بيل كلينتون: لماذا صمد السلام في أيرلندا الشمالية وفشل في مناطق أخرى من العالم؟ | أخبار سياسة
قال الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون في مقال له نشرته صحيفة “واشنطن بوست” (Washington Post) الأميركية إنه على الرغم من مرور نحو 25 عاما على توقيع اتفاقية الجمعة العظيمة التي حققت السلام في أيرلندا الشمالية، فإن الوضع لا يزال بعيدا عما كان مأمولا.
وأضاف كلينتون أن تقدما ضئيلا تحقق لحد الآن في التكامل الاجتماعي بأيرلندا الشمالية، حيث إن الأحياء لا تزال منقسمة، كما أن التفاوت الاقتصادي بين السكان لا يزال متسعا. فضلا عن أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي زاد الأوضاع تعقيدا، إذ أصاب البريكست البلاد بحالة من الشلل السياسي.
وأوضح الرئيس الأميركي الأسبق أنه على الرغم من كل تلك التحديات التي لا تزال قائمة، فإن السلام في أيرلندا الشمالية صمد واستمر، عكس تجارب أخرى في مناطق مختلفة من العالم لم تحقق النجاح نفسه.
عدة عوامل
وأرجع كلينتون ذلك إلى عوامل عدة في مقدمتها أن السلام كان مطلبا شعبيا، حيث إن الناس ملت من عمليات القتل والمآسي التي نتجت عن ذلك، كما سئمت من الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي تسببت فيها حالة الانقسام.
يضاف إلى ذلك أن القادة السياسيين من جميع الأطراف أبانوا عن شجاعة واضحة خلال مفاوضات السلام، حيث قدموا تضحيات كبيرة وعدة تنازلات لخصومهم وهم يعلمون أنهم بذلك يعرضون مستقبلهم السياسي للخطر.
لكنهم أصروا على المضي قدما في مسار التسوية، وبنوا ثقة متبادلة بثبات من خلال اتخاذ إجراءات حاسمة كان من بينها الإفراج عن السجناء ووقف إطلاق النار.
وأشار كلينتون، في مقاله بواشنطن بوست، إلى أن من أسباب نجاح السلام في أيرلندا الشمالية أيضا التدخل الأميركي الإيجابي، حيث عملت الولايات المتحدة على المساعدة في جمع كل الأطراف حول اتفاق تسوية ناجحة تحقق الأهم وهو السلام.
علاقات خاصة
وقال إن واشنطن يجب أن تستمر في دعم السلام بأيرلندا الشمالية، ليس فقط بالنظر إلى “العلاقة الخاصة” بينها وبين لندن، ولكن أيضا لإرضاء فئة واسعة من الأميركيين من الأصول الأيرلندية القلقين على مصير وطنهم الأصلي.
كما أكد كلينتون أن صمود السلام في أيرلندا يرجع أيضا لأن اتفاق الجمعة العظيمة كان عادلا بالنسبة لجميع الأطراف، وضمن التزام الجميع بحكم الأغلبية، لكن مع احترام حقوق الأقليات، واحترام الحقوق المدنية والفردية، وسيادة القانون، وحظر العنف ونزع سلاح الجماعات شبه العسكرية وتسريح عناصرها.
كما أنه نجح في إنشاء نظام مشترك لصنع القرار، وضبط العلاقات الخاصة مع جمهورية أيرلندا والمملكة المتحدة.
وأوضح كلينتون أن إنجاح أي تجربة مماثلة في المشاكل التي تعصف بالعالم، يحتاج لشخصيات قيادية لديها الشجاعة الكافية لمواجهة التحديات بشكل مباشر، واتخاذ القرارات الصعبة الضرورية لتحقيق السلام، وذلك ضمن إطار يشارك الجميع في بلورته.