Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
خبر عاجل

“دفعة لندن” ينكأ جراحا قديمة ويثير الجدل بأخطاء تاريخية وعلمية | فن


في عام 2019، صدر مسلسل “دفعة القاهرة” الذي تناول قصة مجموعة من الطلاب والطالبات الخليجين يدرسون بالجامعات المصرية في الخمسينيات من القرن الـ20، وفي 2020 صدر مسلسل “دفعة بيروت” الذي تناول القصة نفسها تقريبا ولكن هذه المرة في بيروت الستينيات.

وخلال رمضان الجاري، يُعرض الجزء الثالث من المسلسل تحت عنوان “دفعة لندن” من تأليف الكاتبة نفسها هبة مشاري حمادة، ولكن بدلا من علي العلي مخرج الجزأين الأول والثاني، يتولى الإخراج هذه المرة المصري محمد بكير صاحب مسلسل “الغرفة 207”.

طبقية وصراعات سياسية

تدور أحداث مسلسل دفعة لندن في بداية الثمانينيات، عندما تلاقى على أرض العاصمة البريطانية مجموعة طلبة وطالبات من الكويت، بالإضافة إلى عائلة إيرانية هاربة بعد الثورة، و3 أخوات من العراق هربن بعد انقلاب سياسي فعملن في لندن خادمات.

لدينا عدد كبير من الشخصيات المختلفة لكل منها سماتها الخاصة والتي حاول المسلسل توضيحها في الحلقة الأولى الأطول من باقي الحلقات وامتدت لساعة كاملة، ثم ترك العمل لكل شخصية مساحة لنمو الحبكة الخاصة بها، والتي تتشابك مع حبكات البقية.

الهدف الأول من المسلسل، هو استعراض حياة هؤلاء الطلبة والطالبات في لندن، بعد انتقالهم من بيئاتهم المنغلقة بطبيعتها إلى مجتمع مغاير تماما أكثر انفتاحا وحرية، ولكن تحت السطح يبرز لدينا عاملين مهمين، هما الطبقية والعلاقات السياسية والتاريخية المضطربة التي تجمع بين الشخصيات.

تبرز الطبقية من الحلقة الأولى، فشخصيات المسلسل تنقسم إلى طبقات اقتصادية واجتماعية مختلفة، لدينا طبقة الأثرياء المتمثلة في “مضاوي” وأمها و”سلطان” وأخيه، عائلتان كويتيتان، يظن أفرادهما أنهم قادرين على تسيير العالم بسبب الغنى الفاحش الذي تنعم به الأسرة، فالأولى تتعالى على صديقاتها بسماحها لهن بالسكن معها في شقتها بلندن، وتتباهى بزوجها المستقبلي وسيارتها الفارهة، وذلك حتى تأتي الأخبار السيئة بسجن والدها وفقدان الثروة، بينما على الجانب الآخر “سلطان” وشقيقه يسيطران على حياة الشاب العراقي الفقير “مقداد” الذي يمثل بديلا يحمل عنهما مصائبهما، فيذهب ليؤدي الامتحان أو يستعد للاعتراف بجريمة ضرب فتاة بدلا منهما.

الطبقة الوسطى العليا ممثلة بالطلبة والطالبات والعائلة الإيرانية التي ودعت الثراء بعد هرب الشاه وبداية حكم الخميني، بينما الطبقة الفقيرة متمثلة في ميسون الخادمة وأختيها اللواتي ترك لهن الأب ثروة كبيرة أمن عليها أحد أصدقائه ولكن الأخير سرقها وتركهن ليواجهن الحياة في لندن وحيدات فقيرات.

بجانب هذا الصراع الطبقي هناك صراع آخر أكثر خفوتا، ولكن هذا لا ينفي وجوده بين سكان كل من العراق والكويت وإيران، فبسبب التجاور الجغرافي يوجد تاريخ متشابك يحمل العديد من الصراعات والحروب حتى في الفترة الزمنية التي تدور بها الأحداث، أي ما قبل حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران في سبتمبر/أيلول 1980، أو غزو العراق للكويت في بداية التسعينيات.

تظهر الشخصيات عدائية تجاه بعضها البعض كأحد المشاهد التي تتهم فيها ميسون الفتيات بالسخرية منها باستخدام فرق اللهجات، أو مشهد آخر تغضب فيه الجارة الإيرانية عندما يستمع أحد جيرانها لأغنية عربية.

وبجانب الطبقية والصراعات السياسية يُبرز المسلسل كذلك التمييز على أساس الجنس، فلدينا طالبات يدرسن في لندن الطب، فيسخر أخ إحداهن واصفا خياطتها لجرح مريض خلال امتحان في صفوف التدبير المنزلي، وآخر يحاول استغلال ابنة عمه في الأعمال المنزلية.

أثار المسلسل جدلا واسعا بعد أن بدأ حلقاته بفتاة شقراء تلاحقها وسائل الإعلام، فلم تجد أي وسيلة للهروب منهم سوى شقة الشباب العرب، لنكتشف لاحقا أن تلك الفتاة هي الأميرة ديانا، ولا يفترض أن المشهد كان خطأ تاريخيا بقدر ما كان خيالا من مؤلفة العمل، لكنه كان خيالا يحمل الكثير من المبالغة التي فاقت المنطق، ومن ثم أثارت سخرية بعض المتابعين.

إثارة للجدل من البداية للنهاية

أثار مسلسل “دفعة لندن” الجدل منذ الحلقة الأولى نتيجة لترافق ظهور الشخصيات العراقية مع مشاهد اعتبرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي أنها مسيئة وتحمل إهانة للعراق وشعبه.

وامتد هذا الغضب من مواقع التواصل الاجتماعي إلى مجلس النواب العراقي، وقد استنكرت لجنة الثقافة والسياحة والآثار والإعلام في مجلس النواب عرض المسلسل “الذي يسيء للمرأة العراقية”، داعية الحكومة ووزارتي الثقافة والخارجية لمطالبة السفارة الكويتية بإيقافه فورا.

وجاء الرد الكويتي عبر حساب “المجلس” وفيه أكدت مصادر في وزارة الإعلام أن “مسلسل دفعة لندن والذي شارك فيه عدد من الفنانين من مختلف الجنسيات الخليجية والعربية والآسيوية لا يمت للكويت بصلة ولم يحصل على أي موافقات من الجهات الرسمية في الكويت ولم يعرض في أي منصة إعلامية في الكويت مؤكدة رفضها لأي عمل من شأنه المساس بأي دولة أو شعب عربي او صديق”.

ولم ينته الجدل عند هذه النقطة، فمع عرض أحدث حلقات المسلسل بدأت موجات السخرية الإلكترونية من حمل أحد بطلات المسلسل بالخطأ بجنين بعد إجرائها ما ظنته “منظار للقولون” واتضح أن الطبيبة قامت بالخلط بين أوراقها ومريضة أخرى، وخضعت بالتبعية لعملية تلقيح صناعي، وعلى البطلة تحديد إذا ما كانت ستجهض الجنين أم تحتفظ به بعد توسلات الأم والأب البيولوجيين.

ونتيجة هذا الخطأ العلمي اتهم بعض المتابعين المسلسل بالسذاجة، ورأى آخرون أنه يتشابه مع مسلسل “جين العذراء” (Jane the Virgin) الذي تم تعريبه بالفعل من قبل تحت عنوان “الآنسة فرح” وتناول قصة فتاة تخضع لكشف نسائي ويتم تلقيحها بالخطأ.

مسلسل دفعة لندن بالتأكيد تسبب في جدل واسع ومستمر، ولكن ربما حدث ذلك بسبب وصوله بالفعل إلى شرائح واسعة من المشاهدين الخليجين، أو لأنه ينكأ بعض الجراح القديمة، ويقدم أحداثا اجتماعية تحاكي واقعا مر به البعض خلال العقود الماضية.



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى