راديكالية وعرقية.. هذه خريطة لأبرز الجماعات المسلحة النشطة في باكستان | سياسة
إسلام آبادـ هجمات دامية متتالية شهدتها باكستان، كان آخرها الهجوم في بلوشستان (جنوب غرب) أمس الاثنين، وراح ضحيته 9 من أفراد الشرطة إضافة إلى ما لا يقل عن 13 إصابة، وهو التفجير الثاني بالإقليم خلال أقل من 10 أيام.
وأواخر يناير/كانون الثاني شهدت مدينة بيشاور عاصمة إقليم خيبر بختونخوا (شمال غرب) التفجير الأكثر دموية حيث فجر شخص نفسه في مسجد بمنطقة خطوط الشرطة، وراح ضحيته ما لا يقل عن 100 قتيل وعدد كبير من الجرحى أغلبهم من أفراد الشرطة.
تلك الهجمات المتتالية جاءت نتيجة مباشرة لكون باكستان تضم العديد من الجماعات المسلحة التي تختلف في أفكارها وتوجهاتها وسياساتها وأهدافها، ولكنها جميعا تنفذ هجمات ضد الدولة أو هجمات طائفية، ويمكن القول إن أغلب الجماعات النشطة في هذا البلد تنقسم إلى جماعات دينية راديكالية، وجماعات عرقية انفصالية، وجماعات تجمع بين الاثنتين.
ويمكن عرض هذه الجماعات المسلحة النشطة في باكستان كالتالي:
الجماعات الدينية الراديكالية:
تتنوع الجماعات الدينية المسلحة بناء على التنوع الطائفي في باكستان حيث ظهرت عدة حركات وجماعات مسلحة تعود أسباب تأسيسها لظروف متعلقة بالتشدد الديني، وهو ما ارتبط بأحداث العنف الطائفي بين السنة والشيعة ثمانينيات القرن الماضي.
أولا- تنظيم الدولة:
يعرف بـ “تنظيم الدولة الإسلامية-خراسان” هو إقليم خراسان بالدولة الإسلامية التي تضم آسيا الوسطى وإيران وأفغانستان وباكستان، وقد تم تشكيله عام 2015 وهو أحد أكثر فروع التنظيم دموية.
ولا يزال هذا التنظيم يحتفظ بقدرته على التعبئة وتنظيم الهجمات بل ويمتد إلى الدول المجاورة، من خلال بعض الخلايا في المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان في إقليمي خيبر بختونخوا وبلوشستان، وبعض مناطق إقليم السند.
ويعلن التنظيم عن الهدف الأساسي له، وهو تهديد الولايات المتحدة ومصالحها والدول الحليفة لها جنوب ووسط آسيا.
ووفق مجلة “فورين بوليسي” (Foreign Policy) الأميركية فإن الجذور التأسيسية لهذا التنظيم تعود إلى التنظيمات الجهادية التي انتشرت في تلك المناطق خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وتجمعات المجاهدين الذين كانوا ينتشرون في تلك المناطق إبان الغزو السوفياتي لأفغانستان.
ثانيا- جماعة “عسكر جهنوي”:
“لاشكار جهنوي” أو “عسكري جهنوي” هي جماعة سنية مسلحة في باكستان، تم تأسيسها عام 1996 بعد انشقاقها عن تنظيم “سباه الصحابة” الذي تأسس عام 1985 في خضم التوترات الطائفية في البلاد.
وكان من أول ما قامت به هجوم عام 1997 على المركز الإيراني في مولتان بإقليم البنجاب، والذي أسفر عن مقتل 21 شخصا بينهم دبلوماسي إيراني.
واكتسبت “عسكر جهنوي” شهرة كبيرة ذلك الوقت حيث وسعت هجماتها لتستهدف أيضا السياسيين رفيعي المستوى، الأقليات العرقية الأخرى بالمنطقة، المصالح والتأثيرات الغربية، ودائما ما يتم تصنيف الجماعة على أنها واحدة من أكثر المنظمات سرية في العالم.
وقد تراجع نشاط الجماعة بعد انقلاب الجنرال برويز مشرف عام 1999 وما تلاه من حملات ضد المنظمات الدينية المسلحة حيث تم حظر “عسكر جهنوي” عام 2001 ليفر عدد كبير من مقاتليها إلى أفغانستان.
ثالثا- “سباه محمد”:
“سباه محمد” أو “جيش محمد” جماعة شيعية متورطة في نشاط طائفي في باكستان، وبشكل خاص في إقليم البنجاب.
التاريخ الدقيق لتشكيل هذا التنظيم غير مؤكد، لكن يعتقد أنه عام 1993، بعد انشقاق عدد من كوادر المنظمة الشيعية المهيمنة آنذاك “تحريك الجعفرية باكستان” لتكوين جماعة مسلحة بارزة تشارك في حملات مناهضة للعنف ضد الشيعة.
ويمكن القول إن تأسيس “سباه محمد” جاء للرد على هجمات تنظيم “سباه الصحابة” السني، والهدف هو حماية المجتمع الشيعي من الجماعات السنية.
وقد صنفت الحكومة الباكستانية التنظيم بقوائم الإرهاب عام 2002 لكنه لا يزال ينشط بإقليم السند خاصة مدينة كراتشي، وهناك تنظيمات شيعية أخرى مثل تنظيم “شيعة علماء كونسل” الذي بدأ نشاطه بعد تصنيف “سباه محمد” على قوائم الإرهاب، كما يوجد تنظيم يطلق عليه “قوة المختار أو مختار فورس” وهو مختص في تأمين النشاطات الدينية لدى الشيعة.
الجماعات القومية الانفصالية:
تواجه باكستان تهديدا من الجماعات والحركات القومية الانفصالية، وبشكل خاص الحركات القومية البلوشية التي تنتشر في بلوشستان وتنفذ هجمات في مناطق مختلفة من البلاد، ومن أبرز تلك التنظيمات:
أولا- جيش “تحرير بلوشستان” (BLA):
هو منظمة عرقية قومية متشددة، تتألف في الغالب من أفراد قبيلة المري وبوغتي، تم تأسيسها عام 2000 وتقاتل ضد الحكومة الباكستانية من أجل استقلال إقليمي أكبر لمقاطعة بلوشستان، ويعتقد أن التنظيم امتداد لحركات التمرد البلوشية التي نشطت سبعينيات القرن الماضي.
ويستهدف التنظيم بشكل خاص القوات والشركات ومؤسسات الحكومة الباكستانية في بلوشستان، إضافة إلى استهداف الشركات والعمال الأجانب بالإقليم والمناطق القريبة منه مثل كراتشي في إقليم السند المجاور، خاصة تلك المشاريع المتعلقة بمشروع الممر الاقتصادي المشترك بين باكستان والصين.
وتم تصنيف التنظيم على قوائم الإرهاب في باكستان عام 2005، كما قام الجيش بأمر من رئيس الوزراء الأسبق برويز مشرف بقتل الزعيم البلوشي سردار أكبر خان بوغتي، وهو أحد الأشخاص الأكثر نفوذا في بلوشستان، مما زاد من التوتر بين الحكومة وحركات التمرد البلوشية.
ثانيا- جيش “بلوشستان الجمهوري” (BRA):
هو تنظيم بلوشي انفصالي يناهض الحكومة الباكستانية بهدف إقامة دولة بلوشية مستقلة، ويتكون التنظيم في معظمه من أفراد من قبيلة بوغتي والنشطاء السياسيين للطلاب الشباب في بلوشستان.
وتأسس التنظيم عام 2006 بسبب الاستياء المتزايد في بلوشستان من سياسات الحكومة الباكستانية والسيطرة على الموارد الطبيعية بالإقليم، وهو المبرر الأبرز لدى الجماعات الانفصالية البلوشية كلها، والذي بناء عليه تشن الهجمات ضد القوات الباكستانية والشركات الأجنبية بالإقليم.
ويعتقد أن التنظيم بمثابة ذراع للحزب “الجمهوري البلوشي” الذي يقوده براهامدغ بوغتي، وهو حفيد أكبر خان بوغتي.
وبالإضافة للجماعات الدينية الراديكالية والجماعات القومية الانفصالية، هناك تنظيمات تجمع بين القومية الانفصالية والتشدد الديني:
حركة طالبان الباكستانية (TTP):
تعرف في باكستان بـ “تحريك طالبان باكستان” وهي أكبر وأنشط الحركات المسلحة التي تقاتل ضد الدولة، وكانت وراء أكبر الهجمات دموية على مدار السنوات الماضية وأبرزها هجوم عام 2014 على مدرسة تابعة للجيش بمدينة بيشاور راح ضحيته ما يقرب من 140 من الطلاب والمعلمين.
ويدور الخلاف حول تصنيف طالبان الباكستانية فيما إذا كانت حركة قومية عرقية أو حركة دينية متشددة، وبالنظر إلى ظروف تأسيسها، فيبدو من الواضح أنها تجمع بين القومية والدينية التشددية، نظرا لأن الغالبية العظمى من مقاتليها من البشتون الذين درس معظمهم في المدارس الدينية.
وقد كانت الانطلاقة الرسمية لهذه الحركة بشكلها الحالي عام 2007، على يد مؤسسها الأول بيت الله محسود جنوب وزيرستان (شمال غرب) لترسم ملامح صراع جديد في باكستان، وبشكل خاص في المناطق القبلية المحاذية لأفغانستان.