تنامي احتجاج جنود الاحتياط ورفض الخدمة العسكرية.. الإسرائيليون يستشعرون الخطر | سياسة
القدس المحتلة- يعبر إعلان العديد من ضباط وجنود الاحتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي وطيارين في سلاح الجو رفض الخدمة العسكرية احتجاجا على ما تسميه حكومة بنيامين نتنياهو “الإصلاحات في الجهاز القضائي”، عن أزمة سياسية ودستورية ويعكس تعمّق الشرخ بالمجتمع الإسرائيلي.
ومع دخول المظاهرات شهرها الرابع احتجاجا على تقليص صلاحيات القضاء لصالح السلطة التنفيذية، تُبدي المؤسسة العسكرية خشيتها من اتساع ظاهرة رفض الخدمة ضمن قوات الاحتياط.
وبدت هذه المخاوف واضحة في تحذير رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، من مغبة انخراط الجيش وسلاح الجو في الصراعات السياسية وذلك في ظل المشاركة الواسعة لضباط وجنود الاحتياط في حركة المظاهرات.
وترى هيئة الأركان العامة بالجيش الإسرائيلي في إقدام الطيارين وضباط في الجيش وبوحدات الاستخبارات على المشاركة في المظاهرات؛ بوادر ومؤشرات لأزمة في صفوف قوات الاحتياط والمؤسسة الأمنية عامة، وخصوصا في سلاح الجو وأيضا ضباط سابقون في المفوضية العامة للشرطة.
قلق ومخاوف
وأبدى ضابط الاحتياط في الجيش الإسرائيلي عاموس جلعاد، تخوفه من احتجاج جنود الاحتياط وتوجههم لرفض الاستدعاء للخدمة العسكرية مستقبلا احتجاجا على الإصلاحات في الجهاز القضائي، حيث يخشى من اتساع الظاهرة داخل الجيش في حال واصلت حكومة نتنياهو الإصلاحات التي يصفها المحتجون بـ”الانقلاب على الديمقراطية”.
ويعتقد جلعاد، الذي شغل سابقا منصب رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الأمن الإسرائيلية، أن الحالة التي تعصف بإسرائيل مقلقة للغاية. وأن “تغلغل الاحتجاجات بالمؤسستين الأمنية والعسكرية من شأنها أن تتوسع وتتدحرج ككرة الثلج لينضم المزيد من الجنود وضباط الاحتياط إلى رفض الخدمة العسكرية”.
وأوضح جلعاد للجزيرة نت أن ما يسمى الإصلاح القضائي الذي تقوده حكومة نتنياهو، ما هو إلا “انقلاب” إذ إن الاستمرار في التشريعات قد يوسع رفض الاستدعاء لخدمة الاحتياط لتتحول لظاهرة، مشيرا إلى أن ذلك يعكس عمق الأزمة السياسية والشرخ في المجتمع الإسرائيلي الذي أخذت تداعياته تصل إلى صفوف الجيش والمؤسسة الأمنية.
أمام محطة مفصلية
ويرى المسؤول الأمني الإسرائيلي السابق أنه بدلا من العزل المؤقت لضباط وجنود احتياط وطيارين الاحتياط في سلاح الجو لدورهم في قيادة حركة الاحتجاجات، على حكومة نتنياهو وقف ما تسمى بالإصلاحات القضائية.
وتساءل جلعاد، هل ستكون إسرائيل قادرة على المضي قدما بدون الجيش وسلاح الجو وبدون اقتصاد مزدهر ومتطور؟، وقال إن “إسرائيل أمام محطة مفصلية، يجب وقف التشريعات والدخول بمفاوضات للوصول لتفاهمات، إذا تم تقويض الديمقراطية الإسرائيلية فلن يكون لديك جيش ولا اقتصاد، ولا يمكن للجيش تحمل اتساع ظاهرة رفض الخدمة”.
تغلغل وانقلاب
أما يهودا شاؤول، عضو حركة “يكسرون الصمت”، وهي منظمة مناهضة للاحتلال وتوثق انتهاكات جنود الجيش الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، فيعتقد أن رفض الخدمة العسكرية في صفوف قوات الاحتياط على خلفية الاحتجاجات ضد إضعاف الجهاز القضائي وسحب صلاحيات المحكمة العليا، يضاف إلى أسباب أخرى لرفض الخدمة العسكرية ومنها “مناهضة الاحتلال”.
لكن شاؤول، أوضح للجزيرة نت أن رفض الخدمة العسكرية ووقف أعمال وإجراءات التطوع ضمن قوات الاحتياط سواء في الجيش أو سلاح الجو أو الاستخبارات، هو حالة غير مسبوقة في إسرائيل.
ويخشى من تتغلغل الاحتجاجات في المؤسسة العسكرية إذا واصلت حكومة نتنياهو خطة التشريعات وأحدثت انقلابا على الجهاز القضائي والمحكمة العليا، وهو ما تسعى قيادة هيئة الأركان لتداركه.
أسباب عدة للتهرّب
ويعتقد شاؤول أن رفض خدمة الاحتياط قد يتوسع لأسباب متعددة، فإلى جانب الأزمة السياسية، يضاف إلى ذلك الرفض لدوافع “ضميرية” ومناهضة الاحتلال وانتهاكات جنود الجيش بحق الفلسطينيين، وأيضا تراكم الأعباء على قوات وكتائب الاحتياط بظل التصعيد الأمني بالضفة الغربية والقدس وعلى طول حدود الرابع من يونيو/حزيران.
ولا يستبعد شاؤول أن تدفع هذه الأسباب مجتمعة جنود الاحتياط وخاصة أصحاب الرتب الصغيرة إلى التهرب من الخدمة العسكرية، وهي ظاهرة باتت تسمى “الرفض الرمادي”.
امتحان حقيقي
ومع اتساع الاحتجاجات ضد خطة إضعاف القضاء وتقويض المحكمة العليا والبوادر الأولية لرفض الخدمة ضمن قوات الاحتياط، تجد هيئة الأركان العامة للجيش نفسها أمام امتحان حقيقي في ظل التصعيد بالضفة والقدس.
ورغم تكرر إعلان ضباط وجنود احتياط رفض أوامر الاستدعاء لقوات الاحتياط مع تصاعد التوتر الأمني، من المتوقع استدعاء أكثر من 60 كتيبة في قيادة المنطقة الوسطى بالجيش والدفع بها للضفة الغربية والقدس خلال رمضان، وفق رون بن يشاي محلل الشؤون العسكرية في صحيفة “يديعوت أحرونوت” وموقع “واي نت”.
وأوضح المحلل العسكري أن التهرب من التجنيد النظامي أو الاحتياطي سيضر على الفور بقدرة الجيش الإسرائيلي في “الدفاع عن البلاد”. لكن “الرفض الرمادي” سينعكس من خلال انخفاض التجنيد بالوحدات القتالية وعدم الاستجابة لأوامر الاستدعاء لتدريب قوات الاحتياط و”هذا خطير” وفق يشاي.
ويعتقد أنه في حال استمرت رسائل الطيارين الاحتياط في سلاح الجو وضباط وجنود نظام العمليات الخاصة، واتسعت ظاهرة رفض خدمة الاحتياط والامتناع عن التطوع، فإن الجيش الإسرائيلي لا يمكنه تحمل ذلك، وهو ما قد يثقل عاتقه بحيث يكلف التهرب إسرائيل غاليا”.