هل يلجأ مقتدى الصدر إلى الاحتجاجات مجددا لمنع قانون “سانت ليغو”؟.. خبراء يجيبون الجزيرة نت | سياسة
مراسلو الجزيرة نت
بغداد- فتح التحرك الأخير لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الباب أمام توقعات جديدة بإمكانية عودته إلى الساحة السياسية من خلال تأجيج الشارع لاحتجاجات جماهيرية ضدّ مجلس النواب بعد أن نجح في التصويت على 7 مواد من أصل 15 مادة من مشروع قانون الانتخابات الجديد الذي ضم دمج انتخابات مجالس المحافظات والانتخابات التشريعية في قانون واحد، وباعتماد نظام الدائرة الواحدة وفق آلية “سانت ليغو” النسبية.
وكان مقتدى الصدر قد وجه أول أمس الأربعاء -في خطوة وصفت بالغامضة- بعدم سفر 8 من أبرز قيادات التيار خارج العراق خلال شهر رمضان المبارك، حيث جاء في بيان صادر عن مكتبه “أُبلغَ المسؤول الإداري في الحنانة الأخ مصطفى اليعقوبي، أن يبلِّغَ الشيخ محمود الجياشي والسيد حيدر الجابري والسيد عون آل النبي والشيخ حسن العذاري والسيد جليل النوري والشيخ أحمد المطيري والشيخ كاظم العيساوي والشيخ مؤيد الأسدي بعدم السفر لوجود ضرورات خاصة وعامة”.
وتأتي هذه التطورات غداة جلسة عقدها مجلس النواب في الثالثة من فجر يوم 20 مارس/آذار الجاري، صوت فيها أعضاؤه الحاضرون على نصف مواد قانون الانتخابات المُعدل والذي يرفضه التيار الصدري بشدّة بعد أن فاز بأكثرية المقاعد البرلمانية (73 من أصل 329 مقعدا) في انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2021 التي اعتمدت نظام الدوائر المتعددة لأول مرة في الانتخابات العراقية.
كما شهدت تلك الانتخابات صعود 40 نائبا مستقلاً من تيارات وحركات سياسية انبثقت عن ساحات الاحتجاج وبالاعتماد على نظام الدوائر المُتعددة، دون الأخذ بطريقة “سانت ليغو” ذات التمثيل النسبي التي اعتمدت -في الانتخابات السابقة لعام 2021- على تقسيم أصوات التحالفات على نسبة 1.9، الأمر الذي أدى -في حينها- لتعزيز فرص فوز الكتل والكيانات الكبيرة على حساب الأحزاب الصغيرة والمستقلين، وفق مراقبين.
ماذا يُخطط الصدر؟
ويسعى مجلس النواب العراقي لاستكمال التصويت على ما تبقى من فقرات قانون الانتخابات المعدل في جلسة أعلن البرلمان أنها ستكون السبت القادم 25 مارس/ آذار الجاري، وهو ما يمهد لعدة سيناريوهات طرحت بالتزامن مع تغريدة الصدر “الغامضة” بعدم سفر 8 من قيادات تياره.
في غضون ذلك، يكشف عضو بارز بالتيار الصدري -اشترط عدم الكشف عن هويته- أن الصدر يرفض قانون الانتخابات الجديد الذي صوّت البرلمان على نصف فقراته، وهدّد بدعم احتجاجات جماهيرية ضدّ البرلمان هذه المرة في حال أصرّ الأخير على التصويت على بقية فقرات القانون.
وفي حديث خاص للجزيرة نت، يُشير المتحدث إلى أن دعم الصدر لاحتجاجات شعبية وجماهيرية سيكون بطريقة غير مُعلنة هذه المرّة، وفق قوله، عازيًا السبب في ذلك لمنع تكرار الاقتتال الداخلي كما حدث في أغسطس/آب الماضي داخل المنطقة الخضراء، مؤكدا أن الصدر سينتظر إلى نهاية شهر رمضان للتعرف على ردّ الكتل الكبيرة على أرض الواقع، وفق تعبيره.
بدوره، يصف الباحث السياسي مجاشع التميمي تعديل قانون الانتخابات الجديد بـ “الاستفزاز المباشر” للتيار الصدري وللمرجعية العليا بالنجف التي كانت قد طالبت عام 2019 بتشريع قانون انتخابات يحظى بثقة الجماهير، مضيفًا “اللجوء إلى التعديل يعد مخالفة للنجف التي ترغب بقانون يشجع على المشاركة الانتخابية بكثافة”.
وعلى إثر ذلك، فإن الساحة العراقية ستكون مُقبلة على أزمة سياسية جديدة، لاسيما أن أغلب القوى السياسية التي هي خارج البرلمان وحتى القوى المستقلة الحقيقية تقف بالضد من التعديل، وفق التميمي.
وفيما يتعلق بمنع الصدر بعض قيادات تياره من السفر، يقول التميمي -المقرب من التيار الصدري- إنه حتى الآن، لم يتم تفسير بيان منع السفر من قبل التيار، لافتا إلى أن ذلك يتعلق بقضايا محددة قد تكون على صلة بالمواقف التي سيتخذها التيار لاحقًا، وفق تعبيره.
هل ستعود الاحتجاجات؟
من جانبه، يكشف النائب المستقل هادي السلامي عن اتفاق بين مجموعة من النواب المستقلين وبعض الأحزاب الناشئة وفئات مختلفة من الناشطين والحركات المدنية لأجل تنظيم مظاهرة كبيرة واعتصام أمام المنطقة الخضراء ومبنى البرلمان اليوم الجمعة وغدا، بغية منع عقد جلسة البرلمان ورفض تمرير بقية فقرات قانون التعديل الثالث لقانون الانتخابات الجديد.
وبحسب السلامي -الذي تحدث للجزيرة نت- فإن جلسة البرلمان التي صوت فيها على نصف فقرات قانون الانتخابات المعدل تعد مُخالفة للنظام الداخلي للمجلس، إذ كان من المقرر عقد الجلسة في 19 مارس/آذار الجاري، إلا أن رئيس البرلمان عقدها فجر يوم 20 مارس/آذار خلافًا للنظام الداخلي للمجلس الذي ينصّ على أن يتم الإعلان عن جدول أعمال أية جلسة قبل 48 ساعة من عقدها، وفق قوله.
ومن المخالفات الأخرى -التي سجلها النائب المستقل على القانون المعدل- أن آلية تقديمه لم تكُ من خلال مجلس الوزراء أو رئيس الجمهورية، حيث جاء مشروع القانون كمقترح من مجموعة من النواب، مؤكدا وجوب أن يأتي مشروع القانون عبر السلطة التنفيذية التي ستشرف بدورها على الانتخابات من خلال المفوضية، محذرا من أن القانون الجديد سيُعيد العراق خطوات إلى الوراء، كما سيُعزّز من الحزبية والصراع على السلطة والمال.
خيارات مجهولة
ويتفق الباحث السياسي المستقل ضياء واجد المهندس مع عضو التيار الصدري في عودة الصدر بصيغة جديدة لا تعتمد اقتحام المنطقة الخضراء ومجلس النواب، وإنما عبر الضغط الشعبي وإيقاف مفاصل الحركة في وزارات الدولة، متوقعا حدوث احتجاجات ومظاهرات كبيرة بعد رمضان يُشارك فيها التيار الصدري مع القوى المدنية الرافضة لقانون الانتخابات المُعدل.
وفي حديثه للجزيرة نت، يضيف المهندس أن الأطراف السياسية الكبيرة ماضية في ترتيبات جديدة للمرحلة القادمة دون أن تأخذ بعين الاعتبار أن الصدر هو الفائز الأول بالانتخابات الأخيرة، فضلا عن عدم مشاركته ولو بـ “الظل” في حكومة شياع السوداني التي تضمّ عشرات المستشارين دون أن يكون أي واحدٍ منهم من التيار.
وخلافًا للآراء السابقة، يبدو أن المحلل السياسي علي البياتي متفائل بنجاح البرلمان في استكمال التصويت على قانون الانتخابات الجديد وتمريره بأغلبية الأصوات التي يمتلكها تحالف إدارة الدولة -الذي يضم الكتل الشيعية والسنية والكردية- دون أية معارضة باستثناء بعض الكتل المستقلة المحسوبة على ساحات الاحتجاجات.
وفي حديثه للجزيرة نت، يقلل البياتي من احتمالية حدوث احتجاجات شعبية تمنع عقد جلسة السبت المقبل، لاسيما أن أغلب القوى السياسية سواء المشاركة في البرلمان أو المعارضة مستعدة تماما لأية عملية انتخابية.