بعد انهيار بنك كريدي سويس.. من الرابحون والخاسرون جراء غيابه؟ | اقتصاد
بعد استحواذ بنك “يو بي إس” (UBS) على منافسه الأصغر بنك “كريدي سويس”، في محاولة لتجنب وقوع اضطرابات في القطاع المصرفي العالمي، تسابق السلطات الزمن لإنقاذ البنك الذي أُسّس قبل 167 عاما ويعد من بين أكبر مديري الثروات في العالم.
وتثار مجموعة من التساؤلات عن الأضرار والفرص الناتجة عن هذه الكارثة وتأثيرها على الاقتصاد السويسري، وعن الخاسرين والرابحين من هذه الصفقة التي بلغت قيمتها 3 مليارات فرنك سويسري (3.24 مليارات دولار).
وبوصفه أحد أهم 30 بنكا في العالم من الناحية التنظيمية، فستؤثر أي صفقة تتعلق ببنك كريدي سويس على الأسواق المالية العالمية.
من هذه التساؤلات انطلقت صحيفة “لوتان” (Le Temps) السويسرية ورأت أن هذه العملية -التي سمتها كارثة- ستنتج عنها عواقب سلبية على التوظيف والمساهمين وربما على دافعي الضرائب.
الفائزون
رأى التقرير أن بنك “يو بي إس” هو الفائز الأكبر في عملية الدمج، لأنه اشترى بنكا بجزء بسيط من سعر السهم عند إغلاقه بنهاية الأسبوع الماضي، وقد كان ذلك أمرا لا يصدق قبل أسبوع من حدوثه، إلا أن يكون كريدي سويس قد عانى من تدفقات كبيرة إلى الخارج أدت إلى تقويض قاعدة إيراداته.
ومن الفائزين أيضا –حسب التقرير- المتنافسون، بحيث سيحدّ اختفاء “كريدي سويس” من نطاق المركز المالي السويسري، ليستفيد منافسو سويسرا في إدارة الثروات العالمية، كما ستستفيد البنوك العالمية الأخرى بشكل فردي، ويحتمل أن تستفيد البنوك الجديدة التي تقدم خدمات أقل تكلفة عبر الإنترنت فقط، ويبقى أن نرى هل ستستفيد البنوك المحلية أم إنها ستعاني في مواجهة الجبروت الذي أنشأه الاندماج.
والمودعون من أصحاب الحسابات الجارية وحسابات التوفير أيضا من المستفيدين لأن الاندماج جنّبهم السيناريو الأسوأ، بحيث لن يتغير شيء بخصوص سيولة العملاء سواء أكانوا أفرادا أم شركات.
الخاسرون
أما الموظفون فهم أول الخاسرين، لأن المسؤولين التنفيذيين في “يو بي إس” لم يقدموا أرقاما محددة بشأن التخفيضات في الوظائف التي من المرجح أن تكون مرتفعة، إذ يقدر معهد “باك” أن إمكانات ترشيد البنكين تراوح بين 9500 و12 ألف وظيفة، لكنه لا يتوقع زيادة حادة في معدل البطالة.
من الخاسرين كذلك دافع الضرائب، وإن كان لا يتأثر بالقرارات المتخذة، إلا أن خسارته تعتمد على ما سيحدث بعد ذلك، وذلك أن الاتحاد قدم ضمانات، من بينها 100 مليار فرنك سويسري، كما تعهد بتعويض البنك المركزي السويسري في حالة حدوث مشكلة، ووعد كذلك بضمان آخر لبنك “يو بي إس” في حالة حدوث خسائر في جزء معين من المحفظة.
وتعد سويسرا ومركزها المالي من الخاسرين أيضا، فصورة استقرار المركز المالي السويسري لم تخرج سالمة من هذا الإنقاذ الطارئ، لأن عدم أخذ المجلس الفدرالي رأي المساهمين في الاعتبار “يوجه ضربة لسمعة سويسرا”.
وكان الاندماج صفقة سيئة للمساهمين التاريخيين في “كريدي سويس”، بحيث انخفض السهم من 50 فرنكا عام 2007 ليصل عند إغلاق يوم الجمعة الماضي إلى 1.86 فرنك، ولم تتح للمساهمين فرصة التعبير عن رأيهم بشأن هذا الاندماج كما ينص القانون عادة، لأن تدابير الطوارئ تجعل من الممكن الاستغناء عن الضوء الأخضر من قبلهم.
وتعد صناديق التقاعد من الخاسرين الكبار، لأن عواقب الاستحواذ والظروف التي وقع في ظلها سلبية على الصناديق من جميع النواحي، بخاصة أن جزءا كبيرا من أصحابها من المساهمين في البنكين، ولن يتمكنوا من التعبير عن أنفسهم عند الاستحواذ، وسيواجهون في المستقبل المخاطر التي يمثلها مركز مهيمن لبنك واحد كبير في السوق السويسرية، حسب التقرير.
ويأتي حاملو السندات على قائمة الخاسرين أيضا، فقد بلغت خسائرهم ما مجموعه 16 مليارا وهو كل شيء لديهم، وهذه السندات هي المعنية بالسندات المشروطة القابلة للتحويل أو “سندات المستوى 1 الإضافية” (AT1).
وقد أطلقت هذه السندات -التي ليس لها تاريخ انتهاء- خلال الأزمة المالية عام 2008 لمساعدة البنوك على تجميع رأس المال الذي تشتد الحاجة إليه، مع ميزات مذهلة، إلا أنه يمكن تحويلها إلى أسهم في ظل ظروف معينة أو يمكن ببساطة ضبط قيمتها على الصفر، وهذا ما حدث في قضية “كريدي سويس” الذي قرر عدم سدادها لتخفيض ديونها.