على وقع تراشق سياسي.. وفد أوروبي في تونس والخارجية التونسية تصف تصريحات بوريل بالانتقائية | أخبار
على وقع تراشق سياسي بين الجانبين، وصل وفد من الاتحاد الأوروبي إلى تونس لبحث الوضع السياسي والاقتصادي وملف الهجرة. في حين انتقدت الخارجية التونسية تصريحات مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الذي حذر من “انهيار” تونس، ووصف الأوضاع السياسية والاقتصادية فيها “بالسيئة للغاية”.
ويرأس الوفد الأوروبي -الذي وصل تونس في جو أقرب للاحتقان في العلاقات الأوروبية التونسية- المدير العام لمفاوضات الجوار جون كوموان.
وأعلنت بعثة الاتحاد الأوروبي في تونس أن النقاشات ستركز على الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فضلا عن التعاون بشأن ملف الهجرة.
وفي السياق، قال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي لويس ميغيل بوينو للجزيرة إن الاتحاد يحترم سيادة تونس بوصفها دولة مستقلة وذات سيادة، مشيرا إلى أن هناك اتفاقية شراكة بين الطرفين مبنية على التزامات من بينها ملف حقوق الإنسان والديمقراطية.
وعلى وقع هذه التطورات، نقل مراسل صحيفة لوموند الفرنسية في بروكسل ما يشبه دق ناقوس الخطر داخل الاتحاد الأوروبي إزاء ما يصفه بخطر الانهيار الاقتصادي والاجتماعي في تونس، وإمكانيةِ حدوث أزمة هجرة نحو دول الاتحاد.
ويقول التقرير إن إجراءات الرئيس التونسي قيس سعيد خلقت صداعا داخل الاتحاد الأوروبي الذي كان تحركُه ضعيفا إزاء ما يحدث؛ وبناءً عليه تقرر إرسال وزيري خارجية البرتغال وبلجيكا سريعا لتقييم الوضع في تونس.
ويضيف التقرير أن إدارة الوضع التونسي أصبحت مصدر إزعاج حقيقي للدبلوماسية الأوروبية، رغم أن تونس تتلقى أكبر قدر من المساعدات المالية الأوروبية مقارنة بعدد السكان. كما أشار إلى أن الاعتقالات الأخيرة للقضاة والمحامين والصحفيين والنشطاء والنقابيين المتهمين بمؤامرة ضد أمن الدولة أثارت صدمة في أروقة الاتحاد الأوروبي.
رد تونسي
في غضون ذلك، وصفت الخارجية التونسية تصريحات بوريل بشأن الخوف من انهيار الوضع في تونس “بغير المتناسبة”.
وقالت الخارجية -في بيان- إن التصريحات مبالغ فيها في ضوء صمود الشعب التونسي عبر تاريخه، وأيضا في ما يتعلق بملف الهجرة إلى أوروبا.
ورأت الخارجية التونسية أن ما وصفتها بالتصريحات الانتقائية مستمرة في تجاهل أي مسؤولية عن الوضع السائد في تونس منذ عام 2011 وحتى 25 يوليو/تموز 2021.
في المقابل، رحبت الخارجية التونسية بما عدّته دعما بنّاء من قبل العديد من الشركاء، بما في ذلك إيطاليا، مشيرة إلى أن تونس ستبقى منفتحة على ما وصفتها بالشراكة المسؤولة.
ويأتي الرد التونسي والزيارة الأوروبية بعد يوم واحد من تصريحات مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي وصف فيها الوضع في تونس “بالخطير جدا” سياسيا واقتصاديا و”السيء للغاية”، داعيا تونس إلى التوقيع على اتفاق مع صندوق النقد الدولي وتنفيذه، مخافة انهيار في البلاد ربما يؤدي -كما يقول بوريل- إلى تدفق طالبي اللجوء نحو شواطئ الاتحاد، والتسبب في عدم استقرار منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
كما انتقد بوريل مواقف الرئيس التونسي قيس سعيد من قضية المهاجرين الأفارقة.
وخلفت تصريحات بوريل ردود فعل غاضبة في تونس، أبرزها ما جاء على لسان الرئيس سعيد الذي أكد أنه لا مجال للتفريط في سيادة بلاده لأحد، وأنه لن يقبل أي تدخل خارجي في شؤون بلاده مرة أخرى، وأن تونس ليست تحت الحماية ولا الانتداب، وفق قوله.
إقالة رئيس لجنة
وفي تطور داخلي، أقال الرئيس التونسي قيس سعيّد الثلاثاء رئيس “اللجنة الوطنية للصلح الجزائي” من منصبه، علما أن هذه الهيئة تعد من أهم مشاريعه السياسية.
وصدر بالجريدة الرسمية أمر رئاسي “ينهي تكليف السيد مكرم بنمنا بمهام رئيس اللجنة الوطنية للصلح الجزائي”.
وأنشأ سعيّد هذه اللجنة في 2022 وعيّن في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أعضاءها، وتتمثل مهامهم في إبرام صلح جزائي مع المتورطين في الفساد من رجال أعمال قبل ثورة 2011، وكانت الحكومة التونسية أعدت قائمة بهم عام 2012.
ويقوم الصلح على إبرام اتفاق بين المتورطين والدولة على أساس استرجاع الأموال التي حصلوا عليها مقابل إسقاط الملاحقة القضائية.
وتوظف الأموال المسترجعة في الاستثمارات في المناطق المهمشة في البلاد.
ويقدر سعيّد ان يصل مجموع الأموال التي على الدولة استرجاعها إلى 13.5 مليار دينار (نحو 4 مليارات يورو).
والخميس الماضي، زار سعيّد مقر اللجنة بالعاصمة، وقال في اجتماع مع أعضائها “لا أرى أي شيء على الإطلاق (…) لم يتحقق أي شيء يُذكر، منذ صدور المرسوم المنظم للصلح الجزائي”.
وانتقد ما وصفه “بالتراخي”، مؤكدا أن “أموال الشعب يجب أن تعود إلى الشعب”.
وتابع “نبحث عن القروض من الخارج والأموال موجودة في تونس”. في إشارة إلى المفاوضات التي تقوم بها الحكومة مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض بقيمة نحو ملياري دولار.
ويسعى سعيّد إلى استكمال مشروعه السياسي القائم على نظام رئاسي معزّز، ووضع حد للنظام البرلماني الذي أُقر عقب ثورة 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي ووضعت البلاد على طريق انتقال ديمقراطي كان الوحيد في المنطقة بعد انتفاضات “الربيع العربي”.