الطعام “المطبوع” في المنزل قد يكون جزءا من مستقبل مطابخنا | علوم
تمكّن فريق بحثي من تصنيع قطعة من الحلوى تتضمن 7 مكونات، بالاعتماد على تقنيات التصنيع الإضافي والطباعة الثلاثية الأبعاد.
تخيّل نفسك في المستقبل، تجلس في مطبخ منزلك وتشتهي قطعة من كعكة الجبن (تشيزكيك)، فتتجه إلى جهاز منزلي صغير مبرمج لصنع الحلوى المفضلة لديك، وبضغطة زر، تحصل على قطعة الحلوى التي ترغب فيها.
ربما يبدو ذلك حلما بعيد المنال، لكن مع تطور تقنيات الطباعة الثلاثية الأبعاد، أصبحنا أقرب إلى طباعة الأطعمة وربما يصبح هذا الحلم حقيقة!
تعدّ طباعة الطعام إحدى تطبيقات التصنيع الإضافي، والتي تستخدم النماذج التي ينشئها المستخدم لبناء أشكال ثلاثية الأبعاد من المواد الغذائية وأحبار الطعام الصالحة للأكل، ويستخدم الطهي بالليزر للتسخين.
وتقترح دراسة حديثة نشرتها دورية “ساينس أوف فود” (Science of Food) يوم الثلاثاء 21 مارس/آذار الجاري، أن أجهزة الطهي التي تشتمل على طابعات ثلاثية الأبعاد (3D) أو ليزر -أو أي عملية أخرى مشغلة بالبرمجيات- قد تحل محل أجهزة الطهي التقليدية، مثل الأفران والمواقد وأجهزة الميكرويف.
الطهي بالليزر
يأتي ذلك بعد أن تمكن الفريق البحثي في مختبر الآلات الإبداعية للبروفيسور هود ليبسون بجامعة كولومبيا الأميركية، من طباعة شريحة من كعك الجبن من 7 مكونات وطهيها بالليزر، وشملت المكونات مواد غذائية وأحبار طعام صالحة للأكل، بما في ذلك زبدة الفول السوداني وكريمة البندق (النوتيلا) ومربى الفراولة.
رحلة طباعة الطعام كانت قد بدأت في مختبر البروفيسور ليبسون عام 2005، لكن قبل ذلك اقتصرت التطبيقات على عدد صغير من المكونات النيئة غير المطهية، والتي يمكن اعتبارها من المُقبلات. ولكن في دراستهم الحديثة، تمكّن الفريق البحثي من التحرر من هذا القيد عن طريق استخدام الليزر لطهي المكونات المستخدمة في الطباعة.
وبينما تستخدم الأفران تقنية الحمل الحراري وتدوير الهواء الساخن لطهي الطعام، نجد أن الطهي بالليزر يعتمد على نقل الحرارة الإشعاعي، وهو أشبه بالطهي بأفران الميكرويف التي تستخدم الإشعاع كذلك.
ولإثبات إمكانات طباعة الطعام الثلاثية الأبعاد، اختبر فريق بحثي من مختبر ليبسون -بالتعاون مع كريستين كوبر، أستاذ علم التغذية بجامعة بيس في الولايات المتحدة- تصميمات مختلفة من كعكة الجبن، حتى توصلوا للتصميم الأكثر نجاحا.
ووجد الباحثون أنه يمكن استخدام زبدة الفول السوداني والنوتيلا كطبقتين داعمتين تشكلان “أحواضا” لتثبيت المكونات الأكثر ليونة، مثل الموز والمربى، وذلك حسب ما جاء في البيان الصحفي الصادر عن جامعة كولومبيا.
جودة الأغذية المطبوعة
إنتاج الأغذية بتقنيات الطباعة الثلاثية الأبعاد بدأ يلقى اهتماما متزايدا من الباحثين. وفي هذا السياق نشرت دورية “فيزيكس أوف فلويدز” (Physics of Fluids) يوم الثلاثاء 21 مارس/آذار الجاري دراسة أخرى، حدد فيها باحثون من جامعة أوتاوا الكندية مجموعة من العوامل التي تؤثر على جودة الطباعة وتعقيد شكل الطعام.
وقال الباحثون إن تطوير هذه العوامل يمكن أن يؤدي إلى زيادة جودة الطعام، والتحكم بشكل أفضل في عملية الطهي وتسريع الطباعة.
ويتضمن التصنيع الإضافي للأغذية عدة مراحل، مثل التصميم (الأشكال الثلاثية الأبعاد ورموزها الهندسية)، والمعالجة المسبقة (تحضير حبر الطعام)، والتصنيع (ترسيب الطبقات لإنشاء الأشكال)، والمعالجة اللاحقة (الخبز أو الغليان أو الطهي أو التجميد أو القلي أو التجفيف)، وكل مرحلة يمكن تطويرها لتحسين جودة الأغذية المنتجة، وذلك حسب ما جاء في البيان الصحفي الصادر عن المعهد الأميركي للفيزياء بجامعة أوتاوا.
ويمكن أن يؤثر تغيير أنماط الطباعة ومكونات المزيج أو المعجون الأولي للمواد الغذائية على خصائص الطعام المنتج، مثل هيكله وبنيته الدقيقة وملمسه.
كما ذكر البيان الصحفي أن الطباعة الثلاثية الأبعاد القائمة على “البثق”، هي التقنية الأكثر استخدامًا للطعام، وتتضمن حقنة محملة بمعجون طعام يتم إجبارها على الخروج من الفوهة عن طريق الضغط المباشر (دفع المكبس) أو القوة غير المباشرة (الهواء المضغوط)، ويعد إنشاء تدفق مستمر مستقر الخطوة الأولى للطباعة الناجحة.
وتتمثل إحدى طرق جعل التصنيع الإضافي للأغذية أكثر كفاءة في إنشاء مسار طباعة، وهي سلسلة من الحركات التي يتم التحكم فيها بواسطة الحاسوب.
غذاء أفضل وأكثر أمانا
وتتركنا الدراستان المذكورتان أمام عدة أسئلة حول ما إذا كانت طباعة الطعام الثلاثية الأبعاد ستعمل على تحسين طرق التغذية التي نتبعها؟ وهل تحلّ أزمة الغذاء العالمية؟ وهل سيرغب الناس في تناول طعام تم إعداده من خلال أجهزة طهي تعتمد على تقنيات الطباعة الثلاثية الأبعاد؟
وعلى الرغم من أن هذه التقنية الجديدة لا تزال في مراحلها الأولى، فإنها قد تكون مفيدة للغاية في تحسين المحتويات الغذائية للوجبات، وإعداد وجبات صحية ذات تكلفة مناسبة، ورفع مستوى سلامة الغذاء، حيث تتيح هذه التقنية للمستهلك النهائي أن يستخدم برامج رقمية للتحكم في المغذيات التي يستهلكها في كل وجبة، ودمج المكونات وطهيها، مما قد يؤدي إلى وجبات صحية ومخصصة بشكل أكبر.
وتعدّ سلامة الغذاء أمرا غاية في الأهمية خاصة بعد جائحة كورونا (كوفيد-19)، إذ يعتقد الباحثون أن الطعام المحضر بأقل قدر من التدخل البشري يقلل من خطر الإصابة بالأمراض المنقولة عن طريق الأغذية.
وقد تساعد تلك التقنية على جعل الطعام أكثر جاذبية للذين يعانون من اضطرابات البلع، وذلك من خلال محاكاة أشكال الأطعمة الحقيقية باستخدام الأطعمة المهروسة التي يحتاجها هؤلاء المرضى، وذلك وفق ما أشار إليه الباحثون في البيان الصحفي لجامعة كولومبيا.