“الانفصال عن الصين”.. لماذا تبدو أوروبا أكثر حذراً من أميركا
موقعي نت متابعات عالمية:
لكنّ المهمة لا تبدو سهلة، لا سيما في ضوء الحضور الصيني الواسع في هذا القطاع تحديداً، واعتماد الاقتصادات الغربية على التقنيات التي تهيمن عليها شركات صينية (خاصة فيما يتعلق بالطاقة الشمسية والبطاريات)، في استراتيجية “التحول الأخضر”، وبالتالي تواجه تلك الاقتصادات معضلة تقليل اعتمادها على سلاسل التوريد الصينية.
وتبعاً لذلك تبدو أوروبا أكثر حذراً من الولايات المتحدة فيما يخص “الانفصال” عن بكين أو تقليص الاعتماد عليها اقتصادياً، لا سيما وأن الصين “تتحكم تقريباً في سلسلة إمداد الطاقة الشمسية في العالم، وفي قدر كبير من قدرة المعالجة العالمية للمعادن الضرورية لعملية التحول الصديق للبيئة”.
فك الارتباط
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، عن وزيرة التجارة الخارجية والتعاون الإنمائي الهولندية ليزى شرينيماخر، تحذيراتها من أن “التحول الأخضر في أوروبا سيكون مستحيلاً بدون الصين”، وذلك في وقت يحاول فيه الاتحاد الأوروبي فك بعض من ارتباطه الاقتصادي مع بكين.
وأشارت الوزيرة الهولندية إلى التقدم الصيني فيما يخص البحوث والتطوير في هذا المجال، وتبعاً لذلك من الصعوبة بمكان الانفصال تماماً عن بكين، موضحة أن بلادها “لديها علاقة تجارية قوية مع الصين”. وأردفت: “نحتاج إلى بعضنا البعض عندما يتعلق الأمر بجعل اقتصاداتنا أكثر استدامة ومن أجل التحول الأخضر”.
وأفادت شرينيماخر، التي من المقرر أن تزور الصين قبل نهاية العام مع وفد تجاري، بأن:
- “تقليل التبعيات الاستراتيجية لا يعني أننا يجب أن نوقف التجارة تماماً طالما أننا ننوِّع مصادرنا وننوِّع سلاسل القيمة لدينا”.
- “الاتحاد الأوروبي يجب أن يفكر ملياً قبل فحص الاستثمار الأوروبي في التقنيات المتطورة في الصين، وهي القضية التي ناقشها أيضاً قادة مجموعة السبع هذا الشهر”.
- “إن قوى الأمن الاقتصادي لا تزال في أيدي الحكومات الوطنية”.
استراتيجية الاتحاد الأوروبي
وتعقيباً على ذلك، يلفت زميل أول بمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي، جاكوب كيركيغارد، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن “أهمية التحول الأخضر والحاجة إلى الحصول على تعاون عالمي بشأن إزالة الكربون من أهم القضايا التي تقود الاستراتيجية السياسية للاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالتعاون مع الصين”.
ويوضح أن أوروبا لا تسعى لـ “الانفصال” إنما كما تدعو رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى “التخلص من المخاطر”، وهو ما يعني بشكل أساسي أن الاتحاد الأوروبي سيواصل العمل مع الصين في المجالات التي يكون فيها من المفيد للاتحاد الأوروبي القيام بذلك، بينما يحاول تجنب تطوير التبعيات الاقتصادية المفرطة.
ويضيف: “ومع ذلك، وفيما يتعلق مسألة التحول الأخضر، فمن الواضح أن الصين اليوم لديها موقع مهيمن تماماً على المستوى العالمي في قطاع الاقتصاد الأخضر الأكثر أهمية على الأرجح، فيما يتعلق بتصنيع الطاقة الشمسية الكهروضوئية”.
وبالتالي فإن هذا يعني -بحسب كيركيغارد- أنه إذا أراد الاتحاد الأوروبي تحقيق أهدافه المناخية الطموحة للعام 2030، فسيتعين عليه استيراد كمية كبيرة جداً من الألواح الشمسية المنتجة في الصين، وهو ما سيوافق على القيام به على الرغم من هذا “الاعتماد” على الصين لمحاولة الوصول إلى أهداف المناخ.
وبالمثل، من الواضح أن “الانفصال عن الصين لن يساعد العالم على التعاون لتحقيق أهداف لهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ 2050، حيث أصبحت الصين الآن بفارق ضئيل أكبر باعث في العالم”.
سيطرة صينية
وطبقاً لأحدث التقارير الصادرة عن شركة الأبحاث وود ماكنزي، فلقد سجلت صادرات بكين من الطاقة الشمسية ارتفاعاً (على أساس سنوي) بلغت نسبته 64 بالمئة في العام 2022، في ظل عددٍ من العوامل الرئيسية؛ أهمها:
- ارتفاع الطلب العالمي في سياق استراتيجيات التحول الأخضر.
- قدرات التصنيع الكبيرة التي تتمتع بها الصين، والدعم الحكومي للقطاع.
- انخفاض تكاليف المواد.
- ارتفاع أسعار الطاقة (على وقع الحرب في أوكرانيا) بما سرّع جهود اللجوء إلى الطاقة المتجددة.
وتبعاً لهذه الزيادة، نمت عائدات بكين من صادرات الخلايا الشمسية والألواح والرقائق، إلى 52 مليار دولار في 2022، وذلك مقارنة بـ 32 مليار دولار في العام 2021.
وتُعد أوروبا هي السوق الكبرى لصادرات الطاقة الشمسية الصينية، بحيث تسيطر على 56 بالمئة من حجم الصادرات.
خطط التحول الأخضر في أوروبا
من جانبها، تُقر الأكاديمية المتخصصة في الشؤون الأوروبية، الأستاذ المساعد في جامعة نيوهامبشير، إليزابيث كارتر، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، بحقيقة أن سعي أوروبا للانفصال عن الصين من شأنه التأثير سلباً على خطط القارة في التحول الأخضر.
وتبرر ذلك بالإشارة إلى هيمنة بكين على سوق إنتاج الألواح الشمسية، كما أن أوروبا أصبحت تعتمد بشكل كبير على الواردات من الصين في هذا السياق بشكل خاص.
وتضيف الأكاديمية المتخصصة في الشؤون الأوروبية: “من الناحية المثالية، ستفتح أوروبا المزيد من مرافق الإنتاج لتقليل اعتمادها على الصين، لكن هذا قد يستغرق وقتاً طويلاً”.
بينما على المدى القصير “قد يحاولون الحصول على مصدر إنتاجهم الأخضر من منتج آخر، وهو الأمر الذي قد يكون مرتبطًا بارتفاع الأسعار”، بحسب كارتر.
ويذكر أن إجمالي حجم التجارة بين الاتحاد الأوروبي والصين، كان قد ارتفع بنسبة حوالي 23 بالمئة في 2022 مقارنة بالعام 2021، ليصل إلى 856.3 مليار يورو (912.6 مليار دولار)، بحسب يوروستات.
نشكركم لقراءة خبر “”الانفصال عن الصين”.. لماذا تبدو أوروبا أكثر حذراً من أميركا” عبر صحيفة “موقعي نت”..