Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
خبر عاجل

أمضوا عقودا في الاعتقال.. أسرى فلسطينيون سابقون يتحدثون للجزيرة نت عن معاناتهم | سياسة


رام الله- ربما لم يعد الخروج من السجن نهاية معاناة بعض الأسرى الفلسطينيين، إذ لم يعد المجتمع -لمن أمضوا عقودا في السجن- كما كان قبل الاعتقال، حيث شهد تغيّرا كبيرا، وربما أصبح صادما في بعض جوانبه.

في يوم الأسير الفلسطيني الذي يحل اليوم، تسلط الجزيرة نت الضوء على ما يلمسه هؤلاء من تغيرات بعد الإفراج عنهم، وتسألهم عن أحوالهم وكيف عادوا لممارسة حياتهم الطبيعية؟ وهل يجدون حاجزا بينهم وبين المجتمع المحيط؟ وما اهتماماتهم والقضايا التي يناقشونها؟ وهل يجدون تقديرا لما قدموه في سجون الاحتلال بسبب نضالهم من أجل قضيتهم؟

ووفق معطيات نادي الأسير الفلسطيني، يوجد في السجون الإسرائيلية 23 أسيرا، تم اعتقالهم قبل اتفاق أوسلو 1993، ونحو 400 أمضوا أكثر من 20 عاما في الاعتقال، من بين الأسرى البالغ عددهم 4900.

اختلاف العادات والتقاليد

يقول الأسير السابق ماهر يونس إن كل شيء تغيّر، وأحيانا بشكل يدعو إلى الاستغراب، مضيفا أن “طبيعة الناس واهتماماتهم وطريقة تعاملهم مع بعضهم تغيّرت وبشكل سلبي أحيانا”.

وأفرج الاحتلال عن يونس -من بلدة عارة شمالي أراضي 48- في 19 يناير/كانون الثاني الماضي بعد انتهاء محكوميته البالغة 40 عاما.

ما زال ماهر يونس منشغلا في التعرف على بلدته وطبيعتها وشوارعها، ويحرص على تلبية الدعوات في المناسبات الاجتماعية والفعاليات المختلفة، بما في ذلك وقفات التضامن مع الأسرى.

رغم تواصله مع الخارج طوال سنوات اعتقاله، فقد وجد واقعا مختلفا عما كان يتخيّله، وقال “لا أستطيع التدخل بعمق في المجتمع لأنني لا أفهم طبيعة الحياة والمتغيرات التي جرت، وباتت مقبولة بشكل فيه بعض الغرابة”.

وأضاف الأسير السابق (65 عاما) “أقولها صراحة أتعرف على المجتمع وكيف يعيش، وعلى أهلي وعاداتهم وتقاليدهم ونمط حياتهم، خرجت من السجن بذهنية وعقلية قديمة أقرب إلى وقت الاعتقال (1983)، كنا معتادين على الاحترام والتآخي والألفة والحياة المشتركة”.

ويضيف يونس أما اليوم “الجار مش لجاره، الأخ مش لأخوه، استغربت من ابن ينادي أباه باسمه ويتقبل ذلك الوالد بشكل طبيعي، هذا لم يكن في السابق”.

وعن تغير نمط حياة الناس يقول “غلاء المعيشة كبير، الكل يجري وراء رزقه، المرأة وزوجها يعملان ولا يفيان باحتياجات الأسرة، وبينما كان الصغار قبل اعتقالي يستمتعون بحبة الملبّس (حلوى)، فإن طموحهم اليوم ليس أقل من تراكترون (دراجة صحراوية) ودراجة كهربائية، ولا يستطيع الوالدان الرفض. متطلبات المجتمع أصبحت كثيرة”.

ورغم التغيرات في المجتمع، يؤكد ماهر يونس أن المجتمع الفلسطيني يُقدر المعتقلين ونضالاتهم وعطاءهم بصورة “تفاجَأنا بها وقت الإفراج”.

ولفت إلى أن البعض ينظر للأسرى بمنظار الشفقة، “وهذا النوع أصده وأرفضه، فنحن قدمنا شيئا للوطن و40 سنة من العمر إكراما لفلسطين وكجزء بسيط من مهرها”.

غلبة الأنا على المجتمع

التغيرات التي لمسها يونس لمسها أيضا الأسير المحرر فخري البرغوثي (69 عاما) من قرية كوبر (شمالي مدينة رام الله)، الذي أمضى 34 عاما في السجون الإسرائيلية وأفرج عنه في صفقة تبادل الأسرى 2011.

ورغم مضي 12 عاما على تحرره ما زال البرغوثي يواجه صعوبة في الاندماج مع المجتمع بتحولاته الجديدة، بل ويشعر بالأسف لتغلب لغة “الأنا” على لغة “نحن” بين الناس.

ويضيف “لا يوجد شيء لم يتغير، سواء كان ذلك على الصعيد المادي من عمران وبنية تحتية واحتياجات الناس، أو على صعيد المجتمع وسلوكه وعلاقات الناس مع بعضها”.

يصف البرغوثي علاقات الناس الاجتماعية هذه الأيام بأنها فاشلة، ويرسم صورة سوداوية للمشهد، قائلا “المصالح الشخصية أصبحت أهم بكثير من المصالح العامة، ثقافة المصلحة العامة مفقودة، فش (لا يوجد) حسن نوايا بين الناس، من يريد مصلحة يبحث عنك”.

ويتابع الأسير المحرر “لم أندمج بسهولة وهناك قضايا لم أستوعبها حتى اليوم، همّ الناس الوحيد ماذا يكسبون، فقدوا كلمة (نحن) وسيطرت كلمة (أنا) على المجتمع”.

ويرى البرغوثي أن “التنظيمات والأحزاب السياسيات باتت فارغة المضمون، الثقة الثورية والانتماء الحقيقي للوطن صار تجارة وللشهرة”.

ويضيف أن ردات فعل الناس إزاء ما يحدث لقضيتهم ومدينة القدس “تفتقد للحرارة ويغلب عليها اللامبالاة، وهذا يظهر في تدني المشاركة في الفعاليات المختلفة”.

الأسير المحرر فخري البرغوثي يدعو إلى بناء المؤسسات بعيدا عن المحسوبية والفساد والمصالح الفئوية (مواقع التواصل)

لا للندم

وعن سبب التغيرات السلبية التي لمسها، يقول البرغوثي “من اتفاق أوسلو (1993) وحتى اليوم والحالة الفلسطينية في تراجع، ابتعاد عن الهدف الرئيسي المتمثل في التحرير والتعبئة الوطنية، إلى المصالح الشخصية”.

في ظل هذا الواقع يقول البرغوثي إن السؤال المتكرر الذي يضايقه كل يوم “ألست نادما على قضاء 34 عاما في السجن؟ ويجيب: أنا مؤمن بالقضية والوطن ووجوب دفع الثمن، ولا يمكن التنازل عن المبادئ، وسأبقى متمسكا بالحق من أجل قِلة حافظوا على أنفسهم ومبادئهم”.

واليوم يدعو البرغوثي إلى تعبئة القوى والفصائل من جديد وبناء المؤسسات بعيدا عن المحسوبية والفساد والمصالح الفئوية، معبرا عن رفضه إلقاء اللوم على الاحتلال في كل شيء.

ورغم إحباطه، يحرص البرغوثي على المشاركة في كل الفعاليات السياسية، خاصة وقفات التضامن مع الأسرى، سواء دُعي إليها أم لم يدع، معبرا عن حزنه لما آلت إليه فعاليات التضامن مع الأسرى “أشعر بأن الوقفات ميتة، لا حرارة ولا روح فيها”.

اندماج سريع

خلافا لتجربتي الأسيرين يونس والبرغوثي، يقول الأسير السابق علاء بحيص (40 عاما) إنه اندمج بسهولة في المجتمع.

وأضاف بحيص -الذي أمضى 20 عاما في الاعتقال، وأفرج عنه في فبراير/شباط الماضي- أن هناك تغييرات كبيرة جرت خلال فترة غيابه، لكن هناك جوانب إيجابية فاجأته.

وتابع أن “صمود الناس وتشبثهم بأرضهم وقضيتهم، وتزايد الحس والنفس الوطني؛ لمست كل هذا شخصيا في حجم الاحتفاء بي عند الإفراج عني، حيث حضر من أعرفه ومن لا أعرفه، ولمست اهتمام الناس ومن دون وجود معرفة أو علاقة سابقة، خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي”.

وأرجع بحيص سبب اندماجه السريع مع محيطه إلى التواصل المستمر مع أخبار الخارج من خلال دوّامة الاعتقال، مضيفا أن “كل أسير جديد كان ينقل لنا أخبار الناس والبلدة والمجتمع، فتكونت لدي صورة أولية عن طبيعة الناس واهتماماتهم والتطورات الحاصلة في الخارج”.

وأوضح أن من المتغيرات التي لفت نظره في فترة غيابه إلغاء مناطق “أ”، التي كانت للسلطة الفلسطينية سيطرة كاملة عليها حتى اجتياحات 2003، وتزايد ضغوط الحياة على الناس وانشغالهم بالهموم اليومية بشكل أشغلهم عن السياسة وعن بعضهم.

وبعد مضي أكثر من شهرين على تحرره، يقول بحيص إنه مستمر في التعرف على الناس في محيطه ومجتمعه.



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى