تربية الأبناء في الإسلام.. كيف نستفيد من المنهج العمري ووصايا لقمان؟ | البرامج
يقول خبير الإرشاد النفسي والتربية الإسلامية، الدكتور مصطفى أبو سعد إن أعظم مفهوم للتربية في العصر الحديث هو حفظ الفطرة، وإن التحدي الأكبر الذي يواجه الناس اليوم هو بين من يريد حفظ هذه الفطرة وبين يريد تشويهها وتدميرها.
والتربية التي هي من الزيادة والنماء أبقت الإسلام حيا وكذلك الأمة والحضارة الإسلامية، وترتبط برؤية ومنهج وغايات. والمسلمون، كما يؤكد الدكتور أبو سعد، لديهم مرجعية الكتاب والسنة النبوية، وهو منهج ما زال مستمرا ومحفوظا، وكما قال سبحانه وتعالى في سورة الحجر: “إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ” (سورة الحِجْر/ الآية 9).
والنبي، صلى الله عليه وسلم، كان مربيا وقدم نظرية تربوية واضحة، واتسم بصفات الرأفة والرحمة والحلم والحكمة، وكان يعتبر أن الطفل عليه أن يعيش طفولته، وأن يلعب ويصرخ ويبكي، كما كانت له مواقف في تعامله مع الأطفال ومنها أنه كان على منبر الجمعة وهو يحمل حفيدته أمامة بنت أبي العاص بن الربيع، ابنة زينب، رضي الله عنهم. ولا يكون الشخص مربيا -بحسب الدكتور أبو سعد- إلا إذا اقتدى بصفات النبي الكريم الذي كان قرآنا يمشي على الأرض.
ولأن التربية علم، يدعو ضيف حلقة (2023/4/13) من برنامج “الشريعة والحياة في رمضان” الناس إلى تعلم مناهج التربية من الخبراء المختصين ومن الكتب، قائلا إن التربية الأسرية ليست هي الطبخ والإعاشة كما يعتقد البعض بدليل أن الذين يحصرونها في هذه المجالات هم الذين يصدمون في أولادهم لاحقا.
وعن أسباب تأخر النضوج العقلي لدى الجيل الحالي مقارنة بجيل الصحابة كأمثال سعد بن أبي وقاص والذي أسلم وهو في سن الـ17 وكذلك الزبير بن العوام، لا ينفي خبير الإرشاد النفسي والتربية الإسلامية وجود نماذج مبهرة في الجيل الحالي لديها نضج فائق، فحفظت القرآن الكريم وبرزت بقوة في مجالات عدة.
لكن المشكل الذي يواجه الأمة الإسلامية هو وجود اضطراب في بناء الإنسان -حسب رأيه- فهناك من الأطفال من يكون لديهم نضج فائق في جانب الغرائز بسبب الإعلام والإدمان الإلكتروني، يطغى على نضجه العقلي والفكري والأخلاقي وغيرها من المجالات. وحتى الكبار أيضا منهم من لم ينضج أخلاقيا مقابل نضجه غرائزيا.
الترف يعيق النضج
ويشير الدكتور أبو سعد إلى أن المنظومة الأخلاقية التي توجد في القرآن الكريم تعرض على الأطفال والأبناء على شكل معلومات وليس باعتبارها قيما ومنهج حياة وسلوكا وعزة وافتخارا.
ويشير أيضا إلى أن شيوع الترف يعيق بشدة النضج لدى الإنسان، وهناك لاءات يجب على الآباء أن يعلموها لأطفالهم ومنها مثلا أنه ليس كل ما يشتهي الابن يشترى له، وذلك وفق المنهج العمري (الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه) الذي يقول: “أكلما اشتهيتَ اشتريتَ؟!”، بالإضافة إلى أن قضاء الوقت في التفاهة يدمر نضج الإنسان.
ويشدد الدكتور على ضرورة اهتمام المنظومة التربوية في الدول العربية والإسلامية بالقيم وعدم التركيز فقط على المكون المعرفي.
وحول وصايا لقمان لابنه، يوضح أن هذه الوصايا تدور حول محورين: العقيدة والتوحيد “لا تشرك بالله” والتي تعطي للإنسان معنى وغاية وجوده.
أما المحور الثاني فـ”اغضض من صوتك”، وهو منهج للتعامل البشري، مؤكدا أن وصايا لقمان يمكن أن تصبح منهجا قويا جدا في مجال التربية لأن لها دلالات عظيمة.