مباحثات أميركية صينية في بكين.. لماذا الآن وهل تتجاوز مسببات التوتر؟ | البرامج
قال الدكتور بريت بروين، الدبلوماسي الأميركي السابق والخبير في شؤون الأزمات، إن هناك جهدا صينيا يبذل مؤخرا في محاولة لتخفيف التوتر في علاقاتها مع الولايات المتحدة الذي تزايد خلال الأشهر الماضية لأسباب مختلفة.
وأرجع -في حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر” (2023/5/8)- ذلك إلى ما تشعر به بكين من ضغط سياسي واقتصادي، دفعها إلى السعي لتخفيف التوتر وفتح طريق للأمام، ومد غصن الزيتون لواشنطن، وإعادة المحادثات مع تأكيد وجود مناطق قلق مشتركة.
يأتي ذلك على خلفية ما أعلنته وزارة الخارجية الصينية أن وزيرها تشين غانغ أكد -في لقاء جمعه بالسفير الأميركي لدى بلادها- ضرورة أن توقف الولايات المتحدة ما سماه “الإضرار بسيادة الصين”، مشددا على استقرار العلاقات بين البلدين وتجنب وقوع حوادث بينهما.
في المقابل، أكد السفير الأميركي لدى بكين أن بلاده لا تريد حربا باردة مع الصين، بل ترغب في قنوات تواصل دائمة معها.
ورغم ما يراه الدبلوماسي الأميركي السابق -في حديثه لبرنامج ما وراء الخبر- من أن قضية المناطيد الصينية لم تعد حاضرة في أروقة السياسة الأميركية ووسائل الإعلام، فإنه شدد على أن واشنطن ستؤكد للصين على ضرورة ألا يتكرر ذلك، متوقعا أن تقدم بكين ضمانات مطمئنة من طرفها.
وأشار إلى أن جولة وزير الخارجية الصيني في دول أوروبية لها علاقة بهذا اللقاء، إذ تريد بكين من خلاله إيصال رسالة بفتحها للمجال الدبلوماسي، وأن المساحة ليست كبيرة بينها وبين واشنطن، وأن هناك فرصة لتطوير علاقاتها مع الآخرين.
لكنه لفت في السياق ذاته إلى أن العلاقات الصينية الأوروبية مصدر قلق للجانب الأميركي، وأرجع ذلك إلى أن بعض الأوروبيين لا يدركون خطورة التهديد الصيني في قضايا التكنولوجيا وما يتعلق بطموحاتها الجيوسياسية، مشيرا إلى زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للصين وما أثارته تصريحاته فيها من جدل.
منتصف الطريق
واعتبر بروين أن منتصف الطريق الذي تحدث عنه الجانبان في لقائهما يشير إلى توافقهما على عدة أمور واختلافهما حول أخرى، وأنهما سيحاولان أن تبقى في إطار توافقات واسعة، ولن يسمحا لتلك الخلافات أن تعرقل نمو العلاقات، لما في ذلك من تحقيق مصالح مشتركة في مجالات متعددة.
ويرى الخبير الأميركي في شؤون الأزمات أن الصين، في المرحلة الحالية، لديها نفوذ أكبر من غيرها لدى موسكو، يتيح لها القيام بدور مؤثر لإنهاء الحرب، مؤكدا في الوقت ذاته أن ذلك يحقق مصلحة سياسية واقتصادية لبكين.
بدوره، قال المحلل السياسي والباحث في الشؤون الصينية رونغ هوان إن الصين تتعامل في علاقاتها مع الولايات المتحدة على أساس الاحترام المتبادل والتعايش السلمي، لكنها تؤكد دائما أنه لا يمكن القبول بأن تفتح واشنطن قنوات تواصل معها، وفي الوقت ذاته تقوم بتحركات لاحتوائها في جميع المجالات.
وأوضح -في حديثه لما وراء الخبر- أن شرط بكين لتطوير العلاقات واستئنافها مع الولايات المتحدة هو أن تقوم العلاقات على أساس الاحترام المتبادل، وألا تتعامل واشنطن معها بمنطق الحرب الباردة، وأن تدرك أن العالم يستطيع استيعاب تطور البلدين معا.
وحول الدور المرتقب لبكين في الوساطة بين روسيا وأوكرانيا لإنهاء الحرب وإذا ما كان ذلك سيطرح كورقة تفاوض في أي محادثات مقبلة مع الجانب الأميركي، استبعد هوان ذلك، وقال إن موقف بكين واضح منذ بداية الأزمة من خلال دعوتها لوقف إطلاق النار وإيجاد حل سياسي من خلال التفاوض.
يذكر أن مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر تحدث -في مقابلة تلفزيونية- عن دخول الصين على خط النزاع الروسي الأوكراني، وقال إن الحرب بينهما تقترب من نقطة تحول، متوقعا إجراء مفاوضات بحلول نهاية العام، “بفضل الجهود الأخيرة التي بذلتها الصين”.