في يوم الأم.. مسميات قسرية فرضها الاحتلال على نساء القدس | القدس
مراسلو الجزيرة نت
القدس المحتلة- “أكبر أمنياتي أن ألتقط صورة تذكارية تجمع زوجي وأبنائي الثلاثة”، باحت السيدة المقدسية نظمية الصفدي بهذه الأمنية للجزيرة نت، بينما كانت تُقلب الصور على هاتفها الذكي، وهي مُبعدة قسرا عن زوجها وطفليها في غزة، وعن ابنها البِكر منصور الذي يقبع في سجون الاحتلال منذ رمضان الماضي.
في منزلها بحي الثوري في بلدة سلوان، تجلس هذه الأم مُكبّلة وعاجزة أمام حاضر أسرتها القاتم ومستقبلها المجهول بعدما قُدِّر لها أن تلتقي وتتزوج الأسير المحرر المبعد إلى غزة إبراهيم الصفدي، لتبدأ رحلة معاناتهما الممتدة منذ عام 2001.
أنجبت نظمية أبناءها منصور ومحمد وباسم، وأصرت وزوجها على تسجيل الأبناء في هوية الأم ليحصلوا على حقوقهم بوصفهم مقدسيين، لكن إجراءات الاحتلال التعجيزية عقّدت من حياة هذه الأسرة، وازدادت الأمور تعقيدا مع اعتقال نجلها الأكبر منصور.
ومنذ أبريل/نيسان 2022، تقضي نظمية (45 عاما) حياتها متنقلة بين غزة والسجون ومنزلها في القدس.
بين حصار غزة وقسوة السجون
تارة تتصفح صور ابنها منصور المعتقل في سجن ريمون الصحراوي، ويقطع حديثها مع الجزيرة نت اتصال فيديو من نجلها الأصغر باسم (12 عاما) تارة أخرى، ليطرح عليها السؤال ذاته إذا ما نجحت في الحصول على تصريح للدخول إلى غزة لتشاركه احتفالية عيد الأم في مدرسته.
تسعى نظمية لقضاء شهر رمضان مع زوجها وطفليها في غزة، لكن سلطات الاحتلال تمتنع عن إصدار تصريح دخولها القطاع “لأسباب أمنية”، وفي انتظار السماح لها بذلك، تحاول التخفيف عن ابنها منصور فكرة غيابها لأشهر قادمة في حال نجحت في لم شملها مع نصف الأسرة.
“سأترك كل قلبي مع منصور في السجون، وسأتظاهر بالفرح أمام شقيقيه في غزة بعد غياب قسري عنهما منذ صيف العام الماضي، وسأصبر وأتفاءل لأتمكن من مواصلة الطريق الذي اخترته بإرادتي وعقده الاحتلال بجبروته”.
نظمية الصفدي واحدة من عشرات آلاف الأمهات المقدسيات اللاتي يعانين على كافة الأصعدة بالعاصمة المحتلة، وفقا لما قالته مديرة مركز الدراسات النسوية في القدس عايدة العيساوي.
واستهلت العيساوي حديثها للجزيرة نت بالقول إن نساء القدس يتشاركن مع كثير من نساء العالم عدم حصولهن على حقوقهن، لكنهن يعانين بشكل مضاعف، كونهن يعشن تحت الاحتلال الإسرائيلي.
صفحات من الألم
وفي التفاصيل، أشارت العيساوي إلى تعدد المسميات القسرية التي تطلق على الأم المقدسية نتيجة سياسات الاحتلال في المدينة، فهي “أم الشهيد” التي عوقبت بإعدام ابنها وحُرمت في كثير من الأحيان من إلقاء نظرة الوداع عليه نتيجة احتجاز جثمانه، وهي “أم الأسير” التي تعاني على عتبات السجون وتنسلخ قسرا عن ابنها القابع خلف القضبان.
“الأم السجّانة” مصطلح جديد أضيف قبل سنوات لقاموس القدس، إذ فضّلت أمهات أن يقبع أطفالهن في الحبس المنزلي عوضا عن السجن، وحولهن الاحتلال من حاضنات إلى سجّانات يراقبن أبناءهن.
ولا يقل مصطلح “الأم السجينة” ألما عن “السجّانة”، وتحت هذا المسمى تعيش الفلسطينيات ممن يتزوجن بمقدسيين يحملون بطاقة “الهوية الزرقاء” أوجه معاناة استثنائية، لأنهن يُمنعن من ممارسة حياتهن بشكل طبيعي في ظل حرمانهن من حرية الحركة والتنقل، أو تسجيل أطفالهن في القدس بشكل تلقائي، وكذلك من حقهن في التأمين الصحي.
أما “الأم الفاقدة للأمن والأمان” نتيجة هدم منزل عائلتها بأنياب جرافات الاحتلال أو ذاتيا، فإن تفاصيل حياتها اليومية لا تقل صعوبة عن سابقاتها، وكذلك “الأم العاملة” خاصة التي تتجه لمكان عملها خارج الجدار العازل وتهدر ساعات طويلة قبل تمكنها من اجتياز الحواجز العسكرية مما يضاعف الضغط النفسي والقهر.
وفي ظل كل هذه المعطيات التي تنم عن واقع مرير تمر به المرأة المقدسية بشكل عام، والأمهات بشكل خاص، يُولي مركز الدراسات النسوية في القدس اهتماما خاصا لهذه الفئة عبر تخصيص كثير من البرامج الهادفة لتخفيف الضغط النفسي عن النساء.
وقالت عايدة العيساوي “عندما ننجح في التخفيف من الضغط على النساء نجد أنهن أصبحن أقوى في مواجهة التحديات وتبديد العقبات، لذا نحرص على تجميع النساء وتنظيم لقاءات للتفريغ النفسي لنقول لهن إن هناك من يمكنه التخفيف من آلامهن والطبطبة على جراحهن”.