الحوار العربي الإيراني في دورته الثانية.. مطالِب بحوار بنّاء وتكتل إقليمي فاعل عالميا | سياسة
مراسلو الجزيرة نت
الدوحة- تحت عنوان “الأمن والاقتصاد والأزمات: مقاربات وحلول”، انطلقت مساء أمس السبت الدورة الثانية من “الحوار العربي الإيراني” بالعاصمة القطرية الدوحة. وركزت جلستها الافتتاحية على أهمية الانخراط في حوار بنّاء والوصول إلى تكتل إقليمي مشترك يدافع عن أمن واستقرار المنطقة ويؤثر في النظام العالمي.
والدورة التي ينظمها مركز الجزيرة للدراسات، بالتعاون مع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية في إيران، افتتحها مدير مركز الجزيرة للدراسات الدكتور محمد المختار الخليل، بالحديث عن أهمية الحوار كونه أساس العلاقات الإنسانية، ودوره في تقريب وجهات النظر والعمل على حل مشكلات وأزمات المنطقة.
ويشارك في المؤتمر نخبة من السياسيين والباحثين والخبراء العرب والإيرانيين، وافتتح بحضور رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة الإعلامية الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني.
وشدد الخليل على أن الجغرافيا السياسية بين الدول المتجاورة تتطلب حسن الجوار والبدء بحوار بنّاء وتجاوز معضلات ما قبل الحوار. وأوضح أن الدورة الحالية تسعى لإبراز حقيقتين:
- الأولى هي أن يستمع العرب والإيرانيون إلى أنفسهم بأنفسهم، وأن يديروا حوارهم مباشرة بينهم، ولا يتولى غيرهم إدارة هذا الحوار.
- أما الحقيقة الثانية فهي الترحيب من الجميع بعقد الدورة الثانية من الحوار العربي الإيراني، “والذي نعزوه إلى الرغبة الذاتية لدى الجميع للحوار البناء، وليس بسبب تحسن البيئة السياسية الذي طرأ مؤخرا على الساحة”، وفق قول الخليل.
غياب الحوار
من جانبه، دعا وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية الدكتور محمد الخليفي، إلى تشكيل آليات بنّاءة للحوار وفق مبادئ وأسس الاحترام المتبادل وحسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وحل النزاعات بالطرق السلمية مع مراعاة المشاغل المشروعة للأطراف ذات الصلة.
وقال الخليفي -في كلمته أمام المؤتمر- إن ما تمر به منطقتنا من أزمات معقدة ومتراكمة تسببت فيها سنوات من غياب التفاهم والتنسيق والحوار، ساهم في تأجيج الصراعات وفتح الباب للتدخلات الأجنبية وتعطيل التنمية المنشودة.
وأضاف الوزير أن غياب الحوار مع إيران كان له نصيب في تأجيج هذه الأزمات والتي عانت خلالها المنطقة على المستويات الإنسانية والاقتصادية والبيئية، كما ألقت بظلالها على عدد من أزمات المنطقة الحالية.
وطالب بضرورة انفتاح الأطراف في ضفتي الخليج على حوار بنّاء بهدف نزع فتيل التوتر، وإعلاء مصلحة شعوب ومصالح المنطقة الإستراتيجية، وتشكيل آليات بنّاءة للحوار. مشيرا إلى دعوات دولة قطر المتكررة للحوار الشامل بين إيران ودول الخليج العربية لمعالجة كافة القضايا التي تمس أمن واستقرار المنطقة إيمانا منها بالمصير المشترك والعمل على تحقيق تطلعات الشعوب في مستقبل آمن ومزدهر.
وتُعنى الدورة الثانية من “الحوار العربي الإيراني”، التي تستمر 3 أيام، بالوصول إلى تقارب مشترك في وجهات النظر بشأن “النموذج الأمني الأنسب للعلاقات العربية الإيرانية”، مع الأخذ في الحسبان تداعيات الأزمات والصراعات التي نشبت في المنطقة على مدى السنوات الماضية.
تكتّل إقليمي
وقدّم كل من كمال خرازي وزير الخارجية الإيراني الأسبق ورئيس المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، وكذلك رئيس الوزراء العراقي الأسبق عادل عبد المهدي، والأمين العام المساعد للشؤون السياسية وشؤون المفاوضات في مجلس التعاون الخليجي عبد العزيز العويشق؛ مداخلات تطرقوا فيها إلى أهمية الوصول إلى حوار بنّاء وشامل، وتكوين تكتل إقليمي قادر على التأثير على النظام العالمي.
وأوضح خرازي أن العالم يستعد لاستقبال نظام عالمي جديد في ظل الأزمة الاقتصادية والأمنية في أوروبا وأميركا بسبب الحرب في أوكرانيا، وزيادة النفوذ الصيني، وأن التكتلات الإقليمية ستلعب دورا مهما في هذا النظام، مشيرا إلى ضرورة تكوين تكتل إقليمي قوي لدول المنطقة، خاصة في ظل ما تمتلكه من مقومات اقتصادية وقواسم دينية مشتركة.
وشدد على ضرورة بذل جهد جماعي لتكوين تكتل إقليمي لدول المنطقة قائم على التعاون وليس المنافسة، والثقة وليس الشك، وتسوية الخلافات عبر الحوار، لافتا إلى أن إيران ترحب بالتطورات في اليمن والتي من شأنها أن تضمن السلام المستدام، وكذلك بعودة سوريا إلى الجامعة العربية.
أما عبد المهدي، فطالب دول المنطقة وإيران باستثمار تاريخها الطويل المشترك من مصالح وعلاقات متجذرة في ترك الخلافات والعمل على تكوين نموذج أمني مشترك يحقق استقرار وأمن المنطقة، فضلا عن “هيئة نحترم قوانينها ويقبلها الجميع.. خاصة أن تجربة العدالة الدولية لمدة قرنين، لم نجد منها إلا تقوية الاحتلال، وإثارة الفتن والحروب بيننا”.
واعتبر أن التكامل الأمني والسياسي والدبلوماسي والاقتصادي بات ضرورة ملحة لدول المنطقة، كي تكون قادرة على أن تصبح شريكا في النظام العالمي الجديد بفاعلية وليست مجرد دول تابعة.
تحالف جماعي
من ناحيته، قال العويشق، “تتطلع الشعوب العربية وإيران إلى أن يسود الأمن والسلام في المنطقة”، وأن تستعيد العلاقات بين دولها متانتها التي عرفتها على مدار مئات السنين، مشددا على أن المصالح المشتركة تدفع الجميع إلى التقارب وبدء حوار بنّاء وشامل.
ورأى أن دول المنطقة كتكتل وتحالف جماعي قادرة على أن تلعب دورا مهما في النظام العالمي والتجارة الدولية، خاصة في ظل امتلاكها موارد اقتصادية ضخمة، فضلا عن توسطها وربطها بين دول العالم.
وتُعقد الدورة الثانية من “الحوار العربي الإيراني” بعد نحو شهرين من التقارب بين السعودية وطهران، والذي تكلل بإعلان الطرفين عن قرب عودة العلاقات الدبلوماسية بينهما، وما رافق ذلك من أجواء تفاؤل أنعشت الآمال بإمكانية انعكاس هذا التقارب على العديد من قضايا وأزمات المنطقة.