Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
خبر عاجل

مدينة مَرَوي التاريخية.. آثار مهددة بالاندثار | الموسوعة


مدينة مَرَوي التاريخية، مدينة سودانية أثرية، وهي العاصمة الثانية لـ”مملكة كوش” التي ظهرت في أقصى شمال السودان عام 750 قبل الميلاد وسقطت عام 300 ميلادي. ويوجد بالقرب منها مجموعة من أهم المعالم الأثرية مثل المعابد الدينية وأهرامات “البِجْراوية”، والتي أعلنتها اليونسكو موقعا للتراث العالمي عام 2011. وتختلف مدينة مروي التاريخية عن مدينة مروي الحديثة القائمة بشمال السودان اليوم.

الموقع

تقع مدينة مَرَوِي التاريخية على الضفة الشرقية لنهر النيل وتبعد عن العاصمة الخرطوم مسافة 200 كيلومتر في اتجاه الشمال، وهي عبارة عن مناطق شبه صحراوية بين نهر النيل ونهر عطبرة.

السكان

بالنسبة لمدينة مروي الحديثة التي تقع في منطقة الشمال وتربط بينها وبين جنوب منطقة النوبة، هي أرض لمختلف القبائل السودانية فسكانها هم الشايقية الذين يعتبرون السكان الأصليين لها، ثم الرباطاب والدناقلة والمحس وغيرهم من القبائل العربية التي سكنت المنطقة وما زالت حتى اليوم.

التاريخ

انقسمت مملكة كوش إلى فترتين، الفترة الأولى هي الفترة النبتية، نسبة لمدينة نبتة، العاصمة الأولى لمملكة كوش، التي استمرت من عام 750 قبل الميلاد وحتى 270 قبل الميلاد.

وامتدت الفترة الثانية من عام 270 قبل الميلاد إلى 300 ميلادية، حيث أصبحت مدينة مروي التاريخية عاصمة لمملكة كوش في هذه المرحلة.

بدءا من عام 750 قبل الميلاد اعتبرت مروي المركز الإداري الجنوبي لمملكة كوش، في وقت كانت فيه مدينة نبتة عاصمة لها، ولاحقا أصبحت مروي منطقة واسعة ومزدهرة.

وبحلول القرن الرابع الميلادي، بدأت قوة مملكة كوش في التضاؤل، ويقدم المؤرخون تفسيرات مختلفة لذلك، بما فيها الجفاف والمجاعة الناتجان عن تغير المناخ وصعود حضارة منافسة في الشرق هي حضارة “أكسوم” (مملكة حبشية سابقة).

وتراجعت مروي لاحقا في مواجهة القبائل المغيرة، لتسقط أمام غزوات “أكسوم” وتصبح تحت حكم “إيلا أميدا”، حاكم الحبشة آنذاك، فانتهى حكم مملكة كوش المروية في عام 300 ميلادية.

أهرامات مروي يتراوح ارتفاعها من 6 أمتار إلى 30 مترا ويبلغ عمرها حوالي 4600 عام (أسوشيتد برس)

تهديدات غير مسبوقة

تعرضت المناطق الأثرية في نبتة ومروي إلى تهديدات غير مسبوقة بسبب الفيضانات الأخيرة، ودعا السودان منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) لتقديم المساعدة العاجلة لحماية المناطق الأثرية في مروي (شمالي الخرطوم) بسبب الفيضانات.

ويقول مندوب السودان الدائم لدى اليونسكو جبير إسماعيل جبير إن المناطق الأثرية في السودان تتعرض لتهديد غير مسبوق، ودعا إلى تقديم المساعدة العاجلة من صندوق الطوارئ المخصص لحماية التراث العالمي.

وقالت الهيئة العامة للآثار والمتاحف السودانية، في سبتمبر/أيلول 2022، إن فيضان النيل يهدد مواقع أثرية بالبلاد، وإن مياه الفيضان غمرت أجزاء من الحمام الملكي في مدينة مروي الأثرية.

الاقتصاد

كان اقتصاد مروي يعتمد على تربية الماشية، وصهر المعادن كالحديد والذهب للمتاجرة بها، واستخدمت الأدوات المصنوعة من الحديد في الزراعة وفي المحاجر وفي البناء واستمرت صياغة المعادن، وخاصة الذهب، في التطور ووصلت إلى مستويات عالية من الإنجاز.

وتؤكد ذلك التماثيل المنتشرة للماشية في الأماكن الأثرية المكتشفة، والتي تُظهر نظامًا متطورًا من الخزانات لتسهيل رعي الماشية وزراعة الحقول بعيدا عن النيل.

وكانت لمروي علاقات تجارية مباشرة مع مدن وسط أفريقيا ومصر ودول البحر الأبيض المتوسط الأخرى، كما كانت تمر عبرها تجارة مصر إلى مدن وسط أفريقيا. وصدّرت مروي الذهب والعاج والحديد وريش النعام ومنتجات أخرى إلى الداخل الأفريقي، ووقتها كانت مروي من أشهر عواصم العالم.

أبرز المعالم

تُعتبر الأهرامات في مروي، العلامة الأكثر لفتا للنظر في المنطقة، حيث بُني العديد منها خلال الفترة ما بين عامي 720 قبل الميلاد و300 قبل الميلاد. ولم تكن كلها مخصصة للعائلة المالكة، فالنبلاء دُفنوا في الأهرامات أيضا.

بلغ عدد الأهرامات التي تم اكتشافها أكثر من 200 هرم يتراوح ارتفاعها في المتوسط ما بين 6 إلى 30 مترا عن سطح الأرض، وبُنيت لتكون مقابر لملوك وملكات المملكة المروية القديمة.

وتوضح النقوش المنحوتة داخل الأهرامات أن الملوك المرويين كانوا يدفنون بجانب بعضهم مع مجموعة من الكنوز، بما في ذلك المجوهرات الثمينة والأسلحة والأثاث والفخار، لكن هذه الأهرامات أصبحت خالية من الزخارف، بسبب عمليات التنقيب.

أهرامات مروي تختلف عن أهرامات مصر بأنها أكثر انحدارا بسبب استخدام “آلة الشادوف” في بنائها (غيتي)

ومما يذكر حول أهرامات مروي القديمة أن المستكشف الإيطالي جوزيبي فريليني تسبب في أضرار بها لا يمكن إصلاحها، ففي عام 1834 ميلادي، وعندما عرف أماكن الفضة والذهب التي لا تزال مخبأة داخل بعض المقابر استخدم المتفجرات لتفجير قمم عدة قبور داخل الأهرامات، مما تسبب في الإضرار بالباقي وتخريب ملامحها، ويُعتقد أنه قام بتخريب أكثر من 40 هرما، وباع لاحقا اكتشافاته إلى متاحف في ألمانيا.

وتختلف أهرامات مروي عن أهرامات مصر بأنها أكثر انحدارا، بسبب استخدام “آلة الشادوف” في بنائها (رافعة خشبية بسيطة تستند إلى القوة البدنية للعمّال وكانت توضع في الوسط ويتم بناء الهرم من حولها).

ومن أبرز المعالم الأخرى في مروي أيضا المعابد وقصور الملوك ومنازل السكن والمنشآت الكبرى وتتصل جميعها بشبكة مياه.

أبرز أعلام مدينة مروي

الملك أركماني الأول

من الأعلام الذين ذاع صيتهم في مروي التاريخية الملك أركماني الأول، والذي تولّى الحكم من عام 270 إلى 260 قبل الميلاد، وهو الملك الذي نقل العاصمة الكوشية من مدينة نبتة إلى مروي بشكل تدريجي.

ويُرجَّح أنه من عزّز مكانة مروي كمركز للحضارة الكوشية عندما أصبح أوّل ملك يُدفن فيها. وبعزيمة خوّلته أن يكون ملكا، جاء أركماني بقوة مسلّحة واقتحم المكان المقدّس، حيث كان معبد الإثيوبيين الذهبي وذبح جميع الكهنة، ثم ألغى ذلك التقليد وفرض ممارسات جديدة تناسبه.

ويقع الهرم الذي دُفن فيه بالمقبرة الجنوبية. وقد اكتُشف بين عامي 1826-1827.

أهرامات مروي على بُعد 200 كيلومتر شمال الخرطوم (أسوشيتد برس)

الملكة أماني شخيتو

حكمت الملكة أماني حوالي 45 -15 قبل الميلاد، وتعد الأشهر بسبب ما اكتشف من آثارها ونقوشها التي عُثر عليها في 6 مواقع مختلفة، مما يدل على انتشار نفوذها.

وجذبت المناظر المنحوتة على بوابة مقصورة هرمها الرحالة الأوروبيين الذين دخلوا السودان خلال السنوات 1821-1822. وتضاعفت شهرتها بعد تفجير هرمها من قبل الطبيب الإيطالي فريليني عام 1837 وما نجم عن ذلك من حصوله على الكنز الذي خبأت فيه الملكة حليها الذهبية.

واتخذت أماني شخيتو اللقب المروي “قوري” الذي يعني “شخص الحاكم” بغض النظر عن جنسه، رجلا كان أم امرأة، وظهر هذا اللقب في اللوحة التي عثر عليها جون قارستانق في معبد آمون بمروي مكتوبا بالخط المروي المختزل.

الملكة أماني توري

حكمت أماني توري حوالي من 15 قبل الميلاد إلى 15 ميلادي، ولوحظ أنها تُذكر وتُصور دائما مع شريكها في الحكم الملك نتك أماني، الذي ربما كان زوجها أو ابنها.

وعُثر على ألقاب لأماني توري مصحوبة باسمها في عدة مواقع مكتوبة بالمصري أو المروي ومنها “نسو-بيتي” و”نب-تاوي” و”مري- كا – رع”. وشاركت أماني توري شريكها نتك أماني في بناء معابد آمون بمروي.

المستكشف الإيطالي جوزيبي فريليني تسبب بأضرار لقمم الأهرامات بعد محاولته تفجيرها لاستخراج كنوزها (أسوشيتد برس)

الثقافة والكتابة

يُعد ظهور الكتابة المروية مثالا على دور أركماني في الحد من تأثير الثقافة المصرية القديمة على مدينة مروي، وكان هرمه أوّل هرم يُشيَّد على الطراز النوبي. ويعتبر تراث مملكة كوش مهما بسبب إنجازاتها الثقافية المميزة وحضارتها.

تستند الكتابة المروية إلى أبجدية بسيطة من 23 رمزا، وبذلك تختلف اختلافا جوهريا عن نظام الكتابة المصرية المعقد، ومعظم أنظمة الكتابة السامية. ويشتمل الخط المروي على رموز الحروف المتحركة.

ومنذ القرن الثاني قبل الميلاد فصاعدا، تم استخدام اللغة المروية بشكل حصري لغة مكتوبة، نظرا لعدم وجود نقوش ثنائية اللغة، لذلك لم يتم فهم الكثير منها.

استندت الكثير من المعلومات عن مدينة مروي إلى المخطوطات القديمة من الحضارات المصرية والرومانية واليونانية، وهي كتابات يعتبرها كثيرون متحيّزة وغير دقيقة، ويعود السبب في ذلك إلى عدم تمكّن المؤرّخين من اللغة المروية حتى الآن.

وكانت لحيوان الفيل أهمية كبرى في مروي، ولا سيما في منطقة المصورات الصفراء، وهي المنطقة المخصصة لممارسة الشعائر الدينية الوثنية التي سادت خلال تلك الحقبة التاريخية.

كانت للمرويين لغتهم الخاصة، وهي اللغة المروية التي لم يستطع أحد فك رموزها حتى الآن، كما عرفوا اللغة الهيروغليفية التي وجدت نقوشها على آثارهم.

“معبد الأسد” في مروي على بُعد 202 كيلومتر شمال الخرطوم (أسوشيتد برس)

الشارات الملكية

بالرغم من أن حكام مملكة مروي لبسوا على الرؤوس ألبسة عديدة وحملوا على الأيادي أشياء مختلفة، فقد كانت هناك أشياء محددة حكرا لهم وحدهم، وهي الشارات الملكي، أهمها التيجان والصولجان وتمثيل الأفعى على الجبين.

يبدو من مناظر المقصورات واللوحات أن التيجان كانت حكرا على الملوك والملكات، مثل التاج الثلاثي الذي لبسته الملكة أماني شخيتو، وتاج الجنوب للملكة أماني توري وتاج الشمال والتاج ذي الريشات الأربع، وتاج إيزيس وتاج أتيف، لكن هؤلاء الملوك والملكات قد يظهرون في مواقف أخرى بتيجان مختلفة هي في الوقت نفسه متاحة للأمراء والأميرات، أكثرها استخداما تاج “الطاقية اللاصقة” المشهورة بالطاقية الكوشية.

ومنها أيضا الصولجان، وهو قضيب أو عصا اعتبر دائما علامة على السلطة، ظهر بأشكال فيها بعض الاختلافات، خاصة في جزئية قمة العصا، فهناك الذي تنتهي قمته برأس الإله سِت، وآخر له مسكة مستطيلة.

وأيضا كثيرا ما ظهر الملوك وهم يحملون في إحدى اليدين فرع نخيل وغيره من المعالم الأخرى، لكن هذا الأخير حمله أفراد آخرون من الأسرة المالكة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى