عبد الرزاق مقري: الإسلاميون وجدوا مشقة في العبور خلال الربيع العربي لكنهم بصدد التأسيس لمسار نظري جديد | البرامج
يعتقد الرئيس السابق لحركة “مجتمع السلم” عبد الرزاق مقري -في الجزء الثاني من حديثه لبرنامج “المقابلة”- أن الإسلاميين في الوطن العربي يفتقرون إلى الأدوات الفكرية التي تسمح لهم بالتعامل مع تناقضات الحكم، مؤكدا أن ممارسة الدعوة غير ممارسة السياسية، لكنه يرى أن التيارات الإسلامية بصدد التأسيس لمسار نظري جديد.
ويقول إن الإسلاميين لديهم مشكلة فكرية في كيفية التعامل مع الاستبداد، وكيفية التعامل مع المجتمعات المعقدة، مبرزا أنه في مرحلة الدعوة كان التعامل مع مجتمعات بسيطة بخطاب ديني يوائم الجميع، ولكن عندما دخل الإسلاميون مجال العمل السياسي، وجدوا الوضع يختلف.
ويذكر مقري أنهم في حركة مجتمع السلم الجزائرية قرروا الحفاظ على سيادتهم واستقلاليتهم من دون الدخول في صدام مع الحكم، وأنهم لا يقبلون بأن يبتلعهم النظام أو يدجنهم.
وبالإضافة إلى أزمتهم الفكرية، يعاني الإسلاميون -حسب مقري وهو أيضا الأمين العام لمنتدى كوالالمبور للفكر والحضارة العالمي- أزمة ممارسة، إذ صارت الحركات الإسلامية ترتكب أخطاء كثيرة بسبب نقص الخبرة، فضلا عن مشاكل أخرى تتعلق بمناهج العمل ومناهج التغيير.
وحسب ضيف حلقة (2023/7/9) من برنامج “المقابلة”، فقد وجد التيار الإسلامي مشقة في العبور خلال أحداث الربيع العربي، لأن الإسلاميين لا يملكون -ما سماه- “فكرا مؤسسا ومؤصّلا”، فأغلبهم لا يقرؤون عن الاقتصاد، ولا عن علم الاجتماع، ولا عن العلاقات الدولية.
لكنه في المقابل، يعتقد أن الإسلاميين، الذين دخلوا الآن في مسار وهدف جديد وهو المنافسة على الحكم، بصدد التأسيس لمسار نظري جديد، ومن ثم فإن الأخطاء التي ترتكبها الحركات الإسلامية أمور طبيعية، لأنها تجرب في شيء جديد، موضحا أن ما يحدث في هذه المرحلة هو “التقاء بين صيرورة تاريخية وحتمية نصية”، متوقعا أن منهج الإسلاميين سيُضبط وستنتقل الفكرة الإسلامية إلى الدولة.
وفي السياق نفسه، يوضح أن الإخوان المسلمين في مصر لم يخفقوا في تحقيق الهدف الذي اشتغلوا عليه العقود الماضية، وهو الدعوة، لكنهم دخلوا في مسار جديد وهو المنافسة على الحكم، فوجدوا صعوبات وعراقيل، مؤكدا أن الاستبداد هو سبب الأزمة التي وقعوا فيها، وحسب رأيه، فإن صراع الإسلاميين مع الأنظمة ليس سببه أنهم إسلاميون، بل لأنهم ينافسون على السلطة.
تقييم تجربة الإخوان
وعن تجربة جماعة الإخوان المسلمين في مصر، يقول السياسي الجزائري إن هذه التجربة هي الأبرز على المستوى الدعوي، لكنها متأخرة على المستوى السياسي عن التجارب التي عرفتها بعض الدول مثل الجزائر والمغرب وموريتانيا والكويت.
ويضيف أن الإخوان في مصر ارتكبوا أخطاء سياسية كبيرة جدا، أبرزها أنهم تخلفوا عن الالتحاق بالثورة الشعبية وخرجوا منها قبل الوقت، فبعد إسقاط نظام حسني مبارك شرعوا في الحوار مع المجلس العسكري، وهذا كان خطأ، باعتبار أنه كان يتعين عليهم عدم السماح بأن تكون المرحلة الانتقالية بيد المجلس العسكري وحده.
وكان من المفترض -يواصل المتحدث- أن يكون لدى الإخوان المسلمين حرص شديد بشأن مسألة خوض الانتخابات على مستوى الرئاسة، خاصة أن قرارهم الجازم كان يقضي بألا تنافِس الحركة الإسلامية على الرئاسة، كاشفا عن أن الإخوان لاموا بشدة حركة مجتمع السلم، عندما رشحت رئيسها الشيخ الراحل محفوظ نحناح لخوض الانتخابات الرئاسية في الجزائر عام 1995. ويرى أن جماعة الإخوان المسلمين كان عليها أن تدخل الانتخابات في مصر بتوافق.
يذكر أن الدكتور مقري سياسي وبرلماني جزائري، وهو عضو مؤسس لحركة مجتمع السلم عام 1991، ورافق مؤسسها محفوظ نحناح منذ البداية. ولد مقري في أكتوبر/تشرين الأول 1960 في ولاية المسيلة، وانخرط في الدعوة الإسلامية عام 1974 في سن 14 عاما. وله عدة كتابات ومؤلفات، منها “صدام الحضارات” و”الحكم الصالح وآليات مكافحة الفساد” و”الانتقال الديمقراطي في الجزائر: رؤية ميدانية”.