بعد مقاطعة الجيش قمة إيغاد.. ما مستقبل المساعي الأفريقية لحل الأزمة السودانية؟ | البرامج
قال الكاتب والمحلل السياسي السوداني، مزمل أبو القاسم، إن موقف الخرطوم من الآلية الرباعية لمنظمة إيغاد لم يكن مفاجئا، حيث أعلنت اعتراضها ابتداء على رئاسة كينيا لهذه الرباعية، إضافة لعدد من التحفظات لم يتم مراعاتها من قبل المنظمة.
وأوضح أن هذا الموقف معلن منذ اجتماع إيغاد الذي عقد الشهر الماضي في جيبوتي، حيث يرى السودان أن الرئيس الكيني وليام روتو، لا يعد طرفا محايدا لعلاقاته برئيس مجموعة الدعم السريع محمد حميدتي، مشددا في ذات الوقت على أن ذلك لا يعني إغلاق الباب أمام المبادرات الأفريقية.
وجاء حديث أبو القاسم خلال الحلقة التي خصصها برنامج “ما وراء الخبر” بتاريخ (2023/7/10) لاجتماع الآلية الرباعية لمجموعة إيغاد الختامي، الذي انعقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ودعا بيانه الختامي طرفي الصراع في السودان، إلى وقف فوري لإطلاق النار، والاحتكام إلى الحوار والتفاوض.
وقد قاطع وفد الجيش السوداني الاجتماع، الذي تزامن مع استمرار المواجهات على الأرض، وقالت الخرطوم إنها غير معنية بنتائجه، بينما حضره وفد لقيادات سياسية ومدنية سودانية، وممثلون لقوات الدعم السريع، كما حضره ممثلون لأميركا ودول أخرى بينها السعودية ومصر.
وتساءلت حلقة ما وراء الخبر عن وجاهة الأسباب التي دعت الجيش السوداني لمقاطعة الاجتماع، وتأثير تلك المقاطعة على مخرجاته وانعكاساتها على مسار الحوار عبر الوساطات الأفريقية برمته، وأفق حل الأزمة السودانية في ظل انسداد جهود التسوية وتعطل مساعي وقف إطلاق النار.
غير منطقي
وفي حديثه لما وراء الخبر، يرى أبو القاسم أنه ليس من المنطق تقديم مبادرة تحدد مصير دولة كاملة، دون التنسيق مع حكومتها، معتبرا أن التصريحات التي صدرت من رئيس كينيا في ختام القمة كانت حادة وغير موضوعية وتعكس عدم حيادية موقفه تجاه الأزمة.
كما اعتبر تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، غير مقبولة، وتهدف لتقليم أظافر السودان، وهو ما يدفع للنظر إلى موقفه كذلك بعين الريبة.
وكان الرئيس الكيني قال في كلمة له خلال الجلسة الختامية لاجتماع إيغاد إن الوضع في السودان يتطلب ما وصفها بقيادة عاجلة، تكون قادرة على إخراج السودان من الكارثة الإنسانية التي يتجه نحوها، مضيفا أن الوضع في دارفور يخرج عن السيطرة ويكتسب بُعدا عرقيا.
في حين دعا رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، إلى اتخاذ ما سماها إجراءات فورية في السودان، تشمل فرض منطقة حظر طيران ونزع المدفعية الثقيلة، معربا عن قناعته بأن السودان يعاني من فراغ في القيادة حاليا، و”أن هذا يحتّم على الجميع، عدم الوقوف مكتوفي الأيدي، لأن العواقب ستكون وخيمة على السودان والمنطقة”، على حد تعبيره.
وشدد أبو القاسم على أن الموقف السوداني لا يعني إغلاق الباب أمام المساعي الأفريقية لحل الأزمة، معتبرا أن إرسال الحكومة وفدا لأديس أبابا، يعكس جديتها في البحث عن دور أفريقي بنّاء، ومشيرا كذلك إلى مساع مصرية بعقد قمة أخرى لدول جوار السودان خلال الأيام المقبلة.
تجدر الإشارة إلى أن الوفد الممثل للحكومة السودانية لم يشارك في اجتماع لجنة إيغاد.
مخيب للآمال
وأفاد الدكتور بروك هايلو، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة أديس أبابا، بأن رئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان، أرسل إشارات لإمكانية مشاركته في القمة، إلا أنه لم يحضر، وهو الأمر الذي كان مخيبا للآمال.
وأشار في حديثه لما وراء الخبر إلى أن الاجتماع شهد مشاركة واسعة من قبل ممثلين لقوى مدنية سياسية ومهنية إضافة لممثلي دول مختلفة، وهو الأمر الذي كان يتطلب تجاوبا من قبل الجيش السوداني وممثليه الذين كانوا موجودين في العاصمة الإثيوبية.
ورأى أن الأسباب التي يبرر بها الجيش مقاطعته للقمة غير موضوعية، و”سبق أن فُندت”، معتبرا التصريحات الصادرة عن الرئيس الكيني ورئيس الوزراء الإثيوبي شديدة اللهجة، إلا أن الواقع السوداني هو الذي فرضها، حيث لا بد من التحرك لصالح ملايين السودانيين من المدنيين المتضررين من الحرب.
ولم يستبعد هايلو التوجه لتشكيل حكومة موازية في المنفى من قيادات القوى السودانية التي كانت حاضرة للقمة، وذلك لمعالجة الفراغ الحاصل، مشددا في هذا السياق على أن تلك القوى هي من أسقطت حكومة الرئيس السابق عمر البشير، لكن تم سرقة ثورتهم على حد تعبيره.