ورش عمل: من المهم أن يتم توفير ورش عمل تقودها الجهات المسؤولة لتشجيع من لديهم حماس للدخول في هذا المجال من خلال خوض التجربة العملية والوصول لنتائج دون التعرض لمخاطر رأسمالية.
استخدام الذكاء الاصطناعي داخل المؤسسات الحكومية: على الحكومات دعم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي داخل المؤسسات الحكومية، فهي تعد أكبر عميل للتكنولوجيا، وإذا لم تشجع الشركات على الحصول على منتجاتها للذكاء الاصطناعي، لن تتطور الصناعة.
دور منظمات المجتمع المدني: هي على سبيل المثال غرفة صناعة المعلومات أو شعبة تكنولوجيا المعلومات (حسب تسميتها في كل دولة)، إذ لابد أن يكون لهم دور في التواصل مع الشركات ورفع مستوى الوعي لديها عن التقنيات وطرق الحصول على عائد اقتصادي وسوقي من خلال تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي.
التعاون الدولي: يتعين أن يكون هناك تعاون بين الدول التي أحدثت تقدماً في الذكاء الصناعي وتلك التي لا تزال متأخرة في هذا السياق، من خلال الأشخاص والمؤسسات والشركات الكبرى، عبر تبادل الزيارات لاكتساب خبرات ورفع مستوى الوعي والمساعدة على تبني مثل هذه التقنيات.
تغيير الفكر الحكومي
وإلى ذلك، أكد رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات المصرية المتخصصة في الأنظمة الروبوتية، ديفيد سمير، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن الفكر الحكومي هو أساس التقدم لأية دولة في مواكبة التكنولوجيا وتطوراتها، مشيراً إلى أن كثيراً من دول الشرق الأوسط لم تحرز تقدماً واسعاً في الذكاء الاصطناعي لهذا السبب، ما يستوجب تغيير هذا الفكر.
وأضاف: “أغلب الدول العربية تشهد عقبات حكومية، تُعطل بدورها الأشخاص والشركات”، مشيراً إلى أن ذلك واضحاً بشكل كبير في دول مثل مصر والأردن على سبيل المثال، رغم أن شباب تلك الدول بارع، لكنه لم تتح له فرصة التجربة بشكل كامل.
وأفاد بأن المشكلة الثانية التي تتسبب في تأخر بعض الدول العربية عن اللحاق بموقع متقدم بمجال الذكاء الاصطناعي، هي أن نسبة كبيرة تعاني من مشكلة “الثقافة” لجهة غياب الاطلاع والتعلم والتدريب، مشدداً على ضرورة إيجاد حل مناسب لتلك الأزمة، إضافة إلى ضرورة تغيير الفكر التعليمي في الجامعات خاصة وأن منهجيات التعليم متأخرة في بعض الدول.
ولفت إلى أن الدول العربية تواجه تحديات ضخمة على رأسها الفكر الحكومي والمجتمعي، موضحاً أن دولة الإمارات تعد من أوائل الدول العربية التي حاولت التغلب على تلك التحديات، مستغلة توافر الإمكانات لديها، ما جعلها قادرة على توظيف خدمات الذكاء الاصطناعي والعمل بها في حوكمة الأنظمة الحكومية.
لكنه لم يستبعد أن تتحول الدول العربية إلى منافس قوي في الذكاء الاصطناعي في المراحل المقبلة، خاصة وأن أغلب الدول الأوروبية تعتمد على العقول العربية.
الاهتمام الحكومي والدعم المالي
من جهته، أوضح أستاذ علم الحاسوب وخبير تكنولوجيا المعلومات، الدكتور حسين العمري، في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن الدول العربية المتقدمة نسبياً اعتمدت على ما لديها من وفرة مالية وعلى الاهتمام الحكومي بالبنية التحتية والبيئة التشغيلية والاستراتيجية الحكومية فيما يخص تطوير قطاعات تكنولوجيا المعلومات، منوهاً إلى أن تلك الدول لا زالت تحتاج إلى بذل المزيد من الجهود لاستقطاب المواهب وتشجيع البحث العلمي والتطوير.
أما عن الدول المتأخرة في اللحاق بركب “الذكاء الاصطناعي”، فذكر أنها تحتاج إلى زيادة كبيرة بالاهتمام الحكومي وإلى الاستثمار والتجارة لتشجيع المواهب والبحث والتطوير، لافتاً إلى تمتع بعض تلك الدول بمقومات حقيقية تؤهلها لذلك.
وأكد أن التعاون الحثيث بين الدول العربية المذكورة، من شأنه النهوض بكل الدول فيما لو استُغل الاستثمار والتجارة على مستوى المنطقة لتنمية المواهب والبحث والتطوير وإنشاء شركات ومشاريع على مستوى المنطقة، وأيضاً في إبرام اتفاقات حكومية للتأكد من اهتمام الحكومات المشاركة بتحسين البنية التحتية والبيئة التشغيلية والاستراتيجية الحكومية، كنوع من التكامل العربي في هذا السياق.
وشدد خيبر تكنولوجيا المعلومات على أنه “لكي نلمس تحسناً في المواهب والتطوير والبحث والتجارة، لا بد من تنقل الأدمغة وتبادل جهود البحث والتطوير بين الدول لتشجيع المواهب والتطوير والبحث،مؤكداً أن هذا التعاون والعمل على مستوى المنطقة سيقلل حجم الفجوة الرقمية والتعليمية بين شعوب هذه الدول.
نشكركم لقراءة خبر “ما الذي ينقص الدول العربية للمنافسة في “الذكاء الاصطناعي”؟” عبر صحيفة “موقعي نت”..