في غزة.. سباقات شبابية في المناطق المفتوحة بعيدا عن أجواء الحرب | أسلوب حياة
غزة – “كسرٌ للروتين وترويح عن النفس”، بهذه العبارة علل مئات الشباب من مختلف مناطق قطاع غزة مشاركتهم في سباقات سيارات وخيول ودراجات نارية، تنظم للمرة الأولى منذ سنوات الحصار في الأراضي الواسعة الخالية من المباني والسكان على أطراف المدن.
بدأت الفكرة من أرض مطار غزة جنوبي القطاع، ثم منطقة زكيم (شمال)، قبل أن تنتشر في مختلف المناطق لاحقا، لا سيما في نهاية كل أسبوع، وقد تنوعت فيها النشاطات الترفيهية، ومنحت للشباب فرصة للترفيه بعيدا عن المعاناة الطويلة من سوء الاقتصاد والحصار وقلة فرص العمل، بالإضافة إلى الحروب التي لا تنتهي.
لا يتردد الشباب في الذهاب إلى مناطق السباقات برفقة أصدقائهم لمشاهدة هذه النشاطات المختلفة في أجواء من الرقصات الشعبية والدبكة والأهازيج والغناء الوطني والبدوي.
حماسة شبابية
رائد صقر (32 عاما)، وهو سائق دراجة نارية من شمالي قطاع غزة، يقول للجزيرة نت “الأمر ممتع جدا، شعرت بأنني أخرِج الطاقة السلبية التي بداخلي، بالطبع لا نستطيع فعل ذلك في الطرقات بسبب قوانين السير وسلامة الجميع، لكن في المناطق المفتوحة نشعر بحرية كبرى”.
يضيف صقر “المنافسة حماسية وجميلة جدا، والشباب لديهم روح التحدي. الجميع حولنا يهتف وينتظر العروض على الدراجة النارية. والأمر يحتاج إلى خبرة في الحركة وارتداء الخوذة حماية للرأس. وقد قررت تطوير نفسي في هذا المجال”.
مهرجان كبير
محمد سالم (27 عاما) من مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، يقول “لدي خيل أهتم بها وأرعاها منذ صغري، وكنت أخرج إلى شاطئ البحر لكي أتمشى بأحدها وأسابق معه أمواج البحر. وقبل فترة تواصل معي أحد أصدقائي لكي نذهب إلى أرض النخيل الخالية من المنازل، وهي مساحة واسعة جدا أشبه بالصحراء، اعتقدتُ أنه يريد أن نتجوّل بالخيول هناك، ولكن عندما وصلتُ وجدت مئات الشباب من مختلف الأعمار وأصوات الموسيقى وخيولا مختلفة ومتنوعة وكأنه مهرجان كبير”.
ويضيف سالم “كان الأمر جد ممتع، إذ شعرت وكأنني في إحدى الصحاري التي أشاهدها عبر التلفزيون في دول الخليج، وكنتُ أتمنى أن أزور هذه المناطق. بالفعل كانت فكرة مختلفة وأتمنى أن تستمر”.
هتافات الشباب تصدح في المكان
تنعكس البهجة على جماهير المشاهدين الذين يصطفون على التلال الرملية لمشاهدة السباقات المختلفة، وبعضهم يلتقط صورا بهاتفه لمشاركتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
يقول سائد حسن (25 عاما) “أتابع سباقات الصحاري على التلفزيون، هي أجواء ممتعة مختلفة عن الروتين الذي اعتدنا عليه، وبعيدا عن أصوات الطائرات والوجوه المتعبة من الحروب والظروف الاقتصادية الصعبة. هنا لا نسمع شكوى الناس من غلاء الأسعار. الجميع يستمتع بالرهان على الفائز في سباق الدراجات النارية وغيرها. اعتدنا على المكان نهاية كل جمعة حيث نمضي ساعات من العصر حتى غروب الشمس”.
ويضيف حسن “مجموعات شبابية كثيرة تقف على التلال الرملية في منطقة زكيم، وبعضها بجانب البحر، يأتي مجموعة من الشباب يقودون الدراجات وآخرون السيارات، وتبدأ المنافسة باستعراض الحركات والتفحيط الذي لا يستطيعون القيام به في الشوارع العادية بسبب قوانين السير وشرطة المرور، ولكن هنا لديهم مساحة كافية لكي يقوموا بما يحبونه، تلفتني مهارة الكثير من الشباب الذين يقودون دراجات نارية ولديهم أيضا زي مختلف يرتدونه خلال يوم الجمعة، يكون الأمر ملفتا جدا، وألتقط العديد من الصور والفيديوهات لمشاركتها على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تلقى إعجابا من أصدقاء ومتابعين من الخارج الذين يكتشفون وجها آخر لغزة”.
فرح رغم الألم
محمد عليوة (25 عاما) فقدَ قدمه خلال مسيرات العودة في عام 2018، يقول “هنا الشعور مختلف، وكذلك متعة المشاهدة. لا مجال للمقارنة بين أصوات الرصاص التي كانت تقنص الشباب على الحدود الشرقية، وبين هتافات الشباب لتشجيع بعضهم خلال الاستعراض والسباقات. الشعور بالأمان شيء لا يقدَّر بثمن. أشعر بالسعادة لأنني أحب الأمان لغزة، وهي تستحق الفرح بعيدا عن الألم الذي اعتادت عليه”.
ويضيف “يستقطب المكان الأطفال والشباب والمسنين. جميعهم يلفتهم التغيير الإيجابي. وأصبحت هذه السباقات نهاية كل أسبوع حدثا رئيسيا يستعد له هواة ركوب الخيل والدراجات النارية والسيارات”.