التوقيت الصيفي.. لماذا تغير بعض الدول ساعتها؟ | أسلوب حياة
تعتمد نحو 70 دولة حول العالم ما يعرف بالتوقيت الصيفي، وتغير كل عام توقيتها الرسمي بتقديمه أو تأخيرها ساعة، للحصول على ساعات نهار أطول، أو بمعنى أكثر بساطة لإتاحة الفرصة لخروج الناس نهاية اليوم بينما لا يزال الجو نهارا، بينما يعطي فرصة أقل للنوم ساعات الليل.
لكن لماذا تطبق بعض الدول التوقيت الصيفي؟ ومتى يبدأ؟ وهل له آثار إيجابية أو سلبية؟ وأي دولة بدأت في اعتماده؟
ما التوقيت الصيفي لعام 2023؟
هذا العام، يمتد التوقيت الصيفي بين مارس/آذار ونوفمبر/تشرين الثاني، إذ اعتمدت بعض أجزاء الولايات المتحدة وكندا بدايته من 12 مارس/آذار وحتى 5 نوفمبر/تشرين الثاني، بينما أعلنت دول في الشرق الأوسط مثل مصر فترة زمنية مختلفة.
إذ أعلن مجلس الوزراء في مصر عودة التوقيت الصيفي بتقديم الساعة بمقدار 60 دقيقة بعد 7 سنوات من التوقف، على أن يبدأ اعتبارا من الجمعة الأخيرة من أبريل/نيسان 2023، حتى نهاية الخميس الأخير من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ما فوائد تغيير الساعة إلى التوقيت الصيفي؟
تغيير التوقيت ساعة واحدة قد يفيد في عدة أمور مثل:
- انخفاض استهلاك الطاقة: لأن تحريك الساعة للأمام بمقدار 60 دقيقة يعني ساعة إضافية من ضوء النهار، مما يقلل الحاجة إلى الإضاءة الكهربائية وتقليل استهلاك الطاقة، خاصة للإضاءة والتدفئة، وهو ما يعني توفير بعض المصاريف والتكاليف المادية.
وكانت هذه الفكرة مطروحة قبل تطبيقها فعليا وحتى قبل الثورة الصناعية وتوفر الأضواء الكهربائية، إذ كتب بنجامين فرانكلين، أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة رسالة ساخرة لمجلة فرنسية عام 1784 أعرب فيها عن دهشته لرؤية شروق الشمس الساعة الأولى من السادسة صباحا، وذلك قبل وقت طويل من ظهور معظم الباريسيين، وقال إنه إذا كانوا سيشرقون مع الشمس، يمكن للمدينة أن توفر مبلغا هائلا من إشعال الشموع ساعات المساء المظلمة.
وقد اقترحت دراسة أجرتها وزارة الطاقة الأميركية عام 2008 أنه كل 4 أسابيع من التوقيت الصيفي توفر البلاد حوالي 0.5% من إجمالي الطاقة الكهربائية.
ومع ذلك، قد تكون هذه التأثيرات خاصة بالبلد، إذ وجدت دراسة أخرى أنه أدى إلى انخفاض طفيف في استخدام الطاقة بالنرويج والسويد، بينما وجدت دراسة نشر نتائجها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الأميركي (Massachusetts Institute of Technology) أن التوقيت الصيفي تسبب في زيادة الطلب على الطاقة وانبعاثات التلوث بولاية إنديانا الأميركية.
- زيادة الإنتاجية: يمكن أن تؤدي ساعات النهار الأطول خلال التوقيت الصيفي إلى زيادة الإنتاجية في بعض الصناعات، حيث يكون لدى العمال المزيد من ساعات النهار لإكمال عملهم.
- زيادة السياحة والشراء: يمكن أن تؤدي ساعات النهار الأطول بالصيف إلى زيادة السياحة، حيث يتوفر للناس المزيد من الوقت للاستمتاع بالأنشطة الخارجية، كما قد تساعد في زيادة فرص التسوق والشراء لبعض المجالات التي تجذب زبائنها نهارا أكثر.
ما أضرار تغيير الساعة إلى التوقيت الصيفي؟
مع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن هناك أيضا عيوبا محتملة يطرحها الرافضون للتوقيت الصيفي، بما في ذلك تعطيل أنماط النوم والآثار السلبية على الصناعة الزراعية، كما قد تختلف الفوائد الاقتصادية اعتمادا على عوامل مثل الموقع الجغرافي والصناعة المحددة المعنية.
التأثير على النوم: يجادل البعض بأن تغيير الساعة قد يؤدي إلى تعطيل دورات النوم والاستيقاظ الطبيعية لدى الناس، وقد يقود إلى التعب وصعوبة التركيز بسبب قلة النوم، خصوصا الذين يعانون بالفعل من اضطرابات النوم أو صعوبة في النوم، كما يؤكد تقرير نشرته مجلة “ناشونال جيوغرافييك” (National Geographic) العلمية.
التأثير على معدل حوادث المرور: تعتبر بعض الدراسات أن التوقيت الصيفي يمكن أن يزيد من أخطار حوادث المرور وإصابات مكان العمل، لا سيما الأيام التي تلي تغيير الوقت مباشرة، وذلك بسبب اضطراب أنماط نوم الناس وزيادة النعاس. ولكن هذا الرابط الذي افترضه بعض العلماء أكدوا أن نسبة تأثيره ضئيلة رغم افتراضهم لوجودها.
مخاوف صحية: هناك بعض المخاوف من أن يسبب تغيير التوقيت تفاقم بعض الحالات الصحية، مثل الصداع النصفي والاكتئاب وأمراض القلب.
من أول من اعتمد التوقيت الصيفي؟
كانت ألمانيا أول دولة تطبق التوقيت الصيفي عام 1916، في مناورة لزيادة الإنتاج إلى أقصى حد خلال ساعات مضاءة بنور الشمس خلال الحرب العالمية الأولى، ولم تقرر المضي قدما في مثل هذه الخطة إلا بعد أن أصبحت الموارد شحيحة خلال الحرب، ثم لحقت بها الولايات المتحدة بعد عامين.
كما اعتمدت بلدان أخرى -منها أستراليا وبريطانيا- التوقيت الصيفي خلال الحرب العالمية الأولى للحفاظ على الوقود عن طريق تقليل الحاجة إلى الضوء الاصطناعي، حسب موسوعة “بريتانيكا” (Britannica) البريطانية.
من يطبق التوقيت الصيفي؟
لا تطبق جميع دول العالم التوقيت الصيفي، على الرغم من أن أكثر من 140 دولة قد طبقته في وقت ما، وحاليا أقل من 40% من بلدان العالم هي التي تطبقه.
حتى في الولايات المتحدة -التي كانت ثاني دولة تطبق هذا النظام- اختارت بعض الولايات عدم تطبيقه مثل هاواي، معظم أريزونا، بورتوريكو، جزر فيرجن، ورغم ذلك اقترحت 19 ولاية تشريعات أو قرارات لتبني التوقيت الصيفي الدائم، لكن هذه القوانين لن تدخل حيز التنفيذ إلا إذا أقرها الكونغرس.
لكن معظم أميركا الشمالية وأوروبا ونيوزيلندا تقوم بتغيير الساعة كل عام، كما تفعل عدة دول عربية وبمنطقة الشرق الأوسط مثل السعودية وقطر والمغرب والإمارات والكويت والبحرين ومصر والأردن وإيران. وفي حين لا تقوم غالبية دول القارة الأفريقية وآسيا بتغيير الساعة بنظام التوقيت الصيفي، تنقسم دول أميركا الجنوبية وأستراليا حول هذه المسألة، وفقا لمعلومات موقع الإحصائيات وأرقام السوق “ستاتيكا” (Statista).
ومع ذلك، فإن مشاركة أوروبا قد تتغير، إذ صوتت دول الاتحاد الأوروبي عام 2019 على إنهاء العمل بالتوقيت الصيفي بشكل إلزامي، لكن لم يتم الفصل في الأمر لانشغال دول الاتحاد بملفات أهم مثل خروج بريطانيا من الاتحاد وجائحة كورونا.