تشمل وجبات ومساعدات للمحتاجين.. مبادرات خيرية للاعبي تونس في رمضان | رياضة

تونس- محاطا بعدد من الشباب والأطفال داخل قاعة فسيحة يحذوها مطبخ وغرفة بها عدد من الأكياس المليئة بالمواد الغذائية والغلال والحلويات، يقف مدافع منتخب تونس والنادي الأفريقي نادر الغندري ليضع وجبات الإفطار في صناديق وأكياس، قبل أن يشارك الشباب المتطوعون في توزيعها على المحتاجين في مدينة سكرة شمال العاصمة تونس.
لم يكن ظهور الغندري، أحد نجوم منتخب “نسور قرطاج”، ضمن موزعي وجبات الإفطار سوى مفاجأة سارة لسائر المتطوعين بجمعية “دار سكرة”، التي تعوّد القائمون عليها على تنظيم موائد إفطار جماعي لفائدة المحتاجين في رمضان من كل عام، من خلال إعداد طعام الإفطار ضمن برنامج خيري تؤمّنه الجمعية بهدف مساعدة ضعاف الحال.
وعلى غرار نادر الغندري، يحرص عدد من الرياضيين على الانضمام للحملات الخيرية ضمن مشروع أطلق عليه منظموه اسم “إفطار صائم”، ودعوا عددا من المشاهير إلى المساهمة فيه.
أعمال خيرية
وتناقل نشطاء في منصات التواصل صورا للاعب النادي الأفريقي وهو يشرف على توزيع وجبات الإفطار، وقد لاقت ظاهرة انخراط الرياضيين في الأعمال الخيرية طوال شهر رمضان استحسانا وإشادة من المتابعين.
وتعيش تونس على وقع أزمة اقتصادية غير مسبوقة تفاقمت خلال الشهر الكريم الذي يرتفع فيه نسق الاستهلاك بالتوازي مع ارتفاع نسبة التضخم وتدني القدرة الشرائية، مما حرم الكثير من الأسر المحدودة الدخل من توفير نفقاتها.
لكن المبادرات التي تقودها منظمات خيرية ساهمت في تخفيف شظف عيش تلك الفئات وجسدت نماذج من التضامن والتكافل الاجتماعي، خصوصا بعد أن انضم إليها عدد من الرياضيين ولاعبي كرة القدم الذين أدخلوا الفرحة على قلوب العائلات المعوزة في رمضان.
ويرى نادر الغندري أن مشاركته في إعداد وجبات الإفطار والسحور للصائمين من ضعاف الحال، هو “أقل ما يمكن أن يساهم به من أعمال تقربه إلى الله، وتزيد من حسناته وترسخ قيم التضامن وعمل الخير خصوصا في الشهر الكريم”، بحسب قوله.
وفي تصريحات للجزيرة نت، قال الغندري: “من المؤكد أن كل لاعب كرة قدم أو كل شخص من المشاهير في الرياضة أو الفن أو سائر مجالات الإبداع، لن يخسر الكثير عندما يقدم جزءا يسيرا من راتبه للمشاريع والأعمال الخيرية، لكن تلك المساهمات التي تبدو بسيطة لنا تمثل الكثير لأولئك المحتاجين. عمل الخير يكسبنا راحة معنوية ويجعلنا أقرب إلى الخير وإلى الله”.

وبشأن انخراطه في المبادرات الخيرية ومساهمته في تقديم وجبات الإفطار، أكد أنه دأب منذ سنوات احترافه في فرنسا على المساهمة مع شقيقته التي تدير جمعية خيرية هناك، وعند عودته إلى فريقه النادي الأفريقي استمر في دعم المحتاجين والمساهمة مع جمعية “دار سكرة لإفطار الصائمين” وتخصيص جزء من راتبه لمثل تلك المشاريع، وفق قوله.
وقال للجزيرة نت: “شاركت مع عدد من لاعبي النادي الأفريقي ومنتخب تونس في دعم مشاريع أخرى. عادة ما أجمع التبرعات في غرف الملابس، بعد نهاية المباراة أتحدث مع زملائي، وكثيرا ما كانت استجابتهم فورية”.
وعلى الرغم من الأزمات المالية التي تعيشها معظم أندية الدوري التونسي لكرة القدم، فإن عددا من لاعبيها صنعوا الحدث خلال الشهر المبارك بمساهمتهم في أنشطة خيرية وأعمال تضامنية ومشاركتهم في تنظيم موائد الإفطار ووجبات السحور لفائدة المحتاجين والعائلات المحدودة الدخل، فضلا عن تقديم مساعدات مالية ومواد غذائية للجمعيات الخيرية التي تتولى بدورها توزيعها على مستحقيها.
عادة متأصلة
بدوره، يقول لاعب النجم الساحلي زياد بوغطاس للجزيرة نت إن “لاعبي كرة القدم والمشاهير الميسوري الحال مطالبون بالإيثار وعمل الخير، خصوصا أن مبادرات موائد الإفطار لضعاف الحال عادة متأصلة في الأسر التونسية وعلينا الحفاظ عليها”.
ويضيف بوغطاس بشأن ظاهرة انخراط نجوم كرة القدم بالمشاركة في إعداد موائد الإفطار: “على الرغم من أن طعام الإفطار لا يحد من معاناة الأسر الفقيرة، فإنه يخفف من حدتها، ولا سيما في رمضان الذي ترتفع فيه نسبة الاستهلاك وتتزايد الشهوات لأطباق مختلفة”، بحسب قوله.
ويحرص بوغطاس على المساهمة مع عدد من زملائه في النجم الساحلي على تقديم مساعدات مالية وغذائية للمحتاجين، فضلا عن دعوة اللاعبين الأجانب في الفريق للإفطار كنوع من إحياء سنن التكافل والتضامن في الشهر المعظم.
ولا تقتصر مبادرات موائد الإفطار على اللاعبين، بل تشمل حتى مدربين ومسؤولين بالأندية، وفق ما أكده للجزيرة نت أنيس بن ميم المسؤول السابق في نادي الملعب التونسي.

ويقول بن ميم: “دعم المحتاجين وشد أزرهم في هذا الظرف الصعب اجتماعيا واقتصاديا هو واجب علينا جميعا أداؤه. لاعبو كرة القدم هم قدوة ومثال للكثيرين، ومشاركتهم في إقامة وتوزيع موائد الإفطار سيدفع آخرين بالتأكيد إلى الانخراط في عمل الخير والتصدق على المحتاجين”.
وكشف أن مساهمته مع عدد من الرياضيين في مساعدة ضعاف الحال بمبادرات جماعية أحيانا وفردية أحيانا أخرى، هو أقل ما يمكن أن يقوم به من صدقات في الشهر المبارك.
وخلال شهر رمضان، تنتشر في عدة مدن تونسية مظاهر التكافل الاجتماعي وإقامة موائد الإفطار التي تستهدف بالأساس عائلات فاقدة للسند أو عابري سبيل أو المقيمين الأجانب، وتشرف عليها في العادة جمعيات خاصة أو تكون بمبادرات فردية من قبل أشخاص ميسوري الحال.