العملية السياسية في السودان.. هل تتجه إلى اتفاق نهائي بمن حضر؟ | سياسة
الخرطوم- يبدو أن العملية السياسية في السودان تتجه إلى اتفاق سياسي “بمن حضر” بعدما أقرّ تحالف قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي، في اجتماع رأسه محمد حمدان دقلو “حميدتي” نائب رئيس مجلس السيادة، تحديد مواقيت زمنية للتوقيع على الاتفاق والدستور الانتقالي وتسمية رئيس الوزراء.
وقال قيادي في قوى الحرية والتغيير-الكتلة الديمقراطية، المناهضة للاتفاق الإطاري، إن حميدتي بادر بدعوتهم إلى اجتماع لمناقشة رفضهم الانضمام إلى العملية السياسية رغم توصلهم إلى “إعلان سياسي” مع مجموعة قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي، وخلافهم على هوية الموقعين على الإعلان.
وتتمسك مجموعة المجلس المركزي بتوقيع حركة تحرير السودان برئاسة مني أركو مناوي، وحركة العدل والمساواة بزعامة جبريل إبراهيم، والحزب الاتحادي الديمقراطي برئاسة محمد عثمان الميرغني، وترفض بقية أعضاء التحالف.
وذكر القيادي في الكتلة الديمقراطية للجزيرة نت أن حميدتي طلب منهم تحديد ممثلي التحالف لدعوتهم إلى اجتماع مع مجموعة المجلس المركزي لتشكيل لجنة مشتركة للتوصل إلى اتفاق نهائي. وقال إنهم سلموا نائب رئيس مجلس السيادة قائمة بأسماء قيادات الكتلة فعلا.
وعن سبب غيابهم عن الاجتماع مع مجموعة المجلس المركزي، قال القيادي في الكتلة الديمقراطية إن مجموعة المجلس المركزي رفضت قائمة قيادات الكتلة وهم نحو 16 شخصا، وتمسّكت بحضور 3 منهم ممثلين عن تنظيماتهم وليس عن الكتلة، مما دفعهم لمقاطعة الاجتماع.
غياب البرهان
وعقدت قيادات مجموعة المجلس المركزي اجتماعا في مقر القصر الرئاسي، مساء أول أمس الأحد، في غياب رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ورأس الاجتماع نائبه حميدتي.
وقال المتحدث باسم العملية السياسية في السودان خالد عمر إنه تم التوافق على توقيع الاتفاق النهائي مطلع أبريل/نيسان المقبل، وعلى الدستور الانتقالي في السادس من أبريل/نيسان، وتسمية رئيس الوزراء يوم 11 من الشهر ذاته، وتشكيل لجنة من 11 عضوا لصياغة الاتفاق النهائي، بينهم ممثل للجيش وآخر لقوات الدعم السريع.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي جدلا حول أسباب غياب البرهان عن الاجتماع وعدم وجود أي ممثل عن الجيش في اللقاء، وهل شارك رئيس مجلس السيادة في تحديد المواقيت الزمنية للمرحلة الأخيرة من العملية السياسية.
تشكيك من المعارضين
وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي شهاب إبراهيم، إن البرهان حضر الاجتماع السابق الذي حُددت فيه مواعيد التوقيع على الاتفاق النهائي، وأكد التزام المؤسسة العسكرية بالعملية السياسية.
واتهم إبراهيم، في حديث للجزيرة نت، معارضين وعناصر رافضة للعملية السياسية بنشر الشائعات بغرض التشكيك في أي خطوة جدية نحو إنهاء الأزمة السياسية.
ورأى أنه مع اقتراب ساعة الحقيقة ووصول العملية السياسية إلى مرحلتها الأخيرة، “نشطت تلك العناصر في بث الشائعات مثلما بثت معلومات مضللة عن معارك مرتقبة بين أطراف المكون العسكري”.
وعن عدم مشاركة الكتلة الديمقراطية في العملية السياسية، أوضح إبراهيم أنهم شكلوا لجنة للتفاوض مع مني أركو مناوي وجبريل إبراهيم وجعفر الميرغني لإقناعهم بالمشاركة في صياغة الاتفاق النهائي، لكن العملية لن تتوقف في انتظارهم.
تهديد بإسقاط الحكومة
وفي المقابل، قال القيادي في الكتلة الديمقراطية عبد العزيز عُشر، خلال مؤتمر صحفي مساء أمس الاثنين، إن قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي “مجموعة صغيرة متحالفة مع العسكر تسعى إلى تشكيل حكومة ستكون هي الأفشل في تاريخ السودان”.
واعتبر عُشر المواقيت التي أعلن عنها لتوقيع الاتفاق النهائي وتسمية رئيس الوزراء في الشهر المقبل “صفقة خاسرة ستنتهي بحكومة أقليات تقود البلاد إلى مزيد من الاختلال”.
واتهم عُشر مجموعة المجلس المركزي باختطاف القرار السياسي والابتعاد عن التحول الديمقراطي الحقيقي، مهددا باللجوء إلى خيارات سياسية لإسقاط القوى التي تسعى للسيطرة على القرار السياسي في البلاد.
وتحدّث عُشر عن محاولات لإخراج مشروع دستور “تم طبخه في الخفاء” وفرضه على الشعب، مع نية مبيتة لتمديد الفترة الانتقالية إلى أجل غير محدد، وعدم إجراء انتخابات. ورأى أن مجموعة المجلس المركزي لا هدف لها غير الجلوس في كراسي السلطة.
صراع على السلطة
في هذه الأثناء، يقول الباحث السياسي عبد السلام عامر إن الخلاف بين جناحي قوى الحرية والتغيير سببه صراع على السلطة، حيث يحاول كل طرف فرض شروطه للحصول على أكبر مكاسب من اقتسام السلطة والنفوذ.
ورأى أن قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي لا تستطيع إقصاء الحركات المسلحة المنضوية تحت تحالف الكتلة الديمقراطية، لأنه حسب اتفاق جوبا للسلام في السودان، فإن الحركات لديها 25% من مقاعد مجلس الوزراء.
كما أن هذه الحركات، وفق عامر، لا تزال تحتفظ بقوتها العسكرية ولا يمكن مطالبتها بإدماج مقاتليها في القوات النظامية حسب اتفاق الترتيبات الأمنية، واستثنائها من تنفيذ الجانب السياسي للاتفاق.
وأضاف عامر أن أوضاع السودان تتطلب حكومة ذات قاعدة سياسية عريضة لمجابهة تحديات كبيرة. وفي حال لم توسع العملية السياسية، فإن الحكومة المقبلة ستكون ضعيفة وستواجه معارضة شرسة، مما يهدد استمرارها، وربما يتدخل الجيش مرة أخرى. وفي هذه الحالة، ستُشكل حكومة تصريف أعمال تقود البلاد إلى الانتخابات.