سنان أوغان يدعم أردوغان.. دلالات الخطوة وتساؤلات عن التأثير على انتخابات تركيا | سياسة
أنقرة- بعد الجولة الأولى من سباق الانتخابات التركية، توجهت الأنظار لسنان أوغان -الحاصل على المرتبة الثالثة في السباق- بعدما حصل على نسبة أصوات بلغت 5.17%، واكتساب كتلته التصويتية أهمية لحسم الجولة الثانية بين المنافسين الرئيسيين رجب طيب أردوغان وزعيم المعارضة كمال كليجدار أغلو.
وتشهد تركيا حاليا اهتماما بالغا بالأصوات التي حظي بها أوغان (من تحالف الأجداد القومي) صاحب التوجه القومي والمقدرة بأكثر من 2 مليون و800 ألف صوت؛ مما دفع كليجدار أغلو لتوجيه خطاب قومي بشكل مفاجئ مضاد للاجئين، في محاولة منه لمغازلة هذه الكتلة الحرجة.
لكن أوغان أعلن مساء اليوم الاثنين دعمه لأردوغان في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي ستجري في 28 من الشهر الجاري.
وفي مؤتمر صحفي عقده عصر اليوم الاثنين، قال أوغان إن المعارضة التركية “لم تستطع أن تقنعنا ولم تتمكن من الحصول على أغلبية البرلمان”، مشددا على أن الرئيس الجديد يجب أن يكون في حالة توافق مع البرلمان.
وفي حديثه لقناة “تي آر تي” (trt) الحكومية التركية مساء اليوم الاثنين، تحدث أردوغان عن دعم أوغان، وقال إنه يشكره، وأكد أنه “لن ندخل ولم ندخل في مفاوضات مع السيد سنان أوغان”.
تأثير أوغان على أصوات ناخبيه
وفي حديثه للجزيرة نت، أفاد الخبير السياسي جاهد توز بأن التوجه القومي المحافظ لسنان أوغان جعله يختار دعم أردوغان.
وأضاف توز أن عامل الأمن يعد مهما جدا للتوجه القومي المحافظ، وبالتالي كان أوغان يستعرض الانتقادات في حال دعم كليجدار أغلو، الذي يحظى بدعم حزب الشعوب الديمقراطي الكردي المرتبط أيديولوجيا بحزب العمال الكردستاني المصنف جماعة إرهابية من قبل أنقرة، مما قد يؤثر سلبا على مستقبله السياسي.
ومن منطلق التفكير في مستقبله السياسي، أشار توز إلى أن الاحتمالات ترجح فوز أردوغان، وبالتالي من الطبيعي أن يدعم أوغان الطرف الفائز.
بدوره، اتفق الأكاديمي كرم يافاشتشا مع القول إن التوجه القومي المحافظ الذي يمثله أوغان جعله يرجح اختيار دعم أردوغان.
وأفاد الأكاديمي -وهو أحد الأعضاء المؤسسين لحزب “الديمقراطية والتقدم” المعارض- للجزيرة نت بأن هناك حالة من عدم الوفاق في تحالف الأجداد الذي رشح أوغان، حيث أعلن زعيم التحالف أوميت أوزداغ رئيس حزب “الظفر” عدم توافقه مع قرار أوغان، مما يطرح التساؤل حول إمكانية توجيه أوغان كتلته التصويتية.
وأفاد يافاشتشا بأنه سيكون من الصعب توجيه الكتلة التصويتية لأوغان بالكامل لصالح أردوغان، نظرا لأن الأصوات التي حصل عليها أوغان تزيد على قاعدته التصويتية الأصلية التي هي نفسها محل تساؤل عن وجودها من عدمها، مشيرا إلى أنه حصل على أصوات ناخبين لم يصوتوا لتحالف الأجداد في الانتخابات البرلمانية.
وعن هذه الكتلة التصويتية، أفاد الأكاديمي بأن بعض هذه الأصوات ترفض اختيار أردوغان وكليجدارأغلو، وبالتالي فكان حصول أوغان على هذه الأصوات نابعا من كونه المرشح الثالث.
وأضاف أن بعض أصوات أوغان من كتلة حزب الجيد المعارض، وبالتالي فإنه من غير المنطقي أن تذهب كل هذه الكتلة لأردوغان.
أردوغان أقرب إلى الفوز
بدوره، أشار الباحث مرت حسين أكغون إلى أن موقف أوغان يفهم أنه اختيار الطرف الذي له فرص أكبر في الفوز، بالإضافة إلى عامل الأمن القومي الذي أبعده عن كليجدار أغلو، مع التنويه إلى أن أوغان أصلا ينحدر من حزب الحركة القومية الموجود في التحالف الحاكم.
وأضاف الباحث في حديثه للجزيرة نت أن أوغان لا يتمتع بقاعدة تصويتية مهيمنة، ولكن بين داعميه أصواتا من أصحاب ردود الفعل ذات الطبيعة “المتظاهرة”، وبينهم من يميلون اجتماعيا إلى قاعدة أردوغان التصويتية.
وأضاف أكغون أنه يعد أردوغان الفائز منذ الجولة الأولى رغم أنه يواجه أصعب ظروف في حياته المهنية، سواء من الاقتصاد أو زلزال فبراير/شباط المدمر.
ويعتقد أكغون أن نصف الكتلة التي صوتت لأوغان -على الأقل- قد تذهب لأردوغان، وسيكون أمامها اختيار آخر؛ ألا وهو الامتناع عن التصويت برمته.
أما الخبير السياسي جاهد توز فيرجح فوز أردوغان لأن الجولة الثانية تعتمد على الفوز بأغلبية الأصوات، وأن أردوغان بالفعل تفوق في الجولة الأولى بأكثر من 2 مليون و300 ألف صوت.
ورأى الخبير السياسي أن نسبة 5% التي حصل عليها أوغان قد تقسم كالتالي: 2% قد تصوت لأردوغان و1.5% قد تمتنع عن المشاركة و1.5% كأقصى تقدير ستصوت لكليجدار أغلو، مما قد تزيد الفارق الموجود أصلا في الجولة الأولى.
فقدان الأمل
في هذا السياق، أفاد الأكاديمي يافاشتشا بأنه بعد الجولة الأولى سادت حالة من فقدان الأمل بين أنصار المعارضة، متابعا “والآن يضاف إليها دعم أوغان، مما يعزز هذا الشعور بخسارة الانتخابات، وأن الفوز سيكون من نصيب أردوغان”.
وأردف المتحدث أن الأمر قد يتعدى هذا الحد، وأن الحالة السيكولوجية لأنصار المعارضة قد تدفع بعضهم إلى عدم المشاركة في الجولة الثانية، كونهم “قد يرون أن أصواتهم أصبحت بلا معنى”، مما قد يقلل نسبة المشاركة وزيادة نسبة الفوز لأردوغان.
ورأى أن الفائدة الأكبر من دعم أوغان ليست الكتلة التصويتية في الأساس التي بطبيعة الحال لن تذهب كلها لأردوغان، ولكن الفائدة الأهم هي التصور العام والأثر السيكولوجي بأن أردوغان هو من سينتصر في الجولة الثانية.
واستبعد الخبير السياسي جاهد توز قدرة كليجدار أغلو على تدارك الأمر نظرا لضيق الوقت، كما أنه لن يستطيع أخذ موقف مناهض لتعاونه مع حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، وأن خطابه القومي بعد الجولة الأولى لم يكن مقنعا وبدى للناخبين مصطنعا.
بدوره، رأى الباحث أكغون أن محاولة كليجدار أغلو زيادة حدة الخطاب القومي قد يأتي بمردود عكسي وفقدان أصوات من الكتلة الكردية، مضيفا أن التحول في الخطاب بهذا الشكل الحاد يمكن أن يقوض عامل الثقة عند الناخبين.
واتفق يافاشتشا مع أن تبني كليجدار أغلو التوجه القومي قد يؤدي إلى مقاطعة من بعض الناخبين الأكراد، مما يعزز الفارق في نسبة الفوز لصالح أردوغان.
وتوقع المتحدثون أن تكون الجولة الثانية شبه محسومة لصالح أردوغان، وأكد توز أن كل البيانات تشير إلى نجاح أردوغان متوقعا فوزه بفارق أصوات يزيد على 2 مليون صوت، وقد يصل هذا الفارق إلى 3 ملايين، بنسبة بين 51 و52%.