بعد 6 سنوات على انتهاء الحرب.. لماذا لا يزال سكان القرى العربية في نينوى العراقية نازحين؟ | سياسة
مراسلو الجزيرة نت
الموصل- “مئات العوائل لا تزال ممنوعة من العودة إلى قراها، أسكن في بيت مستأجر في ناحية ربيعة، والسلطات الكردية تمنعنا من العودة إلى قرانا التي نمتلك فيها مئات الدونمات من الأراضي الزراعية المتروكة منذ سنوات”، بهذه الكلمات يصف خلف محمد أحد سكان ناحية ربيعة (غرب مدينة الموصل) معاناته بعد 6 سنوات على انتهاء الحرب واستعادة القوات العراقية السيطرة على الناحية من مقاتلي تنظيم الدولة.
ويتابع محمد -في حديثه للجزيرة نت- أنهم طرقوا أبواب جميع المسؤولين الحكوميين في حكومتي بغداد وإقليم كردستان العراق لأجل حل مشكلتهم، مشيرا إلى أن وضعهم لا يزال على ما هو عليه، الأمر الذي أجبرهم على الخروج بوقفة احتجاجية في الناحية الاثنين الماضي.
وتقع ناحية ربيعة التابعة إداريا لمحافظة نينوى على بعد 100 كيلومتر إلى الغرب من مدينة الموصل (عاصمة المحافظة). وكان تنظيم الدولة قد أحكم سيطرته على المنطقة في يونيو/حزيران 2014، قبل أن تستعيدها القوات العراقية في يوليو/تموز 2017.
وقفة احتجاجية
وشهدت ناحية ربيعة وقفة شعبية احتجاجية شارك فيها المئات احتجاجا على استمرار منع حكومة إقليم كردستان إعادة سكان القرى العربية في ناحيتي ربيعة وزمار إلى مناطقهم، حيث تمنع القوات الكردية سكان قرى الشيخان والسعودية والمحمودية وصفية والقاهرة من العودة إلى قراهم وأراضيهم الزراعية.
وفي السياق، يقول النائب عن محافظة نينوى عبد الرحيم الشمري إن هناك عشرات القرى في مناطق الحمدانية وزمار ومخمور وربيعة لا تزال قوات البيشمركة الكردية تمنع أهلها من العودة إليها، مبينا أن هذه الوقفة الاحتجاجية تعد الخطوة الأولى.
وعن قصة هذه القرى، يتابع الشمري -الذي ينحدر من ناحية ربيعة- أن قوات البيشمركة كانت من ضمن القوات التي حررت هذه المناطق من تنظيم الدولة وفرضت سيطرتها العسكرية عليها ومنعت أهلها من العودة إليها، مشيرا إلى أن شروع القوات العراقية في أكتوبر/تشرين الأول 2017 بعملية فرض القانون ضد القوات الكردية التي أعقبت استفتاء انفصال إقليم كردستان عن العراق أسهمت بانسحاب القوات الكردية عن كثير من القرى، إلا أن هناك قرى أخرى لم تنسحب منها، وتتمثل بـ 5 قرى في ناحية ربيعة و3 أخرى في ناحية زمار، ومجموع قرى حسن شامي في منطقة الخازر التابعة لقضاء الحمدانية جنوب شرق الموصل.
ويبين الشمري -في حديثه للجزيرة نت- أن نازحي هذه القرى موزعون إما في المخيمات أو في البيوت المستأجرة، بعد أن كان هؤلاء النازحون يمتلكون أراضي زراعية شاسعة تغنيهم عن مخيمات النزوح والمساعدات.
وعن الخطوات اللاحقة، أوضح أنه بعد إخفاق بعثة الأمم المتحدة في العراق والحكومة في إيجاد حل لهذه المشكلة، بدأت أولى الخطوات بوقفة احتجاجية شارك فيها قرابة 3 آلاف شخص، ثم مظاهرات واعتصامات، مبينا أنه في حال عدم التوصل إلى حل، فإن جميع الخيارات مطروحة من قبل عشائر المنطقة، وفق تعبيره.
أما عن عدد سكان هذه القرى، فكشف أنه يناهز 12 ألف نسمة في قرى ربيعة وحدها، فضلا عن آلاف آخرين في مناطق الخازر وزمار وغيرها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن جميع هذه المناطق تعد مستقرة أمنيا ولا يوجد مانع أمني يحول دون إعادتهم إلى قراهم.
الموقف الحكومي
وبالذهاب إلى الموقف الحكومي، يشير المتحدث الرسمي باسم وزارة الهجرة والمهجرين الاتحادية علي عباس جهانكير إلى أن جميع هذه المناطق تسكنها العشائر العربية، وبالتالي، تحاول الحكومة إعادة هؤلاء النازحين إلى مناطقهم، ويقول إن أعداد نازحي قرى ربيعة تقدر بـ2400 عائلة، في حين يرزح نحو 600 عائلة من منطقة الخازر في المخيمات، فضلا عن آلاف آخرين نازحين في مناطق مختلفة.
وفي حديثه للجزيرة نت، يتابع جهانكير أن حكومة الإقليم اتخذت خطوات عملية لإعادة نازحي منطقة الخازر جنوب شرق الموصل؛ غير أن الإجراءات لا تزال غير مفعلة، في حين لم تعقد أي مباحثات رسمية حول إعادة نازحي قرى ناحيتي ربيعة وزمار، وفق قوله.
الموقف الكردي
على الجانب الآخر، يشير النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني في محافظة نينوى شيروان الدوبرداني إلى أن الوقفة الاحتجاجية في ناحية ربيعة تمت برعاية النائب عبد الرحيم الشمري لأغراض الدعاية الانتخابية.
ويتابع -في حديثه للجزيرة نت- أن قوات البيشمركة هي التي حررت هذه المناطق من سيطرة مقاتلي تنظيم الدولة، حيث إن قيادة الحزب الديمقراطي كان قد وافق على إعادة سكان هذه القرى إلى مناطقهم، غير أن الأزمات التي اندلعت بين بغداد وأربيل ثم جائحة فيروس كورونا أخرت إعادة النازحين إلى مناطقهم.
وأكد الدوبرداني أن موضوع إعادة النازحين في منقطة الخازر قد انتهى، وأن عودتهم ستكون خلال الأسابيع القادمة، وأشار إلى أن العمليات العسكرية خلال عمليات فرض القانون أدت إلى نزوح سكان ناحية ربيعة من قراهم، وأن مباحثات إعادة سكان قرى ربيعة ستبدأ بعد إعادة نازحي منطقة الخازر.
واختتم حديثه بالإشارة إلى أنه قد تم تخصص مبلغ 17 مليون دولار لأجل إعادة البنى التحتية في منطقة الخازر تحضيرا لإعادة نازحي مخيم حسن شامي، وفق قوله.
في حين أكد النائب عبد الرحيم الشمري أن هناك ما وصفه بـ”المماطلة” من قبل حكومة إقليم كردستان تجاه إعادة سكان هذه القرى، لا سيما أن حكومة الإقليم كانت قد وعدت بإعادة نازحي منطقة الخازر في قضاء الحمدانية عام 2018، غير أن أي إجراء حقيقي لم يتخذ حتى الآن، وفق قوله.
وما بين وعود إعادتهم إلى ديارهم وتعقيدات المشهد السياسي في العراق، لا يزال النازحون يكابدون ضنك العيش في ظل لهيب أجواء الصيف في العراق والبرد القارس شتاء.