Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
خبر عاجل

دبلوماسية الزلازل.. أي أثر أحدثته الكارثة في علاقات تركيا الخارجية؟ | سياسة


إسطنبول- وصل وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا، اليوم الاثنين، والتقى نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ 10 سنوات، وذلك لإبداء التضامن مع تركيا إثر الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب البلاد في 6 فبراير/شباط الجاري.

وليست الزيارة النوعية للمسؤول المصري وحيدة؛ ففي إطار التضامن الدولي الواسع مع تركيا على خلفية الدمار والضحايا الذين خلّفتهم موجة الزلازل، استقبلت أنقرة العديد من وزراء الخارجية والدبلوماسيين رفيعي المستوى من أنحاء العالم، كما شهدت البلاد اتصالات تُعد الأولى من نوعها مع دول لم تكن على وفاق معها.

وأعلنت وزارة الخارجية التركية أن الوزير مولود جاويش أوغلو أجرى 23 لقاءً وجها لوجه وأكثر من 70 اتصالا هاتفيا مع مسؤولين رفيعي المستوى زاروا تركيا واتصلوا للإعراب عن تضامنهم معها.

وشملت قائمة الزائرين والمتصلين وزراء خارجية كل من اليونان وأرمينيا ومصر وألمانيا والسويد وإسرائيل والولايات المتحدة. وهي دول لم تكن علاقاتها الثنائية مع تركيا تخلو من المنغصات والخلافات، رغم أن بعضها يرتبط معها بعلاقات تحالف وصداقة.

وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو (يمين) استقبل نظيره المصري سامح شكري في زيارة هي الأولى منذ أكثر من 10 سنوات (الأناضول)

دفء في العلاقات الدولية

واستقبل وزير الخارجية التركي نظيره المصري في مدينة أضنة جنوب البلاد، وهي إحدى الولايات المتضررة من الزلزال. ونوّه شكري إلى أن ما تقدمه بلاده من دعم لتركيا في مواجهة محنة الزلزال دليل على عمق العلاقة بين الشعبين.

وتعتبر زيارة شكري قفزة جديدة في عملية تطبيع كانت جارية بين أنقرة والقاهرة، وجاءت عقب زيارة قصيرة إلى دمشق التقى خلالها وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، وهي بدورها زيارة غير مسبوقة لمسؤول مصري بهذا المستوى إلى سوريا منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011.

وفي 19 فبراير/شباط الجاري، زار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تركيا أيضا، وأكد خلال لقائه نظيره التركي دعم إدارة الرئيس جو بايدن لبيع طائرات “إف-16″ (F16) إلى أنقرة، وهي إحدى القضايا العالقة بين الجانبين.

من جهته، أكد جاويش أوغلو ضرورة إنهاء الولايات المتحدة دعمها لما تسمى بـ”وحدات حماية الشعب الكردية” في سوريا.

وعلى صعيد القضية الأكثر حساسية، وهي انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي، فقد أعلن أمين عام حلف “الناتو” أنه اتفق على عقد لقاء ثلاثي لبحث هذه المسألة بعدما كان أعلن سابقًا إبان زيارته التضامنية لتركيا أن ثمة تقدّمًا في هذا الصدد.

وأعلن جاويش أوغلو الاثنين أن الاجتماع الثالث بشأن انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو سيعقد يوم 9 مارس/آذار المقبل.

هل تكون بديلا؟

يقول مدير التحرير في جريدة ديلي صباح التركية الناطقة بالإنجليزية محمد تشيليك إن “المقاربة الإنسانية” للمجتمع الدولي في التعاطي مع كارثة الزلزال المدمر في تركيا فتحت الباب أمام تخفيف التوتر وإنشاء أرضية مشتركة حيث يمكن بدء حوار ومفاوضات حول القضايا الخلافية.

إلا أنه حذر، في حديثه للجزيرة نت، من أن دبلوماسية ما بعد الزلزال لا يمكن أن تكون بديلا عن حل القضايا الخلافية، لأنها غير كافية لتغطية الخلافات، فضلا عن تجاوزها.

واعتبر أن الزلزال “أزاح السياسة إلى مرتبة ثانية في علاقات الدول” كنتيجة متوقعة لأي كارثة طبيعية يموت فيها عشرات الآلاف، لافتا إلى أنه بمجرد زوال تأثيرها ستعود الخلافات السياسية إلى مكانها المعتاد، حيث ستوضع مرة أخرى على الطاولة، وتتم مناقشتها في ظل أجواء مختلفة.

Greece's Minister for Foreign Affairs Nikos Dendias answers journalists during a Foreign Affairs Council meeting at the EU headquarters in Brussels on November 14, 2022.
زيارة وزير خارجية اليونان نيكوس دندياس التضامنية إلى تركيا فتحت الباب أمام إمكانية حل الخلافات بين البلدين (الفرنسية)

اليونان والعودة للدبلوماسية

وبالتزامن مع زيارة وزير خارجيته التضامنية إلى تركيا، كتب رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس على تويتر “اليونانيون والأتراك يقاتلون جنبا إلى جنب لإنقاذ الأرواح. ممتنون للجميع على ما فعلوه”.

من جهته، قال وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو خلال لقائه نظيره اليوناني “سنطبع علاقاتنا مع اليونان رغم تباين في وجهات النظر بين البلدين”.

ويرى رئيس مركز أنقرة لأبحاث السياسة والأزمات محمد سيف الدين إيرول، أن التطورات التي حدثت بين تركيا واليونان ضمن “دبلوماسية الكوارث” تشير إلى “العودة إلى الآليات الدبلوماسية”، رغم أنها ليست المرة الأولى التي تدعم فيها دولتان بعضهما في أوقات الكوارث.

وذكّر إيرول بإرسال تركيا -خلال الحرب العالمية الثانية- مساعدات لليونان التي كانت تواجه المجاعة، على متن السفينة “كورتولوش”.

وقال للجزيرة نت “عندما ننظر إلى الخطابات الدبلوماسية اليوم، من الضروري تفسير ذلك على نطاق أوسع في سياق العلاقة بين تركيا واليونان، وتعريفها على أنها دبلوماسية الكوارث”.

واستبعد رئيس مركز الأبحاث أي تغيير فيما يتعلق بالمشكلات الهيكلية بين تركيا واليونان، متوقعًا تمسّك الدول بمواقفها من قضايا الصراع. واستدرك بأن “الزلزال عزز من إمكانية الدبلوماسية” إلا أن التقدّم في هذا الصدد سيعتمد على موقف إدارة أثينا، بحسب إيرول.

وعلى المستوى الأوروبي الأوسع، افتتحت الجمعية العامة للبرلمان الأوروبي جلستها بالوقوف دقيقة صمت على أرواح ضحايا زلزال تركيا وسوريا. كما أعلن الاتحاد الأوروبي أنه سيعقد مؤتمرا للمانحين في 16 مارس/آذار المقبل لجمع التبرعات لضحايا الزلزال.

التمهيد لعلاقات أوسع مع أرمينيا

وعلى غرار اليونان، شهدت علاقات تركيا وأرمينيا خطوات نوعية على صعيد التقارب المتعثّر بين البلدين، إذ أقدمت يريفان على فتح معبر أليكان الحدودي مع تركيا لأول مرة منذ 35 عاما، للسماح بمرور مساعدات إنسانية إلى المناطق المتضررة من الزلزال في تركيا.

وأجرى وزير الخارجية الأرميني آرارات ميرزويان، زيارة تضامنية إلى تركيا في 15 فبراير/شباط الجاري، أكد خلالها رغبة بلاده في إحلال السلام بينها وبين تركيا وتطبيع العلاقات بشكل كامل بينهما.

ويقول الباحث والكاتب في العلاقات الدولية والمتخصص بشؤون الجمهوريات السوفياتية السابقة، باسل الحاج جاسم، إن الزلزال المدمّر كان سبب العملية المباشرة لفتح المعبر الحدودي بين أرمينيا وتركيا، مسرعا إجراءات مرتبطة بمسار سابق للحوار بين البلدين.

ويعتقد الباحث، في حديثه للجزيرة نت، أنه سيتضح لاحقًا إذا استمرت عملية فتح المعبر أم توقفت بعد فترة، عندها يمكن التحديد بدقة هل الموضوع مرتبط فقط بالتعاطف الإنساني الواسع، أو أن الأزمة جمعت الأمرين معا؛ المسار الإنساني ومسار التطبيع السياسي الجاري العمل عليه منذ فترة سابقة؟

وذكر الحاج جاسم أن تعاظم الانفتاح الأرميني التركي مرتبط بالعديد من الأمور، بعضها يتعلق بالعلاقات الثنائية بين يريفان وأنقرة، وبعضها يرتبط بالعلاقات بين باكو ويريفان ولا سيما ما يتعلق بإقليم ناغورني قره باغ.

ولفت الباحث إلى أن تحقق العوامل الموضوعية في كل ملف سيمهد بالتأكيد الطريق لعلاقات أوسع بين تركيا وأرمينيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى