متى تكون الاستعانة بالأجداد في تربية الأولاد مؤذية؟ | أسلوب حياة
يميل الأجداد إلى قضاء معظم أوقاتهم مع أحفادهم، ويجدون في ذلك متعة بعد تقلّص مسؤولياتهم الوظيفية وعدم اهتمامهم بالتقنيات الحديثة. ويعرف عن الأجداد والجدات أنهم صبورون ومستمعون جيدون ويظهرون اهتماما كبيرا بالصغار، وذلك يترك أثرًا كبيرًا في الأحفاد، إذ يشعر الأطفال بالأمان برفقتهم، وحين يشعر الطفل بأنه يحظى بالرعاية والاهتمام تتعزز ثقته بنفسه ويزيد احترامه لذاته.
وفي تقرير نشرته مجلة “لامنتي إس مارافيوسا” (La Mente es Maravillosa) الإسبانية، قالت الكاتبة فاليريا ساباتر إن الأجداد يلعبون دورا مهما في تربية الأحفاد؛ فيكفي أن نعود بالذاكرة إلى مرحلة الطفولة لإدراك ذلك، إذ تعلمنا أمورا كثيرة من الجد أو الجدة، فضلا عن إسهامهم في تشكيل شخصياتنا.
وتضيف ساباتر أن الأجداد يساعدون في تنمية مواهب الأحفاد وتعزيز ملكة الإبداع والذكاء لديهم، ولعل ذلك ما أثبتته الأبحاث الحديثة لأنهم يتمتعون بالشخصية والعاطفة الجياشة والصبر والحب وغير ذلك من الصفات التي تساعد على تطور الأحفاد ونموهم.
وعلى الرغم من أن طلب مساعدة الأجداد في تربية الأحفاد يسعدهم في معظم الأحيان، فإن التربويين يحذّرون من أن الاعتماد عليهم بصورة دائمة يتسبب في إرهاق كبير لهم، وقد يعانون مما يصفه البعض “بمتلازمة الأجداد العبيد”.
متى يصبح طلب مساعدة الأجداد مؤذيًا لهم؟
يعرّض الحمل الزائد للعناية بالأحفاد والمساعدة في تربيتهم الأجداد لضغط كبير، قد يؤدي إلى مشاكل صحية وعاطفية وجسدية خطيرة، ومن أبرزها ما يُطلق عليه “متلازمة الأجداد العبيد”. يوصف هذا الحال بأن مرض جديد منذ القرن الـ21، حتى إن منظمة الصحة العالمية تعترف به على أنه إساءة لدور الأجداد وتعدّه نوعًا آخر من إساءة معاملة الأطفال.
وقد نشر موقع “إتر بارون” (Etre Parents) الفرنسي الذي يعنى بشؤون التربية تقريرا للكاتبة والمربية الاجتماعية ناتاليا كوبوس سيرانو، أوضحت فيه أن “متلازمة الأجداد العبيد” هي مرض خطير يصيب الرجال والنساء الذين يعانون من الحمل الزائد جسديًّا وعاطفيًّا، والذي يمكن أن يتسبب بعد ذلك في اختلالات كبيرة وتدريجية جسدية ونفسية.
ووفق الكاتبة، تقدم عالمة النفس إنكارناسيون لينان تفسيرًا للأسباب التي تدفع الأجداد إلى الشعور بالمسؤولية واستعدادهم لتحمّل ما لا يطيقونه لمساعدة أبنائهم؛ حيث ترى أن القيم الأبوية والرغبة في نقل خبراتهم هما السبب الرئيس الذي يجعل الأجداد يشعرون بالمسؤولية عن تقديم الدعم المستمر لأبنائهم وأحفادهم، كما أنها طريقة يشعرون بها أنه ما زالت لهم فائدة في حياة من حولهم، وهو أمر غالبًا ما يقلق كبار السن بشأنه.
كيف يؤثر الإثقال على الأجداد في صحتهم؟
عندما تتعارض الحياة العملية للآباء والأمهات مع رعاية أطفالهم، يقرر بعضهم تفويض تربية أطفالهم والعناية بهم إلى أجدادهم. لكن يجب أن يكون للصحة الجسدية والعاطفية للأجداد الأولوية على جميع احتياجات أسرة الوالدين، حسب تقرير نشرته صحيفة “لاراثون” (Larazon) الإسبانية.
ويؤكد المستشار النفسي بوحدة الطب النفسي في مستشفى “كاسا دي سالود” طوني كريسبو أن هناك تأثيرات جسدية على الأجداد ناجمة عن القلق الذي تتسبب به بعض الحالات المعينة التي يفقدون فيها السيطرة. ويمكن لهذه الآثار أن تؤدي إلى عدم انتظام دقات القلب، وارتفاع ضغط الدم، والدوار، وارتفاع حرارة الجسم، وضيق التنفس، وآلام المفاصل وآلام الظهر المزمنة التي تنجم عن المجهود البدني الذي يبذلونه، إلى جانب صعوبة النوم أثناء الليل بسبب الإرهاق البدني.
ويقول كريسبو إن “بعض الأجداد قد يشعرون بالإرهاق العاطفي عند التعامل مع المواقف العصبية، خاصة عند تربية أحفادهم وتعليمهم. في هذه الحالات، عادة ما يشعر الأجداد بالذنب وأنهم عديمو الجدوى، وهي مشاعر تسبب لهم الحزن الشديد واليأس”.
ويختم المستشار النفسي بالتنبيه على أن” احترام حدود الأجداد يجب أن يكون ذا أولوية لدى الآباء، لأن الشيخوخة يجب أن تكون مرحلة للتحرر من الأعباء والتمتع بوقت من الراحة والترفيه والهدوء”.