“إعدام في الشارع”.. منصات السودان تثور غضبا بعد مقتل متظاهر برصاص شرطي | أخبار
اشتعلت المنصات السودانية غضبًا، بعد مقتل أحد المتظاهرين -من مسافة قريبة برصاصة مباشرة في الصدر- خلال فض القوات الأمنية مظاهرات أمس الثلاثاء بمنطقة شرق النيل شرقي العاصمة الخرطوم.
وأعلنت لجنة أطباء السودان المركزية، في بيان لها صباح اليوم، مقتل الشاب “إبراهيم مجذوب” متأثرًا بإصابته البالغة، ومن جانبها دعت الشرطة “للبت في فيديو انتشر كالنار في الهشيم، ويظهر فيه أحد أفرادها يصوب السلاح تجاه المتظاهرين، بدلًا من تلفيق الأكاذيب”.
وقالت اللجنة في تغريدة “بهذا يبلغ العدد الكلي لشهدائنا بعد انقلاب 25 من أكتوبر/تشرين الأول 2019 إلى 125 شهيدا، وهم ليسوا أرقاما بل حياةً وارتباطات انقطعت عنا وأهدت قلوبنا الثبات، وأنارت لنا دجى الطريق”.
وتداول ناشطون سودانيون مقاطع فيديو توثق لحظة استهداف شرطي أحد المتظاهرين من على بعد أمتار قليلة، وقد سقط أرضًا وسط صراخ المحتجين، في مظاهرات خرجت للمطالبة بحكم مدني، ومحاسبة المتورطين في قتل المتظاهرين.
بلاغ وتبرير
وقالت شرطة ولاية الخرطوم في بيان إنه تم إبلاغها بـ “وفاة أحد المتظاهرين بمستشفى شرق النيل” وأكدت “اتخاذ الإجراءات القانونية، لكشف ملابسات الوفاة من قبل النيابة العامة”.
وادّعت الشرطة -في البيان المنشور عبر حسابها في فيسبوك- استخدام المتظاهرين لما اعتبرته “عنفا مفرطا” خلال مظاهرات محليات أم درمان والخرطوم وبحري ومحلية شرق النيل، مشيرة إلى حرق 3 سيارات للشرطة، وإصابة عدد من قواتها بإصابات متفاوتة.
وبعد غضب عارم على المنصات، أصدرت رئاسة الشرطة بيانا أكدت فيه اتخاذ الإجراءات القانونية حيال أحد منتسبيها، استنادا لمقطع الفيديو.
وأضافت “هو سلوك شخصي وتصرف مرفوض ومخالف لموجهاتنا بعدم التعقب أو المطاردة أثناء تعامل القوات مع المتفلّتين”.
وعبّرت الشرطة عن أسفها لما سمته “الحادث المؤسف” وقدمت التعازي لأسرة القتيل، إلا أنها أدانت الاستهداف الممنهج والمستمر على مراكز الشرطة بولاية الخرطوم، مؤكدة أن ذلك “يحقق رغبات وأمنيات الذين يسعون للفوضى والخراب”.
مطالب واستنكار
وعبّر مدونون سودانيون -عبر وسم #مليونية 28 فبراير– عن آرائهم إزاء ما حدث، وطالبوا بمحاسبة المتسببين في قتل الشاب، كما استنكروا بيان الشرطة بعد ما وصفوها بـ “جريمة الإعدام في الشارع”.
ونشر صحفيون ومدونون مقاطع فيديو ليلة أمس، أظهرت عددا من المتظاهرين وهم في طريقهم لمشرحة أم درمان، لتشييع جثمان الشاب مجذوب الذي قتل برصاص القوات الأمنية.
وقد استنكر رئيس الحركة الشعبية “لتحرير السودان” ياسر عرمان جريمة قتل الشاب، وندد في تغريدة له قائلًا “الجريمة لا تسقط بالتقادم وتُباعد بين شعبنا والحلول، هذه الجرائم ستستمر طالما هناك من يصدق بالذخيرة الحية ومن يُعطي الأوامر، المجد للشهداء والشعب سينتصر”.
وعبّرت الصحفية داليا الطاهر عن غضبها من بيان الشرطة، وأضافت عبر تويتر “حتى بعد اعترافهم بالجرم المشهود والموثق وإيقافهم للقاتل لم يكتفوا من الكذب والتدليس، فختموا بيانهم الهزيل بتجريم الثوار” وتساءلت “هل صعب عليكم الاعتراف بأن وسطكم قتلة؟”.
وقال المعلم زهير هشام طه: فاجعة الفواجع أن أرى صورة الطالب الذي أدرسه جثة هامدة على صفحات الفيس. وليس أفجع من مقتل الطالب إبراهيم مجذوب إلا الطريقة البشعة التي فارق بها الحياة! فإطلاق ضابط النار على صبية متظاهرين لا يتجاوزون العشرة ليس فقط مخالفة لقواعد الاشتباك بل مخالفة للقانون وكل الشرائع الدينية والإنسانية”.
واعتبر طه أن استفزاز المتظاهرين لأعوان الشرطة لا يبرر إطلاق النار، فالضابط سمّي ضابطا لأنه يضبط جنوده ويضبط نفسه (..).
وقد نشر عدد من النشطاء صورا للشاب القتيل أرفقوها بآيات من القرآن، وعبارات أخرى تؤكد رفضهم لما تقوم به السلطات.
مظاهرات وإجراءات
يذكر أن آلاف المتظاهرين خرجوا في العاصمة ومدينتي أم درمان (غرب) وبحري (شمال) بدعوة من تنسيقيات لجان المقاومة (نشطاء) رفضا للاتفاق الإطاري الموقع بين المكون العسكري بالسلطة وقوى مدنية.
وفي 8 يناير/كانون الثاني الماضي، انطلقت المرحلة النهائية للعملية السياسية بين الموقعين على الاتفاق الإطاري المبرم في 5 ديسمبر/كانون الأول الماضي وبين العسكريين والمدنيين، للوصول إلى اتفاق يحل الأزمة في البلاد.
وتهدف العملية السياسية الجارية إلى حل أزمة ممتدة منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، حين فرض رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان إجراءات استثنائية منها حل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين واعتقال وزراء وسياسيين وإعلان حالة الطوارئ وإقالة الولاة (المحافظين).
وقبل إجراءات البرهان الاستثنائية، بدأت بالسودان في 21 أغسطس/آب 2019 مرحلة انتقالية كان مقررا أن تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، يتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقَّعت مع الحكومة اتفاق سلام جوبا عام 2020.