“كابوس”.. قصص رعب عربية في قالب غربي | فن
يبدأ مسلسل “كابوس” من فرضية ماذا لو كانت الأساطير التي سمعناها ونحن أطفال حقيقة، وماذا لو كان الغول حقيقيا ويستدرج ضحاياه في صحراء المملكة العربية السعودية بالخداع والمكر ثم يفترسهم؟ ما دور السلعوة في الريف المصري وهل هي حقيقية؟ هل “حمار القايلة” في الكويت يستدرج الأطفال ويقتلهم بالفعل؟ لماذا يخاف الإماراتيون من شجرة الغاف وأم الدويس؟
السرد القصصي
يختلف السرد القصصي في حلقات المسلسل الخمس، فبعض الحلقات كان السرد بها محكما، في حين ترهلت حلقات أخرى، وربما يعود هذا إلى اختلاف المؤلفين في الحلقات الخمس.
كانت القصة الأولى “الغول” التي تدور في السعودية في ثلاثينيات القرن الماضي جيدة، فالقصة محكمة والصراع متصاعد في تسلسل منطقي.
في حين كانت حلقة “حمار القايلة” بطيئة في تطور أحداثها وغير منطقية في بعض أجزائها، خاصة مع عمليات الاختطاف التي يقوم بها حمار القايلة في وضح النهار في هذا العصر الحديث، الذي يمكن للهواتف فيه تصوير ما يقع، فضلا عن انتشار كاميرات الأمن في كل مكان، إذ يمكن بكل سهولة الإيقاع بحمار القايلة.
روح غربية
رغم أن المسلسل يهدف -في الأساس- إلى التعرض للأساطير الشعبية العربية، فإن هناك روحا غربية تجسدت في بعض الحلقات، خاصة حلقات “شجرة الغاف”، و”أم الدويس”، و”السلعوة” تحديدا.
فالكيان الغريب الذي يسيطر على الشجرة في حلقة “شجرة الغاف” أو الشيطانة التي تتغذى على البشر في “أم الدويس” أو السلعوة التي تشبه المستذئبين في “السلعوة”، تتشابه في شكلها وطرق إخراجها مع نماذج غربية، في حين لم تكن الروح الشرقية والخليجية هي الغالبة في كل هذه الأحداث.
التمثيل والإخراج
لا يمكن فصل التمثيل عن الإخراج في مسلسل “كابوس”، لذلك مع اختلاف المخرج والكاتب من حلقة إلى أخرى بالمسلسل، فقد اختلفت جودة التمثيل وإخراج الحلقات، فكانت الممثلة السعودية الشابة لميس القحطاني متمكنة من شخصية “عائشة” التي تواجه الغول في أحداث الحلقة التي تحمل الاسم نفسه، بينما لم يكن دور المصريين خالد أنور وبسنت شوقي مقنعا في حلقة “السلعوة”، على عكس ركين سعد التي أجادت دورها في الحلقة.
وتبقى الأزمة الأكبر -ربما- في أن بعض الممثلين غير مقتنعين بأدوارهم، خاصة في حلقة السلعوة وحلقة حمار القايلة وحلقة أم الدويس، إذ يشعر المشاهد أن الممثل يلقي النص من دون وعي أو فهم لطبيعة الشخصية وبعدها الزماني والمكاني، وربما هذا واحد من أكبر العيوب في مسلسل “كابوس”.
ورغم أن تجربة مسلسل كابوس عانت بعض المشكلات، فإنها تظل تجربة جيدة في مجملها. فمحاولة إحياء الأساطير العربية القديمة تستحق الإشادة، لأن التراث العربي يحمل عديدا من القصص التراثية التي من الممكن إحياؤها والعمل عليها وإنتاج مسلسلات وأفلام رعب عربية قادرة على المنافسة.
وفي المجمل، إن التجارب العربية في قصص الرعب تستحق مزيدا من التفكير وإعادة العمل عليها في ما يتعلق بالتناول، بحيث لا تعتمد في مقوماتها الرئيسية على تجارب غربية أو صورة نمطية مكررة.