اطبخ أو شارك في الطهي واحصل على 7 مكافآت صحية ومزاجية | أسلوب حياة
من المفارقات المثيرة للانتباه أن فترة الإغلاق جَرّاء تفشي فيروس كوفيد-19 تحولت إلى فرصة لتجسيد الفكرة القائلة بأن “تجاذب أطراف الحديث، والنظر إلى الطعام في أثناء الطهي، مما يهدئ أرواحنا”، وذلك عندما تحول العالقون بالمنازل إلى الطهي والخبز، لتمضية الوقت، وتخفيف الشعور العام بالحزن.
هذا ما أشارت إليه دراسة نُشرت عام 2021، وأشارت إلى أن “الناس وجدوا السعادة والاسترخاء في الطهي”، وأن “اكتساب الثقة في المطبخ جعلهم يشعرون بمزيد من الاعتماد على الذات”. وقال أحد المشاركين في الدراسة إن “الطهي وفر حقا ارتياحا عاطفيا، بتقليله من الآثار النفسية السيئة الناجمة عن التعامل المستمر مع الهواتف المحمولة والتلفزيون”.
والاعتقاد بأن الطهي والخبز “من الأنشطة الإبداعية، التي ترتبط ارتباطا مباشرا بزيادة الشعور بالرفاهية” ليس جديدا، بل تدعمه أبحاث، منها دراسة أجرتها إحدى الجامعات النيوزيلندية عام 2016، وشملت 658 طالبا جامعيا قاموا بتسجيل أنشطتهم والحالة العقلية المرتبطة بها على مدار 13 يوما، لمعرفة إذا ما كان الانخراط في الأعمال الإبداعية اليومية يجعلهم يشعرون بتحسن عاطفي. وكان “طهي الوصفات الجديدة” ضمن الموضوعات التي أفاد الطلاب بأنها “جعلتهم يشعرون بحماس ونمو إيجابي أكثر من المعتاد”.
نستعرض في هذا التقرير أهم 7 مكافآت للطهي في المنزل:
1- يصلنا بأحبابنا ويقلل أحزاننا
يقول مستشار الصحة النفسية مايكل كوسيت إن “الطهي ينشط حواسنا، ويذكرنا بمن نفتقدهم”. فبطريقة ما، تساعدنا روائح الطعام على العودة بالزمن إلى الوراء، إذ أظهرت الأبحاث أن “الشم يمكن أن يعيدنا إلى أول 10 سنوات من حياتنا”. بالإضافة إلى تأكيد الخبراء أن “طهي ما اعتاد الأحباب إعداده لنا، يلعب دورا في معالجة الحزن”.
فالطبخ تجربة حسية تشمل اللمس والتذوق والبصر والشم والسمع، “لكن يبقى الشم هو الإحساس الأكثر ارتباطا بالذاكرة”، كما تقول الطبيبة النفسية بيغي لو، موضحة أننا نستعيد ذكرياتنا “من خلال اتباع وصفات الأجداد، أو إعادة طهي الأطباق التي شاركناها مع الأصدقاء والعائلة”.
يمكن للطهي المنزلي إذن أن يساعدنا في تكوين الروابط، “ليس فقط مع من نطبخ معهم أو من أجلهم، ولكن أيضا مع أشخاص من ماضينا”، حسب الخبيرة في العلاج بالطهي جولي أوهانا.
2- يزيد التركيز ويقلل التوتر
يقول الطبيب النفسي سودهير جاد إن “الطهي يُعد عملا عظيما في حد ذاته، فهو شيء نفعله بعناية وتركيز، لدرجة أننا لا نستطيع الاهتمام بشيء آخر في أثناء القيام به”، فهو مهمة تتطلب الانتباه للخطوات والمقادير والتوقيتات باستمرار، “مما يقلل من عوامل التشتيت التي قد تسبب التوتر والقلق طوال اليوم”.
وتضيف الأخصائية الاجتماعية نيدرا شيلد أن الطهي لا يصلح مع الإلهاء أو التشتت، فهو من المهام التي تعزز التركيز، “فعندما نطبخ بعناية، لا يمكننا أن نفقد تركيزنا أو نبتعد للنظر في الهاتف، وإلا احترق البصل أو فارت مياه سلق المعكرونة”.
3- يمنحنا الشعور بالراحة والفرح
بعد أن تؤكد على أهمية “توفير كثير من الألوان في النظام الغذائي”، تُخبرنا اختصاصية التغذية سارة واغنر أنه “كلما زاد الوقت الذي نقضيه في الطهي، أردنا قضاء مزيد من الوقت في تناول الطعام وتقدير المجهود الذي بذلناه في إعداده؛ مما يساعدنا على أن نكون أكثر وعيا، وأكثر امتنانا لهذه اللحظات”.
إذ لا تقتصر التأثيرات الإيجابية للقيام بالطهي أو المشاركة فيه على الوقت المقضي في المطبخ فقط، ولكنها تمتد إلى حصاد الطهي لنفسه، “من الروائح إلى الألوان والنكهات، وما يمكن أن توفره من راحة وفرح”.
4- يعزز احترام الذات والثقة بالنفس
تؤكد جولي أوهانا أن “هناك قدرا هائلا من تعزيز الثقة بالنفس والشعور بالرضا واحترام الذات في الطهي”. فهو أحد الأنشطة المهمة، التي تساعد على ربطنا بأحبائنا وتُظهر لهم أنهم يحظون باهتمامنا ودعمنا، ويمكن للمشاركة فيه “أن تسهم في تعزيز الشعور بالثقة والمعنى والهدف والانتماء الاجتماعي والألفة والقرب، وهي أمور ترتبط بزيادة السعادة والرفاهية وانخفاض الاكتئاب”، كما يقول الباحث الأميركي ماثيو ريتشيو.
5- شكل من أشكال الرعاية الذاتية
توضح نيدرا شيلد أن الطهي يُعد شكلا من أشكال الرعاية الذاتية، إذ إن “إعداد طعام جيد لنفسك يجعلك أكثر صحة، ويُشعرك بالسعادة وأنت تُرسل لنفسك رسالة مفادها أنك مهم، لأنك تأخذ الوقت لتغذية جسمك”.
وتؤكد أهمية أن نجد الوقت الكافي لدمج الطهي في حياتنا الصاخبة المزدحمة “باعتباره أحد الأنشطة التي تجمعنا معا لتعزيز مشاعر التواصل والسعادة”.
وينصح الدكتور سودهير جاد كذلك بأن نطبخ ما نأكله، وأن نأكل جيدا، ولا نركز على طبق واحد، وأن نجعل وقت الطعام لحظة تأملية للهدوء والسلام، نتخلص فيها من المحفزات التي نتعرض لها طوال اليوم، وألا نأكل ونحن مشتتون بين مشاهدة التلفزيون والانشغال بالهاتف.
6- يحد من الشعور بالعزلة
أشارت دراسة أجريت عام 2013 إلى أن “الطهي الجماعي يساعد في تعزيز التنشئة الاجتماعية والحد من الشعور بالعزلة”.
كما وجدت دراسة شملت 8500 شابا في نيوزيلندا أن “قدرتهم على الطهي ارتبطت بصلات أسرية ورفاهية عقلية أفضل، وبمستويات اكتئاب أقل”.
وأفاد مشاركون في دراسة نُشرت عام 2022 “بتحسن صحتهم العامة والعقلية، بتأثير من برنامج طهي مدته 7 أسابيع”. وقالت الدكتورة جوانا ريس، التي قادت الدراسة، إن “الطهي المنزلي له آثار إيجابية لا تقتصر على الشعور بالرضا والاستمتاع فحسب، بل تعزز الكفاءة الذاتية، وتُفيد الصحة العقلية والجسدية”.
7- طريقة لتبني عادات الأكل الصحية
يرى الخبراء أن تناول الطعام الذي نطبخه بأنفسنا يساعد أجسامنا على العمل بشكل أفضل على المستوى البيولوجي. فيقول الدكتور جاد “بدلا من اللجوء للوجبات السريعة؛ الطهي في المنزل يجعل الطعام أكثر قابلية للهضم، ويساعد الجسم بدلا من الإضرار به”.
ووفقا لموقع كلية الطب بجامعة هارفارد (HMS)، فإن “طهي وجبات الطعام في المنزل يسهم في تحسين جودة النظام الغذائي وفقدان الوزن وخفض ضغط الدم والوقاية من السكري”.