مع تعثر متكرر للهدنات وإجلاء الأجانب.. هكذا يتوقع خبراء ومحللون سيناريوهات المرحلة المقبلة في السودان | البرامج
اتفق ضيوف حلقة برنامج “ما وراء الخبر” على أن تتابع خرق الهدنات المعلنة بين طرفي الصراع في السودان، حتى الأخيرة منها والتي تزامنت مع إجلاء الرعايا الأجانب، يؤشر لاتساع فجوة الثقة بينهما والتوجه لحدة أكثر في المواجهات خلال المرحلة المقبلة.
وفي حلقة البرنامج (2023/4/23)، قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري إن الأزمة تسير على حافة الهاوية، وتصريحات كلا الطرفين (الجيش السوداني وقوات الدعم السريع) تدخل في مباراة صفرية وتصرّ على إلغاء الآخر، وتأكيد نية القضاء عليه، رغم عدم قدرة أي طرف على الحسم وتحقيق تلك الغاية.
يأتي ذلك على خلفية خرق جديد للهدنة التي تعد الثالثة منذ بدء النزاع، والتي تزامنت مع تسارع عمليات إجلاء الأجانب من السودان، حيث تجددت الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أنحاء عدة بالخرطوم اليوم الأحد، مع تبادل الجانبين الاتهامات بخرقها عدة مرات.
3 سيناريوهات متوقعة
وقال اللواء الدويري إن استمرار المواجهات وعدم التزام أطراف الصراع بالهدنات المعلنة سيدفع إلى أحد السيناريوهات: الأول منها هو اتساع دائرة الأزمة ودخول أطراف جديدة للصراع مما قد يصل بالمشهد إلى صراع عرقي وقبلي واقتتال أهلي، ربما يفضي إلى عمليات نزوح وتهجير قسري في كل مكان، وهو السيناريو الأسوأ.
أما السيناريو الثاني، فهو -بحسب الدويري- ضعف قدرات الطرفين القتالية والاقتصادية مع استمرار القتال لأسابيع، وهو ما قد يعيدها إلى الرشد والعقلانية، وإدراك أنهم في إطار معادلة “خاسر خاسر” وليست معادلة صفرية، ومن ثم التوجه للسيناريو الإثيوبي الذي انتهى إلى التفاوض بعد قناعة بأنه لا منتصر في الحرب.
فيما يتمثل الاحتمال الثالث بالتوجه ناحية السيناريو الليبي، بغلبة الجيش في العاصمة وسيطرته على أركانها الثلاثة، وحينها لا يعني ذلك نهاية القتال، وإنما انكفاء قوات الدعم إلى معاقلها في دارفور، والتي هي في الأصل أرض للصراع، وهو ما يعني استمرار القتال مدة أطول كما حدث في ليبيا.
ويرى الخبير العسكري والإستراتيجي الأردني أن كلا الطرفين -قائد الجيش عبد الفتاح برهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)- يكنّ كل منهما للآخر خصومة شديدة وعداء كبيرا، مع رغبة معلنة بالقضاء على الآخر، إلا أنه في حال الوصول إلى نقطة توازن، وإدراك كل طرف بعدم قدرته على إقصاء الآخر، حينها يمكن أن يجلسوا إلى طاولة المفاوضات.
وتوقع اللواء الدويري أن تشتد دائرة الصراع بعد اكتمال عملية إجلاء الرعايا الأجانب، وسيزداد القتال ضراوة ودموية، لأن العيون المراقبة انسحبت من المشهد، مما يعني العودة إلى مرحلة صراع دارفور، وازدياد سوداوية المشهد وظلاميته، في حال لم يكن هناك تحرك دولي لإنقاذ السودان من الوقوع في جرف هار.
اتساع فجوة الثقة
وفي ذات السياق، يرى الكاتب والمحلل السياسي السوداني الجميل الفاضل أن كافة المؤشرات تدل على أن فجوة الثقة قد اتسعت بشكل كبير بين الطرفين، وأنه مع إخلاء الخرطوم من الرعايا الأجانب، فإن التقديرات في ظل ما يحدث تعطي مؤشرا بأن المعارك لن تنحصر قريبا، وهو ما يبعد احتمالية الجلوس إلى طاولة مفاوضات.
وأضاف -في حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر”- أن “الفترة الأخيرة شهدت مزيدا من كثافة النيران والمواجهات، وإحراق المواقع وإخلائها مع حرب إعلامية كثيفة تدور بين الطرفين، وهو ما يعني أن الرغبة باستمرار المواجهة ما زالت هي سيدة الموقف”.
بينما يرى الصحفي والمحلل السياسي السوداني عزمي عبد الرازق أنه رغم المناوشات وإطلاق النار الذي وقع اليوم، فإن الطرفان كانا أكثر التزاما بهذه الهدنة، مرجعا ذلك إلى وجود طرف ثالث في المعادلة، وهو البعثات الدبلوماسية التي كانت في إطار الإجلاء، حيث كان لدى الطرفين مخاوف من التسبب في إعاقة هذه العملية.
ويرى عبد الرازق -في حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر”- أن الاشتباكات انحسرت بشكل ملحوظ في الخرطوم، بعد سيطرة الجيش على أغلب نقاط الاشتباك، وتدميره معاقل قوات الدعم السريع، لكنه يرى كذلك أنه مع انتهاء الهدنة الحالية ستتواصل عمليات القتال بصورة أو بأخرى.