زميلتها وصفتها بـ”القبيحة”.. وفاة طالبة مصرية بسبب التنمر | أخبار
توفيت طالبة مصرية إثر تعرضها لأزمة قلبية حادة عقب تعرضها للتنمر من قبل زميلاتها في المدرسة.
وبحسب ما نشرت صحيفة “المصري اليوم” أمس السبت، فقد “توفيت رودينا أسامة (طالبة بالصف الأول الثانوي عمرها 16 عاما) بعد تنمر زميلاتها عليها بإحدى المدارس في منطقة الهرم بالجيزة”.
وقال عدد من شهود الواقعة للصحيفة إن زميلات الضحية تنمرن عليها بقولهن “أنت لست من مستوانا حتى تلعبي معنا، أنت وحشة (قبيحة)، إزاي (كيف) مستحملة (متحملة) شكلك؟”.
وروى شهود عيان وأفراد من عائلة رودينا أنها خرجت من المدرسة إلى منزلها وهي في حالة انهيار تام، لتحكي لشقيقتها ما دار داخل المدرسة من جانب زميلاتها، قبل أن تسقط على الأرض فجأة وتفارق الحياة حزنا.
والد رودينا قال إن “مشادة دارت بين ابنته وزميلاتها اللاتي كتبن أسماءهن على الديسك الخاص بها في الفصل متعمدات مضايقتها، لتوبخها إحداهن، وحين حكت لي ما حدث قلت لها لا داعي للقلق”، حسب الصحيفة.
من جانبها، نقلت صحيفة “القاهرة 24” عن والد رودينا قوله “فوجئنا بعدها بأن رودينا سقطت مغشيا عليها داخل الشقة بعد تعرضها لأزمة نفسية، وتوقفت عن الحركة والتنفس”.
وقالت الصحيفة إن غرفة عمليات النجدة في الجيزة تلقت إشارة من المستشفى تفيد باستقباله جثة إحدى الفتيات تدعى رودينا، وبتوقيع الكشف الطبي عليها تبين أنها تعرضت لأزمة قلبية حادة.
ما التفسير العلمي لوفاة رودينا؟
التفسير العلمي لوفاة رودينا يشرحه المركز الطبي الأكاديمي الأميركي “كليفلاند كلينك” في إجابته عن سؤال: هل يمكن أن يؤدي “القلب المكسور” (التعرض لموقف محزن) إلى الوفاة؟
الموقع أجاب عن السؤال بقوله “يطلق عليها متلازمة القلب المكسور، والتي يمكن أن تحدث عندما يتسبب حدث عاطفي أو صادم للغاية في زيادة هرمونات التوتر، ويمكن أن تعرضك هذه الهرمونات لحدوث فشل القلب على المدى القصير، مما قد يؤدي إلى الوفاة”.
وربط الموقع أيضا بين المشاعر السلبية القوية، مثل الاكتئاب والغضب والخوف وبين الإصابة بأمراض القلب.
هل يتسبب الحزن بما يشبه النوبة القلبية؟
يطلق على “متلازمة القلب المكسور” أيضا اسم “اعتلال تاكوتسوبو لعضلة القلب” (Takotsubo Cardiomyopathy) تيمنا بالطبيب الياباني الذي اكتشف المتلازمة.
ويصاب المتوفى عادة بهذه الحالة استجابة للتوتر العاطفي المفاجئ -خاصة الحزن- وهو أكثر شيوعا عند النساء منه لدى الرجال.
ويوضح طبيب القلب مارك جيلينوف أن “من متلازمة القلب المكسور قد تنتج عن عوامل هرمونية وتقلصات في الشرايين، ويمكن أن تشبه النوبة القلبية التي تحدث بسبب تجلط الدم في الشرايين”.
ولأسباب غير مفهومة يواجه المصاب ارتفاعا كبيرا في الأدرينالين الذي يمكن أن يحفز نوبة قلبية، فتتوقف عضلة القلب عن الانقباض، وتبدو كأنها نوبة قلبية عند إجراء تخطيط للقلب.
وفي معظم الأحيان عندما ترتخي التشنجات ويستأنف تدفق الدم يصاب المريض عادة بأزمة قلبية، وإذا لم يتحسن قصور القلب فقد يتسبب في الوفاة في حالات نادرة للغاية.
هل يزيد الاكتئاب خطر الإصابة بأمراض القلب؟
الأشخاص المصابون بالاكتئاب لديهم احتمالية متزايدة للإصابة بأمراض القلب، والعكس صحيح، كما أن المشاعر السلبية تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة تفاعل الأوعية الدموية واحتمالية حدوث جلطات دموية، وهذا هو السبب في أن المشاعر المسببة للتوتر يمكن أن تؤدي إلى نوبة قلبية لدى الأشخاص الضعفاء.
التنمر.. تجربة مريرة قد تؤدي إلى المرض أو الانتحار
أما في ما يتعلق بالتنمر فيقول خبراء إن مختلف المجتمعات في شتى أنحاء العالم تعاني من هذه المشكلة التي تأتي بصيغ وأشكال متعددة وفي مراحل عمرية مختلفة لعل أخطرها هو التنمر في المدارس وأثناء مرحلة الطفولة.
وتشير الأبحاث والدراسات العلمية الحديثة إلى أن آثار التنمر في مرحلة الطفولة يمكن أن تستمر عقودا طويلة، وتحدث تغيرات طويلة الأمد يمكن أن تعرضنا لخطر الإصابة بالأمراض العقلية والجسدية.
وحسب ما أفادت ورقة بحثية نشرت في مجلة “هارفارد للطب النفسي” (Harvard Review of Psychiatry)، فإن المرأة التي تعرضت للتنمر عندما كانت طفلة تزيد احتمالية إصابتها باضطراب الهلع في سن الشباب بمقدار 27 مرة، أما عند الرجال فقد أدى التنمر في مرحلة الطفولة إلى زيادة قدرها 18 ضعفا في التفكير بالانتحار.
وأكدت الدراسة أن التنمر يضر بمعدل العلامات التي يحصل عليها الضحايا في المدرسة، مما يؤثر على تحصيلهم العلمي، وهو الأمر الذي يقلل فرص عملهم في المستقبل، مما يعني أنهم سيكونون أكثر عرضة لتجربة عدم الاستقرار المالي والبطالة في سن الرشد.
وأشارت الدراسة إلى أن التنمر يزيد إمكانية الإصابة بالالتهابات إلى درجة تهديد جهاز المناعة، لأن الالتهاب المرتفع والمتكرر يساهم في تآكل أعضاء الجسم، مما يؤدي إلى حالات مرضية خطيرة، مثل مرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية.
وأوضحت الدراسة أن بعض المعلمين كانوا يؤيدون ضمنيا التنمر من خلال غض الطرف عن القضايا الواضحة التي كانت تجري أمام أعينهم، كما كانت بعض المدارس تتسامح مع أنواع معينة من التنمر لأنها تعكس تحيزات اجتماعية أوسع.
وأبلغت نسبة كبيرة من أطفال الأمهات المتهمات قضائيا أو اجتماعيا عن المضايقة أو التنمر بسبب عائلتهم، كما أن من المرجح أن يتعرض الكثير من طلاب الأقليات العرقية للتنمر وتغض مدارسهم النظر عن هذا السلوك، وفق مراقبين.
وقالت الاختصاصية النفسية الدكتورة أميرة حسن لموقع الجزيرة نت إن آثار التنمر تشمل مشاكل النوم والصداع وآلام المعدة، ومشاكل نفسية وعاطفية وسلوكية على المدى الطويل كالاكتئاب والشعور بالوحدة والانطوائية والقلق.
وقالت إن هناك 3 معايير تجعل التنمر مختلفا عن غيره من السلوكيات والممارسات السلبية، وهي التعمد والتكرار واختلال القوة، مشيرة إلى أن الدراسات أثبتت أن ضحايا الانتحار بسبب التنمر في ازدياد مستمر، خاصة بعد وجود التنمر الإلكتروني.
برنامج أولويوس لمنع التنمر
يعد برنامج “أولويوس لمنع التنمر” (The Olweus Bullying Prevention) أحد أكثر البرامج التي تم اختبارها على نطاق واسع، وقد تم تطويره من قبل عالم النفس السويدي النرويجي الراحل دان أولويوس الذي قاد الكثير من الأبحاث الأكاديمية المبكرة حول إيذاء الأطفال.
ويعتمد البرنامج على فكرة أن الحالات الفردية للتنمر غالبا ما تكون نتاج ثقافة أوسع تتسامح مع الإيذاء، ونتيجة لذلك يحاول معالجة النظام البيئي للمدرسة كاملا حتى لا يزدهر هذا السلوك السيئ فيه.
يشار إلى أن الإحصائيات العالمية وجدت أن واحدا من بين 3 أولاد يتعرض يوميا للتنمر، و75% من الأولاد شهدوا تنمرا على الآخرين، و70% من المسؤولين في المدارس رأوا تنمر الأولاد على نظرائهم، و57% من حالات التنمر توقفت عند تدخل الآخرين.