Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
خبر عاجل

الدراما المصرية في شهر رمضان.. من أخطاء “رسالة الإمام” إلى سطحية “سره الباتع”


مع انتصاف شهر رمضان الكريم، اتضحت حبكات الأعمال الدرامية بما يمكننا من الحكم عليها، بل إن بعض الأعمال قد انتهى عرضها بشكل كامل بالفعل، حيث شهد الإنتاج الدرامي لموسم رمضان 2023 تحولا واضحا، إذ طغت عليه المسلسلات القصيرة التي لا يزيد عدد حلقاتها على 15 حلقة.

 

عزى البعض ذلك التحول إلى محاولة جهات الإنتاج توفير النفقات في ظل الأزمة الاقتصادية، حيث تحتاج هذه الأعمال إلى فترات تصوير أقل، كما أنها من المفترض أن توفر مساحة لجودة فنية أعلى، حيث عانى المتابعون في المسلسلات الطويلة من المط والتطويل والحشو دون هدف درامي حقيقي، كما اضطر الكثير من صناع الدراما في السنوات السابقة للاستمرار في التصوير في أثناء العرض، وهو ما أثر بشكل سلبي على جودة الأعمال.

 

ظهر هذا التوجه الجديد بقوة بعد أن قدمت منصات البث العربية والأجنبية عدة مسلسلات قصيرة تراوح عدد حلقاتها من 10 إلى 15 حلقة، ونجحت رغم ذلك في تحقيق نسب مشاهدات مرتفعة. قديما وحتى أوائل التسعينيات تقريبا عرفت الدراما المصرية أعمالا قصيرة مكثفة وناجحة للغاية ما زالت قادرة حتى اليوم على اجتذاب المشاهدين من مختلف الأجيال، ومن بين أبرزها: مسلسل الرجل والحصان من إنتاج عام 1982، والذي جاء في 13 حلقة، كذلك مسلسل الشهد والدموع، حيث جاء الجزء الأول منه عام 1983 في 16 حلقة فقط، وازداد عدد الحلقات ليصل في الجزء الثاني عام 1985 إلى 20 حلقة، كذلك الجزء الأول من ليالي الحلمية، والذي عُرض عام 1987 في 18 حلقة، لكن مع بدايات التسعينيات انتشرت المسلسلات الأطول، ليصل عدد حلقات الجزء الخامس من مسلسل ليالي الحلمية مثلا إلى 40 حلقة في عام 1995.

 

رسالة الإمام

شهد النصف الأول من شهر رمضان تنوعا ملحوظا في الأعمال المقدمة، ما بين الكوميديا والدراما الاجتماعية والإثارة، كما شهد أيضا عودة الأعمال التاريخية بعد غياب طويل عن ساحات الدراما المصرية، وهو ما جعل المشاهدين متعطشين لموسم درامي قوي، لكن للأسف وباستثناءات قليلة جاءت أغلب الأعمال الدرامية مخيبة للآمال.

 

لنبدأ بالأعمال التاريخية، شهد هذا الموسم عملين تاريخيين أثارا جدلا واسعا منذ بداية عرضهما، أولهما هو “رسالة الإمام”، والذي تناول سيرة الإمام الشافعي، المسلسل من بطولة خالد النبوي ونضال الشافعي وحمزة العيلي وأروى جودة، ومن كتابة محمد هشام عبية، وإخراج الليث حجو، بدا المسلسل في حلقاته الأولى واعدا في ساحة متعطشة لمثل هذا النوع من الأعمال، خاصة مع الأداء الجيد لنجمه خالد النبوي، والكادرات الفنية البديعة.

 

لكن لسوء الحظ سرعان ما تعرَّض المسلسل لموجة واسعة من الانتقادات، بعد انكشاف سقطات لا يمكن اغتفارها، بدأ الجدل باتهام الشاعر السوري حذيفة العرجي صناع العمل بسرقة أبياته الشعرية ونسبتها للإمام الشافعي، وهو ما يعني أن أحدا من فريق المراجعين للمسلسل لم يكلف نفسه عناء العودة لديوان الشافعي المنشور والمحقق، مكتفين بالبحث عبر الإنترنت حيث نُسبت هذه الأبيات بالفعل للشافعي في بعض مواقع الإنترنت غير المعتمدة.

 

لم يكن ذلك هو الانتقاد الوحيد فقط، بل علَّق كثيرون على أخطاء الممثلين في نطق بعض كلمات الفصحى، وكذلك على خلط العامية المصرية بالفصحى في الكثير من المشاهد. ناهيك بعرض وقائع غير مثبتة في حياة الشافعي وسيرته، وهو ما جعل المسلسل في مرمى الاتهامات بتحريف سيرة الإمام الشافعي لأغراض أيديولوجية.

 

هاجم متابعو العمل أيضا تجسيد شخصية السيدة نفيسة حفيدة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، والتي أدت دورها فرح بسيسو، وهو هجوم متوقع، فلطالما شهد تجسيد الشخصيات الدينية على الشاشات جدلا متجددا حول عرض هذه النوعية من الأعمال. لكن رغم كل الجدل حول المسلسل فإنه لا يمكننا إنكار تقديمه صورة بصرية مميزة، سواء في مواقع التصوير المفتوحة، والتي شهدت لقطات بانورامية جيدة، أو في التصوير الداخلي حيث استطاع المخرج وفريق التصوير استغلال الإضاءة في رسم كادرات بصرية مميزة، بدا الكثير منها أشبه بلوحات عالمية شهيرة.

 

سره الباتع

المسلسل الثاني الذي حمل صبغة تاريخية هو مسلسل “سره الباتع”، والذي يدور بين زمنين: الزمن المعاصر، وزمن الحملة الفرنسية، يمثل المسلسل بوابة عودة المخرج خالد يوسف للعمل بعد فترة انقطاع، وهو مستوحى عن قصة للكاتب يوسف إدريس من مجموعته القصصية “حادثة شرف”، ومن بطولة عدد كبير من الأسماء اللامعة، من بين أبرزها: أحمد السعدني وحسين فهمي وخالد الصاوي وحنان مطاوع وعمرو عبد الجليل.

 

وعلى الرغم من غنى القصة المقتبس عنها العمل، فإن السيناريو جاء ضعيفا، وجاء رسم الشخصيات مفتقدا للعمق الحقيقي، حيث بدا أغلبها مسطحا ومبسطا، بالإضافة لذلك فقد عانى المسلسل من وجود أخطاء تاريخية، بداية من البوستر الذي ظهرت فيه مئذنة جامع محمد علي، والذي لم يكن قد بُني في الوقت الذي تدور فيه أحداث المسلسل.

 

كما ظهرت أخطاء أخرى تتعلق بملابس الشخصيات، والمَركبات المستخدمة في العمل، والكثير من التفاصيل التي تؤكد أن صناع المسلسل لم يتحروا الدقة التاريخية الكافية لصناعة صورته البصرية، رغم وجود العديد من المراجع الوافية لهذه الفترة من تاريخ مصر، والمتوافرة باللغتين العربية والفرنسية.

 

ازدادت حدة الانتقادات الموجهة للمسلسل بعد أن أعلن الموسيقار الكبير راجح داود أنه فوجئ في الحلقة الأولى باستخدام موسيقى كان قد ألَّفها لعمل سابق لخالد يوسف وهو فيلم الريس عمر حرب، ثم لاحظ في الحلقات التالية استخدام المسلسل لجمل موسيقية ليست من تأليفه رغم وجود اسمه على التترات بصفته مؤلفا لموسيقى العمل، وهو ما اعتبره “جريمة” في حقه.

 

للأسف لم يكن “سره الباتع” من المسلسلات المنتهية بالنصف الأول من الشهر الكريم، ويعني ذلك أنه سوف يمتد مع المشاهدين لثلاثين حلقة كاملة.

 

من التاريخ إلى الكوميديا

الآن لنبتعد عن المسلسلات التاريخية، ونلقي نظرة على أبرز المسلسلات الكوميدية التي عُرضت في النصف الأول من رمضان، بدا الموسم في بدايته واعدا تنوع كبير في الأعمال الكوميدية، وكان على رأسها مسلسل “الكبير أوي” الذي يأتي هذا العام في موسمه السابع.

المسلسل من بطولة أحمد مكي ورحمة أحمد ومحمد سلام وبيومي فؤاد، منذ الظهور الأول لشخصية الكبير في فيلم أحمد مكي طير أنت، والذي عُرض عام 2009، حققت الشخصية نجاحا كبيرا، ما دفع مكي لإفراد مساحة كبيرة لها عبر مسلسل “الكبير أوي”، والذي عُرض موسمه الأول في رمضان 2010 وحقق نجاحا كبيرا، ليقدم منه ستة مواسم، شاركته في بطولة خمسة منها دنيا سمير غانم في دور الزوجة (هدية).

 

المسلسل يقوم بشكل أساسي على المفارقات بين شخصية الكبير عمدة “المزاريطة” الصعيدي وشخصية شقيقه التوأم جوني الذي نشأ في الولايات المتحدة الأميركية وعاد ليشاركه “العمودية”، ومن هنا تنشأ المفارقات.

 

استطاع المسلسل أن يحقق نجاحا كبيرا في أجزائه الأولى، ولكن للأسف جاء الجزء السابع مخيبا لآمال متابعيه، ويبدو أن السيناريو قد استنزف كل ما يمكن من المواقف الكوميدية الصالحة لإثارة الضحك في المواسم السابقة، فجاء الموسم الأخير باهتا، بكوميديا تعتمد بشكل كبير على “الإفيه” أكثر منها على المواقف والمفارقات، مثلا في خط علاقة مربوحة بالكبير، والذي استغرق عدة حلقات، وعلى الرغم من كونه خطأ رئيسا فإن مشاهده جاءت وكأنها إستكشات منفصلة يمكن حذف أيٍّ منها ببساطة من دون أن تؤثر على بناء المسلسل.

 

استعان المسلسل أيضا بعدد من النجوم الكبار ضيوف شرف مثل أحمد السقا ولورديانا، وكلاهما ظهر بشخصيته الحقيقية، لكن حضور هؤلاء النجوم لم يضف شيئا للعمل، لا على مستوى البناء ولا على مستوى الكوميديا. لم يكن علاء مرسي الذي أُفردت له مساحة واسعة للعب دور الشخصية السيكوباتية استثناء من الأداء المخيب، لكنه فاجأ متابعيه بأدائه على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث انهال بالسباب على كل مَن هاجم دوره بالعمل.

 

في غضون ذلك، شهدت وسائل التواصل الاجتماعي هجوما كبيرا على أداء رحمة أحمد (مربوحة)، خاصة في بداية عرض المسلسل، حيث وُصف أداؤها بالافتعال والمبالغة، اللافت للنظر أن أداءها هذا العام لا يختلف كثيرا عن أدائها في العام الماضي، والذي أشاد به المتابعون أنفسهم، وهو ما جعل البعض يتهم بعض هذه الانتقادات بأنها موجهة لإسقاط العمل.

 

الصفارة

على الجانب الآخر تمكن مسلسل “الصفارة” من اجتذاب شريحة كبيرة من المشاهدين، المسلسل من بطولة أحمد أمين وطه الدسوقي وآية سماحة وإنعام سالوسة ومحمود البزاوي، أشرف على ورشة الكتابة أحمد أمين ومحمود عزت، ومن إخراج علاء إسماعيل.

 

في قالب خيالي كوميدي يقدم المسلسل تيمة العودة في الزمن، حيث يحاول شفيق تغيير حياته عبر استخدام “صفارة” تتيح له العودة في الزمن لثلاث دقائق لتغيير حدث ما، وتستعرض الحلقات في قالب كوميدي كيف يمكن أن يغير هذا الحدث البسيط حياة البطل ومَن حوله.

 

سبق أن قُدمت هذه التيمة في عدد من الأعمال العربية والأجنبية، لكن معالجة “الصفارة” جاءت مميزة، وقائمة على المفارقات المكتوبة بعناية وإتقان، جاء مستوى الحلقات متفاوتا بعض الشيء، بعضها كان متماسكا وقادرا على انتزاع الضحك من المشاهدين، وبعضها الآخر جاء باهتا، وكأنه تكرار للاسكتشات و”الإفيهات” التي اعتاد أمين تقديمها في برنامجه البلاتوه.

 

لكن يُحسب لأحمد أمين الأداء السلس والمميز بلا تعقيد، كما لمع إلى جواره الممثل الصاعد طه دسوقي في دور وجيه شقيق البطل، وأثبت حضورا تمثيليا وكوميديا بارزا، ولا يمكننا كذلك ألا نشيد بالظهور المميز للنجمين المخضرمين إنعام سالوسة ومحمود البزاوي.

 

كامل العدد

من بطولة دينا الشربيني وشريف سلامة وإسعاد يونس وآية سماحة، وتأليف يسر طاهر ورنا أبو الريش، وإخراج خالد الحلفاوي، المسلسل مقتبس عن الفيلم المصري (عالم عيال عيال) من بطولة رشدي أباظة وسميرة أحمد، والمأخوذ بدوره من الفيلم الأجنبي “Yours, Mine and Ours”.

 

بعد أن تقرر ليلى وأحمد الزواج يكشف كل منهما للآخر عن مفاجأة، فالبطلة لديها 4 أبناء من زيجتين سابقتين، في حين أن البطل لديه 3 أبناء من زيجة سابقة، وهو ما يعني أن يعيشا معا بصحبة سبعة أبناء في أعمار مختلفة ما بين الطفولة والمراهقة، ومن هنا تنشأ المفارقات.

 

على الرغم من اقتباس العمل من عمل سابق، فإن “كامل العدد” تميز بمعالجة خاصة به، ابنة لعصرها ولظروفه، وقد سلط الضوء بخفة على عدد من القضايا الاجتماعية المعاصرة، بكوميديا محبوكة ومميزة تقوم على المواقف لا على “الإفيهات”، وقد استطاع الأبطال تقديم أداء مميز جعل المسلسل واحدا من أفضل الأعمال الكوميدية التي قُدمت هذا العام.

 

كما اجتذبت عودة إسعاد يونس إلى الشاشة الصغيرة نسبة كبيرة من الجمهور من محبيها، سواء بأدائها التمثيلي أو الغنائي خلال حلقات المسلسل، وقد كان ظهورها الأخير في بطولة درامية عام 2000 في مسلسل يا رجال العالم اتحِدوا، لم تظهر منذ ذلك الحين على الشاشة الصغيرة سوى ضيفة شرف في بعض المسلسلات، بالإضافة إلى برنامجها التليفزيوني الناجح “صاحبة السعادة”.

 

كما أن طاقم الممثلين الذين أدوا أدوار الأبناء، سواء في مرحلة الطفولة أو المراهقة، نجحوا في تقديم أداء لافت للغاية رغم أن بعضهم يقف أمام كاميرا التلفزيون للمرة الأولى، وقد بدأ تقديم المسلسل قبل بداية شهر رمضان المبارك، ما جعله يتمكن من الحصول على نسب مشاهدة مرتفعة.

 

مذكرات زوج

عمل كوميدي آخر يعاد تقديمه هذا العام، وقد سبق أن قدمه كل من محمود ياسين وفردوس عبد الحميد، المسلسل مأخوذ عن رواية للكاتب أحمد بهجت، ومن بطولة طارق لطفي وهناء الشوربجي وعائشة بن أحمد، ومن إخراج تامر نادي.

 

على الرغم من اعتماد المسلسل على رواية ناجحة، فإنه قد وقع في فخ تقديم شخصيات نمطية لم ينجح في تعميقها بالقدر الكافي، ما يجعله نسخة باهتة إذا ما قورن بالنسخة السابقة، يدور المسلسل في إطار اجتماعي كوميدي حول معاناة الزوج رؤوف من أزمة منتصف العمر، التي تمتزج بمعاناته في علاقته بزوجته الحادة والمتسلطة.

 

وفي محاولة لتخطي أزمته يلجأ إلى مدرب أو “لايف كوتش”، يتضح فيما بعد أنه هو نفسه يحتاج إلى المساعدة، يستعرض المسلسل عددا من القضايا والعلاقات الاجتماعية، الحس الكوميدي فيه هادئ للغاية، وباهت في بعض الحلقات، لكن يُحسب لطارق لطفي محاولاته المتجددة للخروج من منطقته المعتادة، وتقديم شخصية كوميدية بعيدا عن الشخصيات التي اعتاد تقديمها.

 

إكس لانس

ربما لا يعرف الكثيرون أن هناك مسلسلا جديدا يُعرض للنجم محمد سعد خلال هذا الموسم، فقد فشل في اجتذاب الأضواء أو المشاهدات، حيث يقدم فيه شخصية الحناوي، والتي سبق أن قدمها في فيلم (كركر) عام 2007.

 

محمد سعد، الذي كان في ظهوره الكوميدي الأول في دور اللمبي بفيلم “الناظر” قنبلة كوميدية واعدة، اعتاد أن يكرر نفسه بشكل مؤسف، حيث تعتمد الشخصيات التي قدمها فيما بعد على طريقة الكلام والأداء الكاريكاتورية بوصفها سبيلا وحيدا للإضحاك، وهو ما استنزفه بالفعل في عدد كبير من أعماله السابقة، جاء مسلسل إكس لانس بائسا وباهتا للغاية، بأداء من الواضح أنه مرتجل، لكنه لا ينجح في إثارة الضحك.

 

المداح.. ثلاثية الرعب المصرية

(مواقع التواصل)

حسنا، المسلسل الذي يُعرض هذا العام بعنوان “المداح: أسطورة عشق” هو الجزء الثالث من مسلسل عُرض على مدى ثلاث سنوات فائتة، من بطولة حمادة هلال ويسرا اللوزي ورانيا فريد شوقي ولوسي، وقد عُرض الجزء الأول منه في رمضان 2021، وحقق نجاحا كبيرا بين المتابعين.

 

يعتمد المسلسل على تيمة جديدة نسبيا على ساحة الدراما المصرية، وهي تيمة الرعب والإثارة، لكنها تأتي بطابع مصري شعبي، وهو سر تفوقها مقارنة بكل أعمال الرعب العربية الأخرى التي استوردت التيمة الغربية حصرا. هذه المرة، البطل هو شخص يعالج الجن بالقرآن، ما قرَّب الرعب إلى المشاهدين، وشد اهتمامهم تماما، رغم اهتراء الأحداث وسطحيتها، حقق المسلسل نجاحا جيدا في عامه الثالث على التوالي، ربما لأنه يقدم نوعا جديدا من الإثارة لم يعتده مشاهدو الدراما المصرية من قبل.

 

جعفر العمدة.. الدراما الاجتماعية بين الكومباوند والحارة الشعبية

جعفر العمدة
(مواقع التواصل)

وإذا انتقلنا إلى الدراما الاجتماعية، والتي سادت هذا الموسم، يمكننا ملاحظة ما يمكن أن نطلق عليه دراما الكومباوند في مقابل دراما الحارة الشعبية، فأغلب الأعمال إما تدور ما بين الفيلات والقصور الباذخة، وإما على العكس تدور في مناطق شعبية، لكنها لا تمثل الشريحة العظمى من الأحياء الشعبية المصرية، وما بين هذا وذاك تكاد الأعمال الدرامية التي تقدم صورة للطبقة الوسطى تتلاشى تقريبا.

 

يعتمد هذا النوع من الدراما الشعبية على خلطة شبه مضمونة للبطل القوي الماكر الذي يتحدى الظروف والفقر والظلم، ويتمكن من الانتصار على أعدائه جميعا. يكرر النجوم الذين تخصصوا في تقديم هذا النوع الدرامي أنفسهم في الأعمال بصورة ملحوظة، أداء البطل الشعبي يكاد يكون مكررا في كل عام، ويبدو كأن السيناريوهات مكتوبة خصيصا لكي توائم كل منهم، وكأنها مُعدة لرسم صورة أو “بيرسونا” للنجم في عيون جماهيره.

 

اللافت للنظر أن هذه الأعمال تحتل في كل عام نسب الأعلى مشاهدة رغم ضعف مستواها الفني، لكونها لا تخلو من الإثارة والأحداث المتلاحقة، حتى وإن بدت بقليل من التأمل غير منطقية بالمرة، من أبرز الأعمال التي تنتمي لهذا النوع هذا العام مسلسلات “الأجهر” و”بابا المجال” و”جعفر العمدة”، والتي يقدم أبطالها عمرو سعد ومصطفى شعبان ومحمد رمضان (على التوالي) أداء لا يختلف كثيرا عن أدائهم في أعمال مشابهة في المواسم السابقة، وكذلك ضرب نار للثنائي أحمد العوضي وياسمين عبد العزيز.

 

وعلى الرغم من نسب المشاهدة المرتفعة خلال عرضها الرمضاني، فإن أغلب هذه الأعمال لا تبقى في ذاكرة مشاهديها، لكنها تظل خلطة سنوية مضمونة الأرباح. الأبرز ضمن هذه الفئة هذا العام بالتأكيد هو “جعفر العمدة” الذي أعاد محمد رمضان إلى الواجهة بعد أدوار لم تلفت الانتباه في مواسم رمضان السابقة، حيث يتصدر المسلسل قوائم المشاهدة في مصر فوق الإحصاءات المتاحة حتى الآن. لكن المسلسل لم يخل من مشاهد “البلطجة” والعنف غير المبرر التي تميز الكثير من أعمال رمضان، وهو ما أثار جدلا كبيرا.

 

الهرشة السابعة.. دراما الزواج والعلاقات

إذا ابتعدنا عن النوع السابق ذكره، فسنجد أن مسلسل “الهرشة السابعة” من أبرز مسلسلات الدراما الاجتماعية المميزة التي قُدمت هذا الموسم، من بطولة أمينة خليل ومحمد شاهين وعلي قاسم وحنان سليمان وعايدة رشاد، تأليف ورشة سرد مريم نعوم، وإخراج كريم الشناوي.

 

“الهرشة السابعة” هي الترجمة غير الدقيقة لمصطلح “Seven year itch”، والتي تصف الاضطرابات التي تحدث في علاقات الزواج والعلاقات العاطفية طويلة الأمد بعد مرور سبع سنوات، يمرر الفيلم سبع سنوات منذ حلقته الأولى وحتى الحلقة الخامسة عشرة، تستعر خلالها علاقة الزوجين نادين وآدم بكل ما فيها من توترات، بداية من توترات بداية الزواج ومرورا بتوترات الإنجاب وضغط العناية بالأبناء والذي يقع بأكمله على الزوجة، وغيرها من المشكلات التي تصل بهما في النهاية إلى حافة الانفصال.

 

لا يقتصر العمل على العلاقة بين البطلين، فهناك خطوط فرعية لعلاقات أزواج آخرين، كما يستعرض المسلسل أيضا ضغوط علاقات الأبطال بآبائهم وظروف نشأتهم وتأثيراتهم عليهم، كل ذلك في سيناريو محكم ومكثف يليق بعمل قصير من 15 حلقة، وكادرات مميزة، ليؤكد مرة الأخرى نجاحا جديدا لمخرجه كريم الشناوي.

 

لم يكن ما سبق هو كل ما شهدته الدراما المصرية في رمضان هذا العام، لكنها علامات أساسية في هذا الموسم لفتت انتباه أو تعليقات الجمهور بدرجات متفاوتة، وفي المجمل فإن هذا الموسم متوسط في مجمله وليس مميزا بأي حال عن المواسم الرمضانية في الأعوام الأخيرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى