Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
خبر عاجل

يورغ شماتكه إلى ليفربول.. بداية العودة أم بداية النهاية؟


طبعا أنت تسأل نفسك الآن: مَن هو شماتكه؟ ربما تعتقد أنه اللاعب الهجومي الخلّاق المنتظر، الذي سيُضيفه ليفربول إلى قائمته ليُلقي حجرا آخر في مياه وسط ليفربول الراكدة منذ 2016-2017، ولكن شماتكه اعتزل كرة القدم منذ عقود للأسف، وحتى عندما كان لا يزال يلعب، كان ينشط في آخر مركز يحتاج إلى التدعيم في ليفربول حاليا؛ حراسة المرمى.

منعا لخيبة الأمل، سنخبرك أن ليفربول أوشك على ضم اللاعب الهجومي الخلّاق بالفعل؛ حينما تُنشر هذه السطور سيكون ألِكسيس ماكالِستر قد أتم الاختبارات الطبية في مِلوود، وربما يكون النادي قد أعلن عن قدومه بالفعل، وللمفارقة، لم يكن لشماتكه، المدير الرياضي الجديد الذي استبدل جوليان وورد بعد عام واحد في المنصب، أي دور في هذه الصفقة. (1) (2) (3)

حارس البنك

ربما علم شماتكه منذ اللحظة الأولى أن مسيرته داخل وخارج الملعب لن ترتبط بالأسماء الكبيرة، سواء كانوا لاعبين أو أندية؛ مباراته الأولى وهو حارس مرمى صاعد لفورتونا دوسلدورف شهدت هزيمة نكراء برباعية نظيفة أمام بايرن ميونيخ، وكأن كرة القدم تحذره من الطموحات غير المنطقية من البداية. (4)

 

التاسع من سبتمبر/أيلول 1985 لم يكن أفضل انطلاقة للحارس الشاب في البوندزليغا، ولكن بعد 266 مباراة في الدرجة الأولى و109 أخرى في الثانية، كانت أفضل لحظاتهما الإنهاء في المركز الثالث مرتين، قرر يورغ الاعتزال في 1998، وعقبها مباشرة تولى منصب المدرب المساعد لراينر بونهوف في غلادباخ، ثم عاد -كأغلب مَن يسلكون هذا الطريق بعد الاعتزال- إلى نادي بداياته، فورتونا دوسلدورف، مدربا لحراس المرمى بعقد قصير الأجل. (4)

كان هذا في 2001، ثم لم تمر أشهر قليلة حتى أتى نادي آليمانيا أخِن طالبا يد شماتكه. السبب؟ كانوا يمرون بأزمة مالية طاحنة في الدرجة الثانية، وتلك الأزمة أوشكت على الإطاحة برخصتهم بوصفهم ناديا محترفا. لماذا أتوا لشماتكه تحديدا؟ لا أحد يعلم. حارس مرمى سابق لم تمر عليه سنتان في المناصب التقنية، ما الذي يعلمه عن إدارة الأندية رياضيا وماليا؟

يورغ شماتكه (غيتي)

ما اتضح أن شماتكه كان يعلم الكثير. لا أحد يعلم كيف توفرت له تلك المعرفة أيضا، ولكن بعد 4 سنوات فقط، كان آليمانيا أخِن يسجل رقما قياسيا باعتباره النادي الوحيد في التاريخ الذي تأهل لكأس الاتحاد الأوروبي وهو لا يزال في الدرجة الثانية. كان هذا نتيجة وصوله للمباراة النهائية في الكأس الألمانية، التي خسرها أمام فيردر بريمِن بصعوبة بهدفين لثلاثة، بالطبع قبل أن يترقى للدرجة الأولى ثم يهبط بنهاية الموسم نفسه. (5)

هبط أخِن ولم يعد إلا في مناسبات معدودة، ولكن على العكس، صعد نجم شماتكه مديرا رياضيا في أول وظيفة إدارية شغلها في حياته على الإطلاق، ولم يهبط مجددا إلا في مناسبات معدودة بدوره. (4)

إلى هانوفر وما بعدها

رحل شماتكه عن أخِن في 2008، وقضى 4 سنوات في هانوفر قادهم فيها لإنهاء موسم 2009-2010 في المراكز الأربعة الأولى، ومرة أخرى، المشاركة في الدوري الأوروبي، النسخة المستحدثة من كأس الاتحاد الأوروبي آنذاك، ولكن تلك التجربة، رغم روعتها، لم تنتهِ بأفضل طريقة ممكنة، إذ تورط شماتكه في أكبر إحراج ستشهده مسيرته حتى اللحظة الحالية، عندما تعاقد مع لاعب المحور البرازيلي فرانكا، زاعما أن بنيته الجسدية، وتحديدا طوله بـ190 سم، كانا أهم الدوافع للتعاقد معه. (6)

يورغ شماتكه مدير هانوفر يصرخ بجوار مساعد الحكم خلال مباراة البوندسليجا بين هانوفر 96 وباير ليفركوزن 11 سبتمبر 2010. (غيتي)

وصل فرانكا من البرازيل، واتضح أنه أقصر مما كان شماتكه يظن بنحو تسعة سنتيمترات، وكانت تلك هي نهاية علاقته الجيدة مع المدير الفني ميركو سلومكا.

“ماذا يمكنني أن أقول؟ لقد كنت متفاجئا! أهم معيار طلبت الانتباه له في الصفقة كان الحجم والطول!”.

(ميركو سلومكا، المدير الفني لهانوفر في تصريح لبيلد الألمانية في 2013) (6)

إحراج بهذا الحجم أثار الكثير من الشكوك في قدرات الرجل، ولكن كل تلك الشكوك زالت تماما بعد أن كرر الرجل التجربة نفسها في كولن؛ وبمجرد تعيينه في 2013، قادهم للعودة للبوندزليغا، ثم التأهل للدوري الأوروبي في 2017، وأثناء تلك الفترة، حقق أعظم نجاحاته في السوق على الإطلاق، عندما أتى بالفرنسي أنتوني مودِست من هوفنهايم بما يعادل 4.5 ملايين يورو، وبعد توهجه، أعاره لنادي تيانجين كوانجين الصيني مقابل 6 ملايين يورو، ثم باعه بـ29 مليونا إضافية لمواطنه تيانجين تيانهاي بوصفه أغلى صفقة بيع في تاريخ كولن. (7)

أنتوني مودِست لاعب نادي كولن الألماني (غيتي)

استمرت أرباح مودِست في التدفق حتى بعدما رحل شماتكه؛ إذ استعاده من الصين بلا مقابل، ثم أعاره مرة أخرى بما يعادل 5 ملايين يورو، ليصل إجمالي ما ربحه النادي من صفقة الفرنسي إلى 36 مليون يورو تقريبا. للقياس؛ هذا يعادل ما أنفقه النادي على إجمالي تعاقداته في آخر 6 مواسم.

هنا قرر فولفسبورغ أن يراهن على شماتكه، ولكن بميزانية أكبر قد تسمح له بإنجاز ما هو أكثر. أو هكذا كان الاعتقاد على الأقل.

“في سنواته الأولى، لم يكن شماتكه يملك المال، وكان سلاحه الأساسي هو الإبداع والخيال والذكاء، ولكن بمجرد توفر الأموال، لم تسر الأمور على ما يرام!”.

(فيليب سِلدروف، المحرر المختص بشؤون كولن لجريدة “سودويتشه زايتونغ” (Suddeutsche Zeitung))

طبعا أنت لم تتوقع أن تسير القصة في اتجاه واحد من بدايتها لنهايتها؛ سِلدورف يذكر عام 2017 -قبل رحيله إلى فولفسبورغ مباشرة- بوصفه أسوأ أعوام مسيرة شماتكه في الإدارة الرياضية على الإطلاق.

في صيف 2017، أنجز شماتكه أغلى صفقاته حتى اللحظة بضم المهاجم الكولومبي جون كوردوبا مقابل 17 مليون يورو. في أندية مثل كولن يُعَدُّ هذا رقما خياليا لإنفاقه على لاعب واحد. المهم أنه بعد 10 مباريات لم يكن كوردوبا قد سجل هدفا واحدا، وعلت الأصوات تؤكد نظرية سِلدورف ذاتها عن الرجل الذي أفقدته الميزانيات الأكبر لمسته الاستثنائية. (6)

جون كوردوبا يلعب بنادي كولن حينها خلال مباراة الدوري الألماني 2020 (غيتي)

تلك الصفقة، مثل صفقة فرانكا، كانت نهاية شماتكه مع كولن، وللمفارقة، سجل بعدها كوردوبا 37 هدفا في 86 مباراة -معدل جيد جدا لمهاجم بهذا السعر- لصالح كولن قبل أن ينتقل لهِرتا برلين مقابل 15 مليون يورو.

في كولن، كان هناك 7 ملايين أخرى مهدرة على يان هورن، الذي أتى به شماتكه من فولفسبورغ للمفارقة، ولم يفشل في تبرير سعره وحسب، بل فشل النادي نفسه في استعادة أيٍّ من تلك الملايين السبعة بعدما رحل مجانا بنهاية عقده.

أخوية “السراويل الميتة”

“أريد أن أرى القليل من العالم. هناك بعض الكتب التي أود قراءتها أيضا، وبعض المهام الأخرى التي أرغب في إنجازها ولا علاقة لها بكرة القدم”. (7)

كان هذا ما قاله شماتكه للصحيفة ذاتها -سودويتشه زايتونغ- بعد رحيله عن فولفسبورغ في فبراير/شباط الماضي. في تلك الفترة، نجح الرجل في إتمام تعاقدات مثل لوكاس وفيلِكس نميشا من أكاديمية مانشستر سيتي، وهما الأخوان اللذان تحولا إلى لاعبين دوليين مع المانشافت، والدنماركي الواعد جوناس وايند، لتضاف إلى سلسلة من الأسماء اللامعة التي أخرجها للبوندزليغا عبر مسيرته، مثل لارس شتندِل، وفيداد إبيسيفيتش، وأنتوني مودِست وغيرهم، ولكن كالعادة، كان خطأ وحيد كفيلا بإثارة الشكوك مرة أخرى حول عمل الرجل، وهذا الخطأ كان اسمه فكتور أوسيمِن.

كان شماتكه هو مَن أرسل النيجيري في إعارة لشارلروا البلجيكي بمجرد وصوله إلى فولفسبورغ في 2018، ثم باعه بسهولة مقابل 3.5 ملايين يورو، وبعدها بأربعة مواسم صعد فيها أوسيمِن كالصاروخ على الساحة الأوروبية، كان 26 هدفا رفقة نابولي، ولقب تاريخي للسكوديتّو، وجائزة هداف السيري آ، تُذكِّر الجميع بالكارثة التي وقعت منذ خمسة مواسم.

صداقة شماتكه (يمين) بكلوب، وإعجاب الثنائي الدائم المتبادل ببعضهما بعضا، كان ما حسم انتقاله إلى ليفربول. (غيتي إيميجز)

رغم ذلك لم يعانِ شماتكه أبدا على المستوى الوظيفي. في الواقع، قد تكون أكبر المفارقات في مسيرة الرجل على الإطلاق أنه منذ رحيله عن فولفسبورغ، كان بايرن ميونيخ، الذي مزق شباكه برباعية في أولى مبارياته المحترفة على الإطلاق، يفاوضه ليحل محل حسن صالح حميديتش، المدير الرياضي المُقال حديثا، ولكن صداقته بكلوب، وإعجاب الثنائي الدائم المتبادل ببعضهما بعضا، كان ما حسم انتقاله إلى ليفربول. (8) (9)

شماتكه ليس تابعا، ليس “Yes Man” كما يقول التعبير الإنجليزي، ولا يخضع للتراتبية الإدارية بسهولة، وله باع طويل في التعامل مع الميزانيات المحدودة، وهذا هو نوع الشخصيات الذي يُفضِّل كلوب العمل معه، بالإضافة إلى تفصيلة أخرى شديدة الأهمية نعتقد أن دورها في الصفقة لم يكن ضئيلا؛ الثنائي يعشق (4) فرقة الروك الألمانية المسماة “السراويل الميتة” (Die Toten Hosen).

طبعا هذا هو اسمها بالترجمة الحرفية، ورغم غرابته فهو يبدو منطقيا لفرقة روك ألمانية فعلا. المهم أن العمل بدأ في سوق انتقالات ليفربول الحالي بسرعة بمجرد وصول الرجل، بعد أن بدا وكأن مشاهدة العالم وقراءة الكتب لم تستغرق أكثر من شهرين، شعر الرجل بعدها بالحاجة إلى العودة إلى مياه كرة القدم مجددا.

الخبر الأهم أتى سريعا بعد أن أعلن كريستيان فالكه، كبير محرري بيلد الألمانية، أن ليفربول صار أقرب أندية أوروبا لموهبة غلادباخ الشابة مانو كونيه؛ الفرنسي الذي كان ليفربول يعتبره خيارا بديلا لجود بيلنغهام، والسبب في ذلك لم يكن له علاقة بكفاءة شماتكه السابقة، بل كان مرتبطا بحقيقة أن ابنه، نيلز شماتكه، تولى منصب المدير الرياضي في غلادباخ منذ أيام بدوره. (10)

هل ينجح الرجل في إعادة ليفربول للمنافسة مجددا بعد موسم كارثي بكل المقاييس؟ مسيرته المُحيرة قد لا تمنحنا إجابة واضحة؛ ربما بالغ الناس في حجم أخطائه، وكأنهم اعتادوا المعجزات ولم يعودوا يتفهّمون حقيقة أن كل تلك الصفقات تمت في ظروف مالية وتفاوضية شديدة الصعوبة، وأن ما حوّله شماتكه إلى قاعدة كان من المفترض أن يكون الاستثناء. (11) (12)

المقلق فعلا هو أن شماتكه قد يكون بداية عودة ليفربول للمنافسة بأسلوبه الذكي المعتاد وخبراته الهائلة التي جمعها من العمل بميزانيات شديدة الضآلة، وقد يكون مؤشرا على نية “مجموعة فِنواي” (Fenway Sports Group) المالكة لليفربول للانسحاب التدريجي من المنافسة الفعلية على اللقب، والاكتفاء بصراع التأهل لدوري الأبطال، على عكس التصريحات الرسمية، في انتظار مشترٍ جديد يحمل آمال وإحباطات حقبة كان من المأمول أن تحقق أكثر مما حققته بالفعل. (13)

_______________________________________

المصادر:



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى